للتاريخ أيام يتوقف عندها بكل جلال وخشوع بما تحمله هذه الأيام من ذكريات عزيزة على القلوب، وما تتركه في النفوس من زهو وفخر وانتماء وما تزرعه نفوس الأجيال من كرامة وكبرياء وما تورثه للمستقبل من منجزات وطنية وقومية وما تحققه للإنسانية من تقدم حضاري وعلمي وثقافي.. واليوم الوطني لمملكتنا الحبيبة هو المناسبة المجيدة التي يستعيد الشعب السعودي فيها ذكرى مسيرة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - وجهاده وإنجازاته التي نقلت البلاد من الفوضى والتشتت إلى مرحلة البناء والتطور ومواكبة روح العصر، فسيرة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - سيرة قائد قد تجلت فيه صفات البطولة والشجاعة والإنسانية بأسمى معانيها صنع تاريخ هذه البلاد بما وهبه الله من ذكاء فطري وقدرات قيادية.
لقد قام الملك عبدالعزيز بتنفيذ ما قطعه على نفسه فطبق شريعة الله في أنحاء البلاد وبسط الأمن والاستقرار في ربوعها وضرب بيد من حديد على اللصوص وقطاع الطرق وكل ما يعكر صفو الأمن ويخالف شرع الله ويعتدي على حرماته وجعل للدولة هيبتها وللنظام احترامه وأشاع الطمأنينة في النفوس وألَّف بين القبائل وجمع كلمة أبناء البلاد على الحق ووجه طاقات المواطنين وجهودهم للعمل البناء والتعاون المثمر، وعمَّ الأمن والعدل والاستقرار، وأصبحت البلاد بكل أجزائها ومناطقها وحدة متكاملة يتساوى فيها أمام شرع الله القوي والضعيف والغني والفقير، وقد نقل عن الملك عبدالعزيز قوله: (إن القوي عندي ضعيف والضعيف عندي قوي حتى آخذ الحق الذي عند أحدهما للآخر).. وما ان أرسى الملك عبدالعزيز دعائم الأمن والاستقرار حتى شرع في تنفيذ خططه وبرامجه الإصلاحية للنهوض بالبلاد فأنشأ الوزارات والمصالح الحكومية وأصدر التنظيمات للعناية بشؤون الوطن والمواطنين، وعمل على نشر التعليم ودور العلم وتشجيع العلماء والمتعلمين بمنحهم مكافآت مجزية، كما عمل على إيجاد الخدمات الصحية والمستشفيات وتمهيد الطرق وإيجاد وسائل النقل والمواصلات والاتصالات وغيرها من الخدمات.
وأولى الملك عبدالعزيز اهتمامه بخدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وما يوفر الراحة والطمأنينة لحجاج بيت الله الحرام وزوار المسجد النبوي الشريف.
وفي الوقت الذي كان فيه الملك عبدالعزيز يبني في الداخل نهضة البلاد لبنة لبنة اتجه لتعزيز مكانة المملكة وإبراز دورها على المستوى الخارجي عربياً وإسلامياً ودولياً وأقام أحسن العلاقات مع سائر الدول وكانت المملكة من أوائل الدول التي وقعت ميثاق هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة تأكيداً لرغبتها في دعم التعاون الدولي واستتباب الأمن والسلام والاستقرار ونشر الرخاء في جميع أنحاء العالم، وحمل الملك عبدالعزيز هموم أمته العربية والإسلامية ودعا إلى التضامن الإسلامي كما دعا إلى تحقيق التعاون العربي المشترك وكانت المملكة من أوائل الدول العربية التي شاركت في تأسيس جامعة الدولة العربية، لقد كان الملك عبدالعزيز قائداً عظيماً وفارساً عرف عنه تمسكه بمبادئ الدين والنخوة والشرف ووضعه المؤرخون في مصاف القادة العظام من قادة الأمة العربية والإسلامية.
وعلى هدى الله سار الرجال الأوفياء من آل سعود وعلى منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم حملوا راية الحق والعدل والمساواة فتحولت الأرض السعودية خلال المسيرة الطويلة منذ ذلك اليوم إلى جنة وارفة الظلال تزهو بالتقدم العلمي والإنجاز الحضاري والرخاء الاقتصادي، وفاخرت الدنيا بأمنها الوطني واستقرار الحياة فيها ونشر العدل فوق ربوعها.
لقد قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - بأعمال لا نستطيع حصرها في هذه العجالة، فمقامه الكريم عرف بإسهاماته المتعددة في نهضة الوطن والمواطن وتقدمهما في مختلف المجالات، فأوفى - حفظه الله - بما وعد شعبه وقاد البلاد إلى المزيد من الرخاء والرفاهية وتحقق على يديه الكريمتين الكثير من المنجزات والكثير من النجاحات على مختلف الأصعدة.
إن ما حققه (أبو متعب) من آمال لشعبه ولأمته العربية والإسلامية وما حققه من خدمة للإسلام والمسلمين لهو أكثر من أن يُحصى وهي منجزات قفزت بالمملكة العربية السعودية إلى مصاف الدول المتقدمة.
فهنيئاً لمملكتنا الحبيبة يومها الوطني.. وهنيئاً للشعب السعودي قيادته المعطاءة.. والله نسأل أن يحفظ علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار والرخاء والازدهار، لتظل بلادنا عنواناً كبيراً من عناوين العطاء، ويظل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - النموذج الذي يُحتذى في الإقدام ونصرة المظلومين وتحقيق الأماني الكبار.
فهد شباب الحربي- المدينة المنورة