مضاوي.. يا أخت عمري.. لماذا كل عام في هذا الزمن تطرقين أبواب ألمي وتوقظين الحزن في جوفي.. يغزوني الخوف قبل موعدك.. لتتهادى خطوتي إلى بيت الله في أول ليلة رمضانية وفي أعماقي سكينة تثير الضجر، أتبتل إلى الله ألا يستيقظ حزني على رحيلك وأهرب من محراب صلاتك لئلا أرى عينيك ويصافحك قلبي حينما أدلف الباب ابتهالا وما علمت أن الأماكن كلها تحمل وقع اقدامك وعودك يملأ الأنفاس وتشهقه الرنة.. يا أنت يا مضاوي.. اغفري لي يا حبيبة قلبي تقصيري في الدعاء لك ووالله ورب الناس ما توقف قلبي عن الدعاء لك الا حينما يسرقني نوم عميق ثم أراك في المنام تتقلب بين أحضانك متاعبي تارة معك وأخرى مع جدتي حتى إذا ما غفا سهدي حملتني اذرع أبي لاشهق الحلم العميق وكأنني مع الأموات في موعد يتقاذفني فيه التاريخ حتى أكون وقفا على جراحاتي..!!
ما هذا الذي يسكن خيالاتي ما إن يرحل أحبتي الا ويباغتني شعور مقيت وكأن كل واحد منهم يذهب ليحمل بين يديه حفنة من عمري وسعادتي.. هكذا يتسرب العمر هباء لهم..
يا أنت يا مضاوي يا نوارة أضلعي وقنديل ظلماتي.. هبيني صبرا أتنفس به حزني عليك حتى يكون كالدقيق.. لماذا تتوغلين في كبدي وتتغلغلين بين حويصلاتي.. لماذا لا أنساك مثل ما يذهب الأموات.. لماذا حزني عليك يتجدد وترحلين في كل عام مرة أو مرتين؟!
لماذا أجدك في الطرقات وبين الزوايا وفي أعين الناس ووسط ضجيج صدورهم واحسك مع الحياة في كل خفقة ولسعة دمعة تحرق خدي كلما دوى صوتك الحنون في مسامعي.. لماذا تمعنين في عذاب رحيلك.. وتموتين أمام عيني في كل عام مرة.. لماذا مكانك هذا الذي ينكفئ عليه قدراً لا يزال يحمل قدمك.. وحجم جسدك.. ورائحة بخورك.. وتملأ أرجاءه ابتهالاتك التي كنت اسمعها وأنا في الصف الأول وكنت في الصف الأخير.. لماذا كنت تكثرين السؤال علي ربي (أن يجعلك من حيلك لقبيرك) حتى استجاب لك وأخذ أمانتك من بين يدي وما عرفت استوقف القدر لأجلك وكل نبض في جسدي يصرخ بألا ترحلين.. يا مضاوي.. غيبي يا حبيبتي فوالله ورب السماوات السبع والأرض ما عاد في قلبي شبر يتحمل الأسى..!!!
- عنيزة