يعد الاستثمار في قطاع السياحة أحد أهم المجالات الاقتصادية المربحة التي تهتم بها الدول المضيفة للاستثمار الأجنبية المباشرة، كما يسعى رجال الأعمال والمستثمرون لاستثمار أموالهم في هذا المجال نظرا لما يحققه هذا القطاع من عوائد مالية مرتفعة، كما أنه يحتل المركز الأول في مصادر الدخل القومي للعديد من الدول، وتعد مصدرا للعملات الأجنبية وإذا كان قطاع السياحة يمثل أهمية بالنسبة للعديد من الدول، فإنه يمثل أهمية متزايدة في المملكة العربية السعودية، ويعد من أهم مصادر الدخل بالنسبة للاقتصاد السعودي حيث يساهم في ارتفاع معدلات النمو، ويعد مصدرا لتنويع مصادر الإيرادات الاقتصادية ويمثل حجم مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي عام 2005 حوالي 8.5%، وهي نسبة تقترب من نسبة مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الاقتصاد السعودي.
مما يدل على أهمية هذا القطاع حيث يأتي في المرتبة الثالثة بعد قطاعي النفط والصناعات التحويلية.
وترجع أهمية المملكة بقطاع السياحة في ضوء ما يتمتع به هذا القطاع من مزايا عديدة تؤهلها لتصبح من أجمل وأهم المناطق السياحية في العالم، ومن أهمها: الموقع المتميز وسط العالم، الاستقرار الاقتصادي والأمني مما يجذب العديد من الاستثمارات الأجنبية ورؤوس الأموال، وقوع موانيها على البحر الأحمر والخليج العربي مما يسمح بإنشاء منشآت ومنتجات بحرية، وتنوع المناخ صيفا وشتاء، وشبكات الطرق المتواجدة في جميع الأنحاء، وتطور البنية التحتية للسياحة ويتمثل هذا في إقامة العديد من الفنادق على أعلى مستوى، ارتفاع مستوى المعيشة والرواج الاقتصادي في هذه الفترة مما يزيد الطلب على الفنادق، عدم وجود قيود أو رقابة نقدية على السائحين.
وجود الهيئة العليا للسياحة التي تعمل على تطور وتنمية قطاع السياحة باستمرار، وتميز العلاقات السياسية والدبلوماسية بين السعودية ومختلف الدول الأخرى، هذا وبالإضافة إلى ما تتمتع به المملكة دون غيرها بوجود الأماكن المقدسة فيها حيث تجذب ملايين المسلمين كل عام لأداء فريضة الحج والعمرة التي تعد من أهم الأسباب الجاذبة للسائحين في المملكة العربية السعودية.
فقد قامت المملكة بالعديد من المجهودات لتطوير وتنمية قطاع السياحة وأدخلت العديد من الإصلاحات التي من شأنها الإعلاء من شأن هذا القطاع وتطويره، ومن منطلق دعم السياحة في المملكة قدمت الهيئة العليا للسياحة مؤخرا برنامجا لدعم ومساندة قطاع السياحة لتحقيق تنمية سياحية مستدامة، وهذا الدعم على الصعيد المالي والتسويقي والإعلامي والفني، وقد أدى ذلك إلى ان بلغت الإيرادات بما يزيد على 30 ألف منشأة سياحية في السعودية بحوالي 59 مليار ريال.
كما أشار تقرير إحصائي إلى وجود نمو كبير في عدد المؤسسات والمنشآت السياحية في المملكة وزيادة إيراداتها، وفيما يتعلق بجانب التوظيف فإن عدد العاملين في هذا القطاع بلغ حوالي 314 ألف موظف منهم حوالي 46 ألف موظف سعودي، كما وصلت إيرادات قطاع المنتجات السياحية حوالي 1.7 مليار ريال من إجمالي الإيرادات، وبلغت إيرادات قطاع الترفيه 1.2 مليار ريال في عام 2007 من إجمالي إيرادات المملكة.
وإضافة إلى تلك المجهودات فقد أولت المملكة اهتماما كبيرا بوضع الخطط المستقبلية لتنمية وتطوير قطاع السياحة، ومن أهم هذه الخطط:
الخطة التي وضعها مجلس التنمية السياحية التي تستهدف تسعة ملايين زائر سنويا للمملكة بحلول عام 2016
كما تهدف لرفع متوسط إنفاق السائحين عن طريق إيجاد منتجات جديدة يقبل عليها السائحون، وتخطيط المملكة أيضا لإقامة ملتقى للسياحة يضم كل القطاعات السياحية سنويا حيث ملتقى للفرص والصفقات السياحية مما يساعد إنعاش هذا القطاع وتطويره، كما أعلنت الجهات المختصة ان المملكة سوف تبدأ في منح تأشيرات دخول للأجانب للسياحة غير الدينية بعد أن كانت السياحة مقصورة فقط على زيارة الأماكن المقدسة، وذلك لرغبة المملكة في فتح أبوابها للزائرين القادمين غير المؤدين لمناسك العمرة والحج، كما قامت المملكة أيضا بتقديم تسهيلات في العديد من المجالات، والتي من أهمها: السلاسل الفندقية المحلية والعالمية، تسهيلات الاقامة والسكن، المطاعم، المعارض والمؤتمرات، كما تعزم المملكة على تخصيص حوالي 101.3 مليار ريال أي ما يعادل حوالي (27 مليار دولار) لتطوير قطاع السياحة بحلول عام 2020م كما يتوقع ارتفاع عدد الرحلات السياحية من 65.1 مليون رحلة سنويا إلى 83 مليون رحلة عام 2009م ثم زيادتها إلى 141.1 مليون رحلة عام 2020م هذا بالإضافة إلى التخطيط لتنمية السياحة الوطنية، ونشر التوعية والتسويق السياحي، تطوير المعلومات والدراسات السياحية، إضافة إلى تطوير المنشآت.. وغيرها الكثير من التجهيزات لتطوير وتنمية هذا القطاع الذي أصبح يشغل جزءاً كبيراً من اهتمامات المسؤولين لتطوير وتنمية وتنويع الاقتصاد السعودي.
وعلى الرغم من هذه المجهودات الكثيرة التي قامت بها المملكة إلا أن عملية نمو الاستثمار السياحي في المملكة ما زالت تعترضه بعض العقبات التي من أهمها: غياب الشفافية فيها يتعلق باللوائح والأنظمة وعدم توافر المعلومات الإحصائية وكفايتها ومدى صحتها وهذه مشكلات تعاني منها الدول العربية بشكل عام، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر الاستثمار وتكاليفه، بالإضافة إلى الباغة في تطبيق مبادئ البيروقراطية، وغيرها من المشكلات التي تقف في طريق تحقيق الخطط والأهداف المرجوة في مجال السياحة بالمملكة العربية السعودية، والتي تأمل كل الجهات المسؤولة بتخطيها لتحقيق الآمال وتحويلها الى حقيقة.
ومن ثم فقد أدركت الجهات المسؤولة أنه في ظل التحويلات والسياسات الإصلاحية والاقتصادية في المملكة العربية السعودية.
لابد أن يأخذ قطاع السياحة حقه على الخريطة الاقتصادية توظيفا واستغلالا للمقاومات والمميزات الموجودة في المملكة، وحماية لقيم المجتمع، وتنويعا لاقتصاده، وتقوية لمركز العملة المحلية، وتشجيعاً للقطاع الخاص، وجذبا للاستثمارات العربية والأجنبية، فما زالت الجهات المسؤولة تحاول وتبذل قصاري جهدها للارتقاء بشأن قطاع السياحة وجعله مورداً مهماً ورئيسياً في الاقتصاد السعودي.
e-mail:asa5533@hotmail.com