Al Jazirah NewsPaper Saturday  27/09/2008 G Issue 13148
السبت 27 رمضان 1429   العدد  13148
ترويح القلوب
د. أحمد الخاني

في غمرة انغماسي في الدراسة قمت بترشيد وقتي واختصار الزمن المهدور في الجلوس أمام التلفاز، فلم أعد أرى التلفاز واختصرت زياراتي للنادي الأدبي والصالونات الأدبية في أثناء المواسم الثقافية وفي الإجازة ليس لدي فراغ، حيث إنني أعكف على إخراج ملحمتي (الملحمة الإسلامية الكبرى) يقترب عدد أبياتها من 40 ألف بيت.

وفي هذه الأثناء تلقيت بالأمس القريب دعوة من صديق عزيز عليّ وكان الموعد في مركز غرناطة وجدت نفسي مندفعاً إلى تلبية هذه الدعوة وكانت المفاجأة التي أخفاها عني صديقي أنه حفل افتتاح شركة أرامكو السعودية لحفل صيفي.

الناس من كل الأجناس ومن كل المقاييس، والأنوار، والصحفيون وبعضهم كان من معارفي جاؤوا وسلموا عليّ من قنوات فضائية مختلفة..

وما أكثر آلات التصوير! وآلة لها ذراع طوله بضعة أمتار.. ولافتتات وصور وأزهار وزينات تأخذ بالألباب..

بدأ الحفل بتلاوة مباركة من القرآن الكريم ثم انهل العطاء...

فقرات الحفل، يبدو أنها كانت متقنة الإعداد فقد كانت متقنة الأداء الكابتن هشام أبانمي كان مثيراً بمعنى أنه ينتزع الإعجاب وكم كنت أراني أضحك مع الضاحكين، نسيت نفسي وتقمصت طفولتي وقد فازت مسرحيتي (فتح القسطنطينية) بالمركز الأول في المملكة في إحدى المسابقات.

وتذكرت موليير سيد المسرح الفرنسي وربطته بالكابتن هشام حيث كان يلعب بعواطف الجمهور لعب الفنان كلما خمدت ثائرتهم، ولقد حضرت الكثير من الحفلات المسرحية فلم أر من أثار جمهوره بهذه المساحة من الحفلات مثل الكابتن هشام (عيني عليك باردة ما شاء الله لاقوة الا بالله وتبارك الله).

لقد فهم الكابتن هشام سر المسرح وهو (الحركة) ومنه اشتق اسمها (الدراما) كلمة (دروم) اللاتينية تعني الحركة، وكلمة (دراما) عندنا معربة تعني (الحوار) وتعني المسرح.

لقد كان موليير يسد أذنيه بأصبعيه وهو يشاهد المسرح، ثم يحكم على نجاح المسرحية لا من الصراخ على طريقة المسرح المصري، بل من الحركة المسرحية.

من المشاهد الواقعية مشهد الوقاية من الحريق وقد أخرج إخراجاً مذهلاً في تأثيره ومن ثم في نجاحه وهذا المشهد يستحق الثناء من إدارة الدفاع المدني وهذا المشهد ذكرني بمشهد قدمته في برنامجي التلفزيوني (عالم الصغار) من إعدادي وهو مكون من أكثر من 40 حلقة فيها أيضاً التوعية الصحية.

وغيرها وكانت إدارة التلفزيون تنقل إليّ رغبات هذه الجهات؛ الدفاع المدني ووزارة الصحة لأن نعزز هذا الاتجاه في برنامجنا.

والمشهد الترفيهي الكرات وهو مستمد من إيحاء برامج صديقنا الأستاذ صالح العريض.

أما مشهد رياضة الدفاع عن النفس فقد أثارتني كثرة الأحزمة السوداء فتساءلت: هل هذه حقيقة؟

فإذا كانت حقيقة فإنني أعتز بهؤلاء الأبطال الذين وصلوا إلى قمة هذه اللعبة بمثل هذه السن المبكرة فهم مصدر فخر واعتزاز.

لقد كنت مندمجاً مع فقرات الحفل والذي جعلني مسروراً لغة مقدم الحفل الأستاذ سليمان عبدالعزيز السالم، فكثيراً ما كنت أسمع في مثل هذه اللقاءات لغة تغير مزاجي، أما عريف الحفل هنا فقد سمعت منه لغة طربت منها مسامعي وهذا في نظري أنجح ما في هذا الحفل وهو كله ناجح ومشوق.

لقد أخذت في هذه الحفلة إجازة إجبارية من أعمالي التي أعرقتني فكانت بمثابة المحطة التي ارتحت فيها وعندها تذكرت الحديث الشريف الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت).

أمر آخر هو أن شركة أرامكو السعودية، ظننتها شركة بترولية وحسب، فإذا بي أراها تهتم بالمجتمع من أكثر من ناحية وتهتم حتى بالرياضة وكان أكثر تركيز الحفل على الأطفال من الجنسين ذكوراً وإناثاً، وهذه لفتة تربوية عظيمة القيمة في ترشيد المجتمع بكلا طرفيه وعدم الاقتصار على الأطفال وحدهم.

عشت مدة ساعتين نسيت فيها أين أنا؟ لقد كنت في عالم رومنسي حالم عالم بعيد عن الجد والدرس والاجتهاد والإجهاد، عالم الطفل الضاحك كأننا دخلنا فيه مغارة علي بابا، جو مسحور كله فائدة ومتعة وبهجة وسرور ولكنني قررت ألا أعيدها، إن مدة ساعتين للترفيه بالنسبة لي إسراف وتبذير.

إذا كنت أخي القارئ تعرف التبذير في المال فأنا أعرف التبذير في الوقت والإسراف في إنفاق الزمن.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد