Al Jazirah NewsPaper Sunday  28/09/2008 G Issue 13149
الأحد 28 رمضان 1429   العدد  13149
من مظاهر الاختلاف!
مدعث بن فارس المقاطي

إن من مظاهر الاختلاف التي تقلق بعض الغيورين على اجتماع الأمة في أمر عظيم من أمور دينها مخالفة بعض المؤذنين للتوقيت المحدد لأذان صلاة العشاء في شهر رمضان حيث حددت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف أن أذان صلاة العشاء يكون بعد مضي ساعتين من أذان صلاة المغرب مراعاة لمصالح المصلين وأحوالهم حيث يجدون الوقت الكافي الذي يتيح لهم أداء صلاة التراويح والقيام براحة وطمأنينة ثم ترى كثيرا من المؤذنين هدانا الله وإياهم لا يلتزمون بذلك وإنما يخالفون النظام ويتفرقون في وقت النداء لصلاة العشاء بتفاوت يصل إلى عشرين دقيقة أو تزيد في الحي الواحد.

علما أنه ليس هناك ما يدعو إلى هذا الاختلاف شرعاً لأن وقت صلاة العشاء يمتد من غروب الشفق الأحمر إلى نصف الليل لما روى مسلم عن عبدالله بن عمرو (ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط). ولحديث جابر رضي الله عنه: (أن جبريل أم النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه في اليوم الأول فقال قم فصله فصلى العشاء حين غاب الشفق وجاءه في اليوم الثاني حين ذهب نصف الليل فقال قم فصله فصلى العشاء حين ذهب نصف الليل).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل وحتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى وقال: إنه وقتها لولا أن أشق على أمتي).

ومن المقرر عند أهل العلم أن الأفضل في وقت صلاة العشاء التأخير ما لم يخرج وقتها ما لم يكن ثم مشقة حيث نصوا أنه إذا كان ثم جماعة في سفر أو بادية أو قرية فتأخير صلاة العشاء أفضل ما لم يشقوا على أحد إذا رأوا ذلك.

وقد كان صلى الله عليه وسلم يراعي الأخف على الأمة فعن جابر رضي الله عنه قال: (والعشاء أحياناً وأحياناً إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطؤوا أخر).

فمراعاة حال المصلين والرفق بهم واجتماع أمرهم مقصد مهم يجب الاعتناء والاهتمام به.

والاختلاف والتفرق بوجه عام لن تجني الأمة من ورائه خيرا البتة ولهذا أجمع أهل العلم على وجوب طاعة ولي الأمر ونقل هذا الإجماع النووي رحمه الله عن القاضي عياض وغيره وقد بين الله سبحانه هذا الأمر في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بياناً شافياً كافياً فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}وقال تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.

ومن بيانه في السنة النبوية ما ثبت في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله) وقال صلى الله عليه وسلم (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) متفق عليه.

ومما تقدم يتضح لنا عظم هذا الأصل الأصيل في ديننا الحنيف الذي يحث على الاجتماع وعدم التفرق وعلى السمع والطاعة لولي الأمر في كافة الأمور، ولا شك أن توحيد الأذان والالتزام بما صدر عن الجهة المعنية التي تمثل ولي الأمر يندرج تحت هذا الأصل العظيم بما فيه من المصالح التي لا تخفى على كل ذي بصيرة وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

ماجستير في علوم القضاء والأنظمة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد