ذات ليلة من ليالي رمضان في عام 1417هـ وكان ذلك في وقت الشتاء كنا على موعد للتسجيل مع سماحة الإمام الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - بعد صلاة التراويح، ضمن حلقات برنامج (نور على الدرب) وبرنامج (شرح المنتقى) كنت أنا وزميلي مهندس الصوت فهد العثمان - رحمه الله - ننتظر سماحة الإمام الشيخ في مكتبة منزله العامر بعد صلاة التراويح، حضر سماحته كالعادة مع مرافقيه بعدما فرغ من صلاة التراويح، ومما لفت نظري أن الشيخ - رحمه الله - جلس ولسانه لا يفتر عن ذكر الله تسبيحاً وتحميداً، وتهليلاً وتكبيراً. سلم علينا - رحمه الله - وطلب منا الانتظار قليلا، واستمر في ذكره وتسبيحه وتهليله، تعجبت من هذا الشيخ الإمام ونحن أمامه جالسون إلى الطاولة وقد جهزنا آلات التسجيل، ولسانه لا يتوقف عن الذكر، وكان هذا دأبه في المسجد، وفي السيارة، وفي البيت، وعند التسجيل، وأخيراً وبعد انتظار ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه الشيخ المنير، وزدنا فرحاً وانبساطاً بابتسامة الشيخ المريحة. وبدأ الشيخ - رحمه الله - يرحب بنا، وقال - رحمه الله -: (الله يحييكم، ويبارك في جهودكم)، واستمر الشيخ منبسطاً معنا في أسئلته العفوية حول برودة الجو، وظل يدعو الله بنزول الأمطار، ثم تناول معنا الشاي والقهوة، وأخذ يحادث الزميل فهد العثمان - رحمه الله - وأخذ يسأله عن بعض الأمور التي تخص والدته وأسرته، وكنا جميعاً في غاية السعادة بالحديث مع سماحته، أيقنت حينئذ أن مصدر هذا الصفاء النفسي الذي نلاحظه عند الشيخ إنما هو بسبب كثرة ذكره لله عز وجل، وكثرة عبادته وتعلق قلبه بالآخرة إنها أيام جميلة لا يمكن أن تمحى من الذاكرة، ولا أن ينساها المرء, فرحم الله سماحة الشيخ ابن باز، رحمة واسعة، ورفع درجاته في عليين، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.