Al Jazirah NewsPaper Friday  26/09/2008 G Issue 13147
الجمعة 26 رمضان 1429   العدد  13147
سياسة الباب المفتوح نهج دأبت عليه القيادات السعودية منذ تأسيسها وحتى وقتنا الحاضر
لقاء القيادة والشعب في مجلس الملك عبدالعزيز ترجمة صادقة لهذه السياسة

لقاء - منيف خضير

لم يكن الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - ليبني دولته بمعزل عن مواطنيه، لذلك نهج منذ الأيام الأولى لدولته سياسة الباب المفتوح فكان يلتقي مواطنيه وجهاً لوجه، وسار على هذا النهج أبناؤه البررة الملوك، أما مجلس خادم الحرمين الشريفين فهو امتداد لمجلس والده.

وفي هذه الأيام نقلب صفحات كتاب المملكة العربية السعودية مع حلول ذكرى اليوم الوطني المجيد، والذي كرس فيه المؤسس - رحمه الله - سياسة الباب المفتوح لتكون نهجاً ثابتاً للقيادة الحكيمة.

الباحث طالب بن فداع الشريم (ماجستير قيادة أمنية) ألقى الضوء على هذه المجالس في كتابه (سياسة الباب المفتوح في المملكة وآثارها الأمنية) في هذا اللقاء:

العلاقة بين الحاكم والمحكوم

** كيف ترى فكرة المجالس المفتوحة؟ وهل تفرضها حتمية العلاقة بين الحاكم والمحكوم؟ وما البعد السياسي لترجمة هذه العلاقة؟

لما كان الإنسان اجتماعياً بطبعه، فقد اقتضت الحياة البشرية أن يعيش الناس على شكل جماعات وتجمعات بدءاً من الأسرة الصغيرة, ومروراً بالقبيلة أو الشعب أو الأمة, وانتهاء بحكومة الإقليم.

واقتضت هذه الحياة أن تتحمل الحكومة أو السلطة مسؤولية القيام بواجباتها أمام التحديات الاقتصادية والاجتماعية من خلال وضع ثوابت خاصة للتنسيق والتعاون بين القيادة وأفراد الأمة وجماعاتها، سواء أكان ذلك على مستوى التعامل مع القضايا الداخلية والهموم الاقتصادية والسياسية أم على مستوى التحديات الخارجية.

وقد حفظت ذاكرة التاريخ وسجلاته كثيراً من نماذج العلاقة بين الحكام والمحكومين, وبقيت بعض النماذج مثالاً يحتذى في رفد المواطنين لمسيرة التنمية بمواقفهم الوطنية حيال القضايا والتحديات التي تواجه الوطن, وبتصديهم للتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعرض لها الوطن أو مجتمعاتها, وفي مواقف بعض الحكام الذين ضربوا أروع الأمثلة في رعاية الأمة وتحقيق أمانيها من خلال التوحد الاجتماعي والحرص على المصالح العامة.

الباب المفتوح

** سياسة الباب المفتوح شكل من أشكال التواصل بين الحاكم والمحكوم، كيف تنظرون إلى هذه السياسة، ودورها في استقرار المجتمع؟

سياسة الباب المفتوح هي إحدى آليات التواصل المباشر بين الحاكم والمحكوم, والتي تجعل ولي الأمر قريباً من رعيته، يدرك همومهم ومشكلاتهم, ويعمل على تخفيفها ويضع الحلول المناسبة لمعالجتها, كما إنها تمثل - من ناحية أخرى - فرصة لتبادل الآراء واطلاع ولي الأمر - عن قرب - على المعضلات التي تواجه المواطنين في حياتهم اليومية, والقضايا التي تؤرقهم, ومن ثم التوجيه باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق الاستقرار والأمن للمجتمع.

وأن التقاء المواطن بولّي الأمر بشكل مباشر (وهو ما تمثله سياسة الباب المفتوح), بحيث يصل صوت المواطن مباشرة إلى ولي الأمر, الحوار, يوجد أرضية صلبة للقرارات الصادرة من ولاة الأمر, فإذا اقترن ذلك بحرية التعبير وممارسة المواطن لدوره الشرعي في المناصحة بضوابطها الشرعية, والالتزام بالطاعة الواجبة, وبالعدل والإنصاف, والحفاظ على الحقوق والواجبات العامة والخاصة, وفي وجود الثقة المتبادلة, فإن ذلك يمكن أن يترجم في علاقة واضحة وصريحة, ويؤدي إلى تقارب حقيقي بين الحاكم والمحكوم, بما يخفف من أسباب التذمر وعدم الاستقرار، فتتحقق بذلك أهم أسباب الأمن والسلم الاجتماعي, ويؤدي ذلك - أيضاً - إلى تدعيم روح المواطنة والانتماء للوطن.

مجلس الملك عبدالعزيز

** كيف تقرؤون مجلس المؤسس الملك عبدالعزيز؟ ومادور سياسته التي انتهجها في مجلسه في التنمية الحاصلة في البلاد؟

مجلس الملك عبدالله بن عبد العزيز - طيب الله ثراه - جانب من جوانب ملامح العطاء والبناء والازدهار الذي شهدته المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد المغفور له - إن شاء الله - الملك عبد العزيز, ويعكس اهتمام القيادة بالمواطن, ويؤدي إلى تقارب حقيقي بين القيادة واهتمامات المجتمع الخاصة والعامة. سياسة الباب المفتوح التي ينتهجها الملك عبدالله بن عبد العزيز - طيب الله ثراه - في مجلسه مع أبناء شعبه هي تجسيد للسياسة المتوازنة, وترجمة للعلاقة بين المواطن والدولة على شكل التزام متبادل يعود بالخير على المواطن والوطن, وتؤكد أن المواطن السعودي هدف التنمية وأداتها على حد سواء, وأن رفاه المواطن يقع في بؤرة اهتمامه.

ملوك العرب القدامى اتخذوا سياسة الباب المفتوح

وسياسة الباب المفتوح هي إحدى السمات القديمة التي حرص عليها كثير من الحكام والقادة والسلاطين, فقد ذكر جواد علي في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام أن ملوك العرب في جنوب جزيرة العرب كانوا يأخذون بالرأي ويعملون بمشورة المجالس, وقد نُعتَ المجلس في بعض كتاباتهم بالعالي الشأن تعظيماً له وتقديراً لشأنه.

وقد حرصت القيادة السعودية على أن تحافظ على سياسة الباب المفتوح منذ عهد الملك المؤسس - رحمه الله -, فقد جاء في سيرة الملك عبدالعزيز, أنه كان يدخل عليه - كل يوم - الراغبون بالتشرف بمقابلته من مشايخ القبائل وسائر الناس, فيقضي مصالحهم ويفصل في قضاياهم, ويمدهم بإرشاداته. وكان لا يُمنع فردٌ من الحضور في مجلسه, وكل فرد يستطيع مقابلته شخصياً.

القيادات السعودية وسياسة الباب المفتوح

** سار أبناء المؤسس على نهجه في إرساء سياسة الباب المفتوح، كيف تقيمون هذه المجالس؟ وما الذي يميز بعضها عن بعض؟

فعلاً دأب على هذا المنهج أبناء المؤسس طيب الله ثراه من بعده, فكان للملك سعود والملك فيصل والملك خالد رحمهم الله جميعاً مجالس مشهودة يؤمها الشعب وتطبق سياسة الباب المفتوح، ولما كانت هذه المجالس مبدأ درج عليه الملك عبدالعزيز منذ تأسيس المملكة وسار عليه أبناؤه من بعده تأكيداً منهم لضرورة السير بسياسة ثابتة القواعد، فعلى سبيل المثال وبعد تولي الملك فهد - رحمه الله - مقاليد الحكم خصص مجلس أسبوعي يستقبل فيه عموم جمهور المواطنين يطلع من خلاله على أحوالهم ويتلمس احتياجاتهم، بالإضافة لمجلس آخر لمقابلة العلماء والمسؤولين للنظر فيما يستجد من أحداث تتعلق بمهامهم وما له علاقة بأمور المسلمين عامة.

وقد كان للملك عبدالله بن عبدالعزيز مجلس آخر لاستقبال المواطنين والاستماع إلى مشاكلهم منذ أن كان ولياً للعهد, وهو ما يعرف بسياسة الباب المفتوح التي ارتكزت عليها السياسة الإسلامية في صدر الإسلام وبعده.

هذا إلى جانب عدد من مجالس الأمراء التي فتحت لاستقبال المواطنين والسماع لمطالبهم والتوقف عند مشكلاتهم.

مجلس خادم الحرمين الشريفين

** ما هي مميزات مجلس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - من وجهة نظركم؟

يميز مجلس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعدد من المميزات التي عكست شخصيته على المجلس وتركت أثرها في نفوس المواطنين بعامة ومرتادي مجلسه بخاصة, ابتداء من حرصه - حفظه الله - على أن تكون مفتتح كل لقاء الاستماع إلى آيات من القرآن الكريم وإلقاء الضوء على معانيها ودلالاتها وما يستفاد منها, ثم شعوره بالمسؤولية وتحسس حاجات المواطنين بشتى أطيافهم وثقافاتهم واهتماماتهم, وإتقانه لفن الاستماع لاعتقاده بأن أبرز عناصر القيادة ليس في التحدث فقط, ولكن في الإصغاء كذلك، وحرصه على أن يوجه إلى مرتادي مجلسه من الإرشادات والدلالات العميقة التي يجدر بالمواطنين جميعاً أن يعوها وأن يقفوا عندها ويتأملوا معانيها, وبخاصة الحالات التي تمر بها المنطقة بعامة أو المملكة العربية السعودية بخاصة جراء المستجدات أو المتغيرات المتسارعة, أو في حالات الأحداث المفاجئة, وما يحتم ذلك على الجميع من الاهتمام لإبداء المزيد من اليقظة, وما يفرضه من الحاجة إلى الشعور بالمسؤولية والحاجة إلى مزيد من التنسيق والتعاون بما يتناسب مع مستوى المستجدات.

فكان مجلس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يأتي في إطار نهج التواصل واللقاءات الحميمة والأخوية التي يحرص - حفظه الله - على مواصلتها مع أبناء شعبه, ويجسد طبيعة علاقة الولاء والوفاء والمحبة المتبادلة بين القائد وشعبه, ويكرس تقليداً فريداً - في هذا العصر - درج عليه الملك المؤسس - رحمه الله - وأبناؤه من بعده في الاستماع إلى مطالب الموطنين واحتياجاتهم والتشاور معهم حيال القضايا التي تهم الوطن والمواطن.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد