Al Jazirah NewsPaper Friday  26/09/2008 G Issue 13147
الجمعة 26 رمضان 1429   العدد  13147
فضل بن سعد البوعينين
{رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا}

الأمن من مقومات الحياة الأساسية، لا يمكن أن يعيش الإنسان، أو تبنى الأوطان بمعزل عنه. لا يعرف قيمة الأمن إلا من فقده، وفقد معه طعم الحياة، والاستمتاع بطيباتها التي أحلها الله له. وقد ذَكّر الله سبحانه وتعالى قريش بنعمه وفضائله في قوله: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}، فجمع سبحانه وتعالى بين نعمتي الرزق والأمن وهما صنوان لا يفترقان فلا بناء، ونماء دون أمن واستقرار. و بدأ سيدنا إبراهيم، عليه السلام، دعائه ربه بالأمن ، ثم ثنى بالرزق رابطا بينهما. قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}

ما أحوجنا لتدبر هذه الآيات العظام ونحن نسترجع ذكرى اليوم الوطني الذي أنعم الله سبحانه وتعالى على الملك عبدالعزيز فيه بتوحيد هذه البلاد وإرساء قواعد الأمن والبناء فيها. أرسى الملك عبدالعزيز، رحمه الله، قواعد الدولة وأمنها بفضل الله وبركته ووحد أطرافها وصان حدودها، وسار على نهجه أبنائه البررة من بعده.

توحيد الله والتوكل عليه، تطبيق شرعه، وحدة الصف، قوة النظام، وتحقيق أسس البناء والنماء هي الأركان الأساسية التي قامت عليها قواعد الأمن الراسخة. المجتمع المتماسك لا يخشى التحولات المفاجئة، ولا مدلهمات الأمور، و يقف سدا منيعا أمام الظروف المتقلبة، والرياح العاتية.

المواطنة الحقة وصدق الانتماء، والولاء يمكن أن تشكل الدائرة القوية التي يصعب اختراقها من الداخل أو الخارج، في الوقت الذي تمد فيه الثقة والرحمة جسور التواصل والمحبة بين الجميع.

الوطن هو الأرض التي يعيش فيها الجميع وهم مساءلون أمام الله، ثم ولي الأمر عن حمايته وتحقيق متطلبات أمنه الأساسية، وكلما كانت المتطلبات ضمن قانون واضح لا لبس فيه كلما كانت أقوى وأبقى. خاصة فيما يتعلق بمؤسساته التي يفترض أن تكون لها الأولوية في الحماية القانونية التي تحصنها من الاختراقات. الدولة هي المسئولة عن كل ما يهم المواطن، وهي المرجعية الوحيدة لجميع أبنائه، ولا يمكن القبول بأي نوع من الارتباطات الخارجية مهما كانت الحجج والأسباب. المملكة العربية السعودية قامت بفضل الله وبركته على كتاب الله وسنة نبيه، وتحتضن أطهر بقاع الأرض قاطبة، مكة والمدينة، وهي الحاضنة الشرعية لهموم المسلمين، و خط الدفاع الأول للإسلام وقاعدته الصلبة التي نسأل الله أن يبارك فيها ويحفظها من كل سوء.

الأمن لم يعد مرتبطا بالحماية العسكرية فحسب بل تعداها إلى الأمن الديني، الفكري، الدستوري، الاجتماعي، الاقتصادي ونحو ذلك من مكونات الأمن. يمكن التبصر في أحوال بعض دول المنطقة وأخذ العبر. لن تخلو الدنيا من الأشرار، ولا نعلم من أين يخرج أعداء الأمة وأشرارها، وهو ما يفرض على الجميع العمل الجاد، ومراجعة الإستراتيجيات، والأولويات، والإستماته لحفظ هذا الكيان الذي أسسه الملك عبدالعزيز، رحمه الله، على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

من حق الوطن علينا جميعا حمايته من الأعداء والمحافظة على مكتسباته الدينية والدنيوية.

فلننظر إلى الأمام، ولنجتهد في تحصين الوطن، ونبني حصون الأمن وقلاع الصناعة والتحضر على قاعدة الدولة التي أسسها الملك عبدالعزيز وحافظ عليها أبنائه البررة من بعده، ونسأل الله أن يحفظ هذه الأرض الطيبة وولاة الأمر والشعب النبيل من كل سوء ومكروه. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244



f.albuainain@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد