العلماء ورثة الأنبياء وجرح العالم جرح للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا هو معنى قول ابن عباس رضي الله عنه: (إن من آذى فقيهاً فقد آذى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن آذى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد آذى الله جل وعلا).
فجرح العالم ليس جرحاً شخصياً ولكنه جرح بليغ الأثر يتعدى الحدود الشخصية إلى رد ما يحمله العالم من الحق.
ولا شك أن الوقوع في أعراض أهل العلم المعروفين بالنصح ونشر العلم والدعوة إلى الله تعالى من أعظم أنواع الغيبة التي هي من كبائر الذنوب وله عواقب وخيمة ونتائج خطيرة وآثار سلبية على أكل لحوم العلماء والوقوع في أعراضهم، يدرك تلك الآثار من تأمل في الواقع ووسع أفقه وأبعد نظره. وعلى المرء الواقع في أعراض هؤلاء أن ينظر في عيوب نفسه فإن أول عيب يخدش نفسه وقوعه في أعراض هؤلاء العلماء الذين لا يستطيع أن يجاريهم.
والعالم ليس معصوماً بل كل إنسان معرض للخطأ، ولكن إذا حصل ما يلاحظه المرء ويشك في أمره فعليه الاتصال المباشر بالعالم ومناقشته والوصول إلى حقيقة اللبس فإن تبين لك الحق وجب عليك اتباعه وإن لم يتبين لك لكن وجدت لقوله مخرجاً وجب عليك الكف عنه، وإن لم تجد لقوله مخرجاً فاحذر من قوله لأن الإقرار على الخطأ لا يجوز لكن لا تجرحه وهو عالم معروف بحسن النية والمعتقد وإذا رأيت من عالم خطأ فناقشه وتكلم معه، فإما أن الصواب معه فتتبعه أو يكون الصواب معك فيتبعك أو لا يتبين الأمر فيكون الخلاف في المسألة وليس الشخص، فالحذر من الوقيعة في أهل العلم لأن الوقيعة فيهم تستلزم كراهتهم وكراهة ما يحملون من شرع الله جل وعلا فيكون في ذلك تنفير، مما يُحمِّل المرء إثماً عظيماً وجرماً كبيراً. فالحذر الحذر من تجريح العالم والتنفير منه. فإن ذلك يسرُّ أعداء الدين ويفرحهم ويسهل وصول مبتغاهم إلى عقول الناشئة وضعفاء العلم، فعلى المسلم تقوى الله وألا يجعل أعراض العلماء وغيرهم مطية يركبها كيفما شاء، فإذا كانت الغيبة في عامة الناس من كبائر الذنوب فهي في العلماء أشد. حمانا الله وإياكم مما يُغضبه. وحمانا مما فيه العداوة على إخواننا في ديننا ودنيانا. يقول الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}، ويقول تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}، ويقول تعالى: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}، ويقول صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد).
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
مستشار شرعي وباحث إعلامي
عضو الجمعية الفقهية السعودية