قبل أن أدخل في موضوعي اليوم، أحيي إذاعة الرياض فعلاً على استضافتها الإعلامي السعودي محمد عبدالله الشبل الشهير بماجد الشبل، والذي تعرض لجلطة قبل سنوات أقعدته عن العمل، وظل حبيس المنزل يخرج بصعوبة ويتحرك بصعوبة شفاه الله، وما قامت به الإذاعة من إجراء لقاء معه هو لمسة وفاء يحتاجها كل من يرقد وحيداً، خصوصاً إذا كان رجلاً بقامة الشبل الذي ولد من أب نجدي وأم شامية كما يقول في اللقاء الإذاعي، ويمثل الجيل الأول (جيل الرواد) في الإذاعة والتلفزيون السعودي، وله صوت شجي لا تخطئه الآذان يزينه إلقاء رائع ارتبط بأزمنة أروع، فتكريم هؤلاء وهم أحياء مطلب مهم لإحياء ذكراهم قبل وفاتهم!
وفي أروقة الإذاعة أيضاً كنت أستمع في أحد نهارات رمضان لبرنامح إذاعي ديني ودار هذا الحوار بين المذيع والمتصل:
أخوي محمد: هل تسمعني؟
المذيع مرة أخرى: معنا محمد ولا انقطع الخط؟
ويأتي على الطرف الآخر صوت محمد: ألو، وبدا الفرح واضحاً على صوت المذيع: نعم محمد نسمعك.
محمد: السلام عليكم. فيرد المذيع السلام ويستعجل المتصل ويقول تفضل الشيخ يسمعك.
محمد: ممكن أكلم الشيخ؟
هذه المرة جاوبت أنا: أكيد ممكن، (أجل ليه متصل؟).
محمد: سلام عليكم يا شيخ، فيرد الشيخ التحية بأحسن منها، ثم يقول محمد: يا شيخ والله إنا نحبك في الله، وأنا أتابع برامجك كلها يا شيخ، فيرد الشيخ: أحبك الله الذي أحببتنا فيه، ويستحثه على الاستعجال: سؤالك جزالك الله خيراً؟
ثم بيدأ المتصل بسيل من الأسئلة المتقطعة حتى يوقفه المذيع أو يضطر (الكنترول) لقطع المكالمة، يفهمها المذيع طبعاً ويقول ملطفاً الجو:
انقطع الاتصال نأخذ اتصالاً آخر، وهكذا تنهمر الاتصالات، وينهمر الهدر الكلامي وينتهي نصف البرنامج دون أن نستفيد إلا القليل من الوقت الذي يفترض أن يصل إلى ساعة، فإذا ما حسبت الفائدة تجدها ربما تقلصت إلى الثلث وربما إلى النصف، بسبب ثقافة بعض المتصلين الذين يظنون أن الوقت ملك لهم وحدهم، ويفوتون على المستمعين الاستفادة من برامج مباشرة تكلف الإذاعة الكثير.
وليت مثل هذه النوعية من المتصلين تستفيد من البرامج الحوارية المباشرة في الإذاعات الأخرى التي تعتمد أسلوب (كلمة ورد غطاها) كما يقول المثل الشعبي، فمشاعر الحب والتقدير ليس هذا مكانها، والمبالغة في السلام ليس مطلوباً حينما يكرر المتصل كيف الحال ياشيخ وش أخباركم؟
لماذا لا تكتفي بتحية الإسلام فقط، وتدخل في صلب سؤالك الذي يفترض أن تحضره مسبقاً ويكون مكتوباً حتى لا ترتبك إذا بدأت المكالمة وتضيع الفكرة لعدم صياغتها بشكل جيد، فهذه البرامج ملك للجميع وهي كالمال العام من واجبنا جميعاً المحافظة عليه.
وثمة أمر آخر لا يقل أهمية عن الأول وهو اختيار الأسئلة فمعظم المتصلين يركزون على أسئلة أكل عليها الدهر وشرب، وبعضها يمكن أن يجيب عليه أقرب شيخ في الحارة، أما أطرف ما سمعت في إحدى الإذاعات أحد الشباب اتصل في برنامج إذاعي وقال للمذيع: ممكن أكلم الضيف، فقال للضيف: يا شيخ ممكن سلف؟!
Mk4004@hotmail.com