بعد قراءتي لكتاب قيِّم للشيخ الجليل العلامة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - عنوانه: البيان لأخطاء بعض الكتاب، مجموعة ردود ومناقشات في موضوعات مختلفة.
أحببت أن أنقل مقتطفات منه، لعلها تقدم إضاءات ورؤى تتناسب مع بعض ما يطرح من نقاشات على ساحة الرأي والفكر هذه الأيام، وللشيخ - حفظه الله - الحضور الأبرز فيها.
في رده على كاتب في إحدى الصحف المحلية، تذمر (الكاتب) من كثرة العلوم التي تدرس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مما يجعل الدارس فيها دائرة معارف متنقلة - كما يقول الكاتب -، فيقول الشيخ: فهذا عيب بما هو كمال ومدح، فهو على حد قول الشاعر:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
بهن فلول من قراع الكتائب
ونقول للكاتب: إذا كانت قد أثقلتك تلك العلوم، ولم تستطع فهمها وحملها، فعب نفسك ولا تعبها:
فنفسك لُمْ ولا تلم المطايا
ومت كمدا فليس لك اعتذار
إن جامعة الإمام محمد بن سعود حينما تقرر تدريس تلك العلوم ضمن مناهجها، إنما تقوم بمسؤوليتها نحو دينها وأمتها، وهي التي أسست من أجلها، فهي التي تخرِّج للمسلمين: القضاة والدعاة والمدرسين والمفتين ..) انتهى.
وقال ضمن ردوده على الشيخ محمد علي الصابوني في: (إنما اسمي صالح بن فوزان، فلماذا لا تسميني باسمي الذي سميت به؟) فيا له من تواضع جم من الشيخ صالح وهو يطالب الصابوني بأن يناديه باسمه، فلم يطالبه بأن يسبق اسمه بشيخ أو دكتور وخلافها من الألقاب التي يحرص الكثير على أن تسبق أسماءهم..!
ثم نرى الشيخ في موضع (تعقيب) آخر من هذا الكتاب القيِّم يخاطب الشيخ محمد المجذوب بن مصطفى قائلا: من صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان إلى صاحب الفضيلة العلامة الشيخ الجليل محمد المجذوب بن مصطفى حفظه الله وزاده علما نافعا وعملا صالحاً آمين.
فنراه يقدم ألفاظ التوقير والاحترام لهذا الشيخ الفاضل ويدعو له قبل البدء بتعقيبه - حفظه الله -، وهذا ديدنه مع كل الشيوخ في بلادنا أو من خارجها.
وقال الشيخ في تعقيب على إحدى الصحف بعد نشرها خبراً عن تقرير لرئيس مؤسسة علماء الفلك في بيرو، مفاده أن نيزكاً كبيراً سيصطدم بالأرض في عام (2115م) وأن هذا الاصطدام سيؤدي إلى فناء الحياة على الأرض وحدوث كوارث:
(لا يخفى ما في هذا من خطر على العقيدة، وتغرير بالقراء، وترويج للباطل، نرجو أن تنزه صحافتنا عن مثله) انتهى كلام الشيخ.
ألا ترى عزيزي القارئ أن هذا الخبر شبيه بما يثار هذه الأيام عن تجربة صادم الهدرون التي يحاكون بها الانفجار الكوني الكبير - بزعمهم -؟ فالله وحده هو الذي يعلم كيف نشأ الكون بمجراته وكواكبه وسمائه، فهو خالق كل شيء، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
وفي ردٍ للشيخ صالح على لقاءٍ مع كاتب شهير نشر في مجلة عربية تحت عنوان: (الإسلام والعروبة والقومية أشكال مجازية لمضمون واحد) يقول: هذا القول فيه تمويه على الجهال والأغرار بأن الإسلام يقر الانتماء إلى العنصريات والقوميات، وان العروبة والقومية تسد مسد الإسلام.. فالإسلام لا يقر العنصريات والنعرات القومية بل يحاربها.
ثم إذا كانت بمعنى واحد، فلأي شيء جاء الإسلام؟ (انتهى).
ثم يمضي الشيخ بردوده وتعقيباته النيرة، ومنها تنبيه ثم تعقيب على ما نشر في مجلة سعودية حول (الأناشيد) وهو تعقيب يتضمن رأي الشيخ بها، أنقل منه هذا الجزء الذي من خلاله نرى بعد نظر الشيخ - حفظه الله - حول بعض المسائل، فيقول جزاه الله خير الجزاء:
إن محاولة تسمية هذه الأناشيد بأنها إسلامية محاولة فاشلة، لأن تسميتها بذلك يعطيها صبغة الشرعية، وحينئذ نضيف إلى الإسلام ما ليس منه.
وقولكم: إن أناشيد الصوفية لا تخلو من الآلة التي تقرن بتلحين الغناء.
هذا فارق مؤقت، فربما يأتي تطوير جديد لأناشيدكم يدخل فيه استعمال الآلة فيها، وتسمى موسيقى إسلامية أو دف إسلامي، ويزول الفارق عند ذلك، كما ورد أنه في آخر الزمان، تغير أسماء بعض المحرمات وتستباح كاسم الخمر واسم الربا وغير ذلك (انتهى كلام الشيخ - حفظه الله -).
ولا يخفى على الكل ما يسمى هذه الأيام الأغاني الإسلامية أو الدينية!
فقد بدأت بما يسمى أناشيد إسلامية، وتطور الأمر إلى أن وصل إلى ما وصل إليه من تسميتها جهلاً أو عمداً فالأمر سيان وهو أنها تسمية جائزة:
فالنشيد أصبح غناءً، سواءً كانت الموسيقى الداخلة عليه من أدوات موسيقية أو من طريق آخر كالكمبيوتر مثلاً!!
* إشارة:
يقول الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها).
al-boraidi@hotmail.com