تعد الموافقة السامية على إقرار مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم قبل عامين نقلة تاريخية تشكل منعطفا مفصليا في تقدم هذا القطاع الذي ينظر إليه في أي بلد أنه البداية لدفع عجلة التحديث والتقدم والريادة إذا أحسن التخطيط والتنفيذ له.. وكنت قد طالبت في طرح سابق بأن يشارك في بناء وتقويم هذا المشروع بالإضافة إلى خبراء التربية ممثلين عن الطلاب والطالبات والآباء والأمهات ومؤسسات المجتمع المدني ونخب من الفاعلين في مجالات السياسة والثقافة والفكر والإعلام، وهو ما لم يتحقق حتى على مستوى منسوبي الإدارات التعليمية والمدارس التابعة للوزارة. كما أشرت إلى ألا يغفل الدور المهم في التنسيق بين الوزارات ذات العلاقة: وزارة التربية والتعليم ووزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية وغيرها.. في توفير ما يحتاجه هذا المشروع في تخطيطه وبنائه وتنفيذه.. المتابعون لمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم - من التربويين وغيرهم - منذ إعلانه منذ قرابة العامين لم تكن أقصى درجات التوقع لديهم أن يصل المشروع إلى هذا الحد من التباطؤ ورغم المبررات التي سمعناها من بعض المسؤولين عن هذا المشروع الوطني الحضاري الكبير من خلال إحدى الصحف المحلية رداً على (مساءلة) اللجنة التعليمية في مجلس الشورى عن تعثر المشروع. إلا أن مشروعاً رائداً بهذا الحجم وبهذه الأهمية، والذي يعد نقلة نوعية وحضارية في (مصير) هذا البلد الكريم... نعم أقول في (مصير) لأنه متعلق بالتعليم الذي به انتقلت بعض من دول العالم التي كانت تقبع في مؤخرة الركب، إلى مصاف الدول التي (تمتلك) التقنية و(تستثمر) العقول و(تصدر) روائع منتجات التنمية.. وليست التجربة الماليزية المذهلة عنا ببعيد.. ولست هنا بصدد إدانة تأخر المشروع من عدمه، وإنما لطرح بعض التساؤلات حول المبررات التي قرأتها لاسيما ما يخص التنسيق بين إدارة المشروع ووزارة التربية والتعليم من حيث عدم موافقتها على (تفريغ) ما يحتاجه المشروع من التربويين المميزين في الوزارة للقيام ببعض مهام المشروع، ولا شك أن هذا يدعو إلى العجب! فهل أصبحت الوزارة جهة بعيدة عن المشروع وهو في الأصل منها وإليها؟! ويخدم المهمة الرئيسة التي تعمل لها الوزارة! ليس من المعقول أن يستجدي المشروع الوزارة في توفير ما يحتاجه من كوادر وهو المشروع الذي تبنت طرحه القيادة الرشيدة أيدها الله.
إننا إذا أردنا لهذا المشروع الرائد أن ينجح فيجب أن تعمل جميع الجهات ذات العلاقة بهذا المشروع بروح الفريق وليس بمبدأ (كلٌ يدبر نفسه!).
كما أنه من الضروري أن يتعاملوا مع المشروع بجدية وحرفية متناهيتين باعتباره مشروع الوطن!!
إنني وغيري من التربويين نطمح أن يخطو هذا المشروع خطوات جادة في سبيل إنضاجه، فتكرار تغير المسؤولين فيه سبب رئيس في تأخره... فضلاً عن عدم استثمار الكفاءات المعطلة من التربويين والأكاديميين المتميزين والذين يملكون مفاتيح نجاح هذا المشروع (وفق محاوره الأربعة الرئيسة) بحكم خبرتهم الكبيرة والرائدة في تلك المحاور والسؤال: هل إدارة المشروع لا تملك قنوات الاتصال وأدوات البحث وتقنيات المسح العلمية لتلكم الكفاءات؟!. كبير هو الأمل في أن ينهض هذا المشروع بديناميكية الفاعلين، وفكر الخبراء التربويين (كلٌ في مجاله) لا باجتهادات من هنا وهناك!.
dr.thn@hotmail.com