Al Jazirah NewsPaper Sunday  28/09/2008 G Issue 13149
الأحد 28 رمضان 1429   العدد  13149
هل تخلت الزوجة العاملة عن التزامها ؟
مندل عبدالله القباع

من المتيقن لدينا، وما يعلمه القاصي والداني أن المرأة في مجتمعنا الناهض، في المملكة العربية السعودية قد نالت بل وتمارس - ليس في الظاهر بل في الواقع، وليس في الشكل بل في موضوعه - وتزهو بحقوقها الشرعية، وفضلاً على أن دور المرأة ومكانتها أصبح محل اعتبار واحترام من الجميع لدورها البارز في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ويرجع هذا لأمرين: الأول أن النساء شقائق الرجال، كما يقول صلى الله عليه وسلم، ولذا فحقها الواجب عليها ملازم لحق الرجال والتزام بما أوجبه الله عليه، وأنها نصف المجتمع تقريباً ويتوجب إذاً إتاحة الفرصة للمرأة كيف تقف جنباً إلى جنب الرجل للمشاركة في مناشط الحياة المختلفة في ضوء عادات وتقاليد ومثل متعارف عليها وبات لها دور إيجابي بل وفعال في تحمل عبء التنمية والتطوير، فإذا كانت المرأة تعمل متى أوجبت الضرورة ذلك، فها هي الضرورة ملحة للمساهمة في سد حاجات الأسرة وفي ظل واقع اقتصادي داهم، وما تعرضه متطلبات التنمية وموجبات التطور ومستلزمات الحراك الاجتماعي، ومسؤوليات تأمين المستقبل.

من هذا المنطلق اصبح التعليم والثقافة محدداً اساسياً في الانطلاق نحو المستقبل الواعد والذي يتمثل في العمل على إحراز التقدم المادي والإنساني حتى لا نتخلف عن تلك الدول التي سبقتنا في هذا المضمار.

وما من شك أن مردود مخططات التنمية هو إعادة صياغة شكل الحياة الاجتماعية بما يدفع بامكانات التقدم المادي والإنسان فإذا لم يكن ذلك كان العكس تخلفاً وتأخراً عن ركب التقدم النهضوي إذن تعليم المرأة كحق من حقوقها المشروعة وإعدادها وتأهيلها للمشاركة في المناشط الحية المختلفة - اجتماعية واقتصادية - وأية مجالات أخرى لبلوغ التقدم.

ويترتب على ذلك أهمية وعي القائمين على المجتمع بثلاثة محاول أساسية حول دور المرأة ومكانتها في الواقع المعاصر.

الأول : علاقتا التفاعل بين المرأة والبيئة الاجتماعية (الأسرة) والبيئة المهنية (العمل).

الثاني : أثر هذه العلاقات في إنسان المجتمع الأخرى في ضوء التجارب وما اكتسب من خبرات.

الثالث : أثر العلاقات المتداخلة بين المرأة وبيئتها المتداخلة وإنسان المجتمع المختلفة وعملية التوافق الاجتماعي.

ويتم التوافق الاجتماعي من خلال إشباع الحاجات الأساسية وتحقيق مستوى معيشي مناسب.

إذن عملية التقدم تحتاج مشاركة المرأة في جهود التنمية والاستفادة بالامكانات المادية والبشرية المتاحة لأقصى إشباع ممكن حتى يمكن التوافق السيكلوجي مع هذه الأنماط الجديدة للحياة المعاصرة والمتوقع الموضوعي وليس الظني أو التخيلي هو عملية إحداث تغيرات في البناء الاجتماعي وفي التصورات المفاهيمية في المجتمع والتي تعمل على إمكانية التغيير المادي واللامادي في المجتمع.

وإن هذه التغييرات البنائية والمفاهيمية تؤدي بالضرورة إلى التوافق الاجتماعي والتكيف الثقافي مع ما هو مستجد في الواقع الاجتماعي بفصل المخططات التنموية الوطنية نحو التكامل الاجتماعي، وتحقيق استراتيجيات التنمية التي تتمثل في تغيير نمط الحياة والارتفاع بمستوى المعيشة مع الارتقاء بمستويات الدخول بزيادة الدخل القومي وبالاستثمار الجيد فيما نمتلكه من موارد طبيعية، ووضع مخططات التصنيع وتنظيم دورة في علاقات الداخل والخارج ويترافق معها نشوء الشركات الأجنبية وكم لها دور في احداث تغييرات مرغوبة يعززها نواتج الدراسات العلمية والمعلوماتية والتكنولوجية الحديثة التي تتفق مع إمكاناتنا المادية والبشرية (الرجال والنساء) وما لحق بالمرأة شأن الرجل - من تأهيل فكري وتعليمي - من تغيير نظرتها من تميز في دورها التنموي وحصولها على حقوقها، وتوليها مواقع عمل هامة ذات مراكز حضارية، وحصولها على الاستقلال الاقتصادي وارتفاع مستواها الثقافي مما أهلها بمهام فاعلة في كافة مجالات التنمية المستدامة وعلى كافة المستويات مستخدمة في ذلك قدرتها وخبراتها وكفاءتها العلمية والمهنية.

ومن حسن القول أن المناخ الاجتماعي العام في مجتمعنا يعتبر مناسباً لقيام المرأة بدورها الفعال في مخططات التنمية بهمة وثقة في النفس ونضج في الشخصية وتعديل اتجاهات التنشئة الاجتماعية مما يؤثر بالايجاب في شخصية المرأة ويزيد من التزامها والثقة في النفس.

وإزاء ذلك فثمة سؤال مطروح على صعيد المرأة العاملة:

هل المرأة العاملة تستطيع التوفيق بين متطلبات الأسرة ومهام العمل؟

تقول خبيرة في الموارد البشرية: نعم تستطيع أن تحقق التوازن بينهما، ومما يجدر ذكره أن أطفال الأم العاملة أفضل حالا من الأم القابعة بالمنزل، وأن الأم المتفرغة لبيتها ليس أمامها سوى أداء دور واحد وهو خدمة المنزل ومن فيه، وكون أنها لا هم لها سوى أطفالها فهي تركز جل همها فيهم، وعملية التمركز حول الأطفال قد تأتي بعواقب وخيمة: أولاً اختزال معارفها وعدم الخروج لزيارة أحد، أو الخروج على المصحة أو للمتجر فتنزوي بعيداً عن الناس فتصاب بالتوتر والقلق وقد يصل لحد الاكتئاب للفراغ الكبير في حياتها، فلا تجد من سبيل لشغل الفراغ إلا أن تراقب زوجها وأبناءها مما ينعكس سلباً في علاقات التواصل.

أما الأم العاملة فهي أكثر توافقاً لما لها من فرصة سانحة لتأكيد الذات متى كانت تحرز نجاحاً وتقدماً في عملها وكوفئت عليه بالاستحسان مما يجعلها تشعر بالأمن والأمان النفسي والاجتماعي لها ولمن في المنزل حيث تسود أمارات الصحة النفسية فتستطيع أن تعطي كل شيء حقه في توازن جيد. وذلك بالتوفيق بين الأسرة والعمل وبذلك يتحقق توازنها النفسي تبعاً للتوافق الاجتماعي، والمرأة التي تستطيع تحقيق الأدوار وإن كانت مختلفة (عمل - منزل - زوج - أطفال - أقارب ...الخ) تتمتع بذكار اجتماعي وبشخصية إيجابية.

إن المرأة العاملة يمكنها القيام بعملية تحليل موضوعي لمواطن القوة والضعف في حياتها العامة بما يدفع بها إلى تصحيح المواقف باستمرار السالب منها ودعم الايجابي فيها.

والمرأة العاملة تقدر قيمة الوقت بينما المرأة المتفرغة لا تشعر بالوقت وإذا شعرت به فإما أن يكون مقلوباً أو معطوباً أو مبدلا، وهكذا تكون المرأة العاملة أكثر إدراكاً لكيفية استغلال الوقت ليكون فعالاً ومنتجاً.

إلا أن عددا من النساء العاملات - ومن أسف لا يعرفن كيفية الموازنة بين الاهتمامات العائلية، واللوازم المنزلية، ومهامهن الوظيفية حيث أخفقن في توزيع الوقت بين الأسرة والعمل، ولم يتفاعلن تفاعلاً سوياً مع أفراد الأسرة، وبلغ بهن الأمر أن يعتذرن عن أداء شيء في المنزل: وإما تركته للخادمة - أياً كان جنسيتها - أو للزوج والابناء تحت شعار (اتركوني لحالي أنا متعبة) وأحياناً يستجيب الزوج للأمر الواقع فإما يقوم هو بإعداد ما يلزم داخل المنزل - تشبها بالغرب تحت مظنة المساعدة المنزلية - أو يضطر آسفاً لطلب طعام من الخارج، وفي نفس الوقت يفكر الأبناء دوماً إما مساعدة الام بقضاء بعض الحوائج، أو ترك الامور على علتها وينسحبون من الموقف للجلوس أمام التلفاز، أو الألعاب الكمبيوترية أو النت أو لعب الورق أو تعاطي الدخان أو الهرب من المنزل ومخالطة رفاق السوء.. وكم هو موقف مقلق على الحياة الأسرية عامة وعلى الأبناء خاصة.

وهذا يدعونا للقول: أنه ليست كل امرأة عاملة موفقة في حياتها وليست كل امرأة متفرغة ناجحة، هذا ما أثبته الواقع عند تحليل أسباب ودوافع الطلاق فبعض الرجال لا يقوم بواجبه تجاه أسرته وزوجته وكذلك المرأة التي قد يكون منهن لا تعرف الحقوق الزوجية والمنزلية فيحصل التصدع الاجتماعي بالطلاق.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد