عاهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز شعبه وحثه منذ مبايعته ملكاً على الاستمرار في دعم سياسة المملكة العربية السعودية العسكرية، والاستراتيجية التي وضعها الملك المؤسس -رحمه الله - التي تقول إن القوات المسلحة السعودية لم توجد للدفاع فقط عن حدود المملكة، وإنما أيضاً عندما تلزم الحاجة للدفاع عن أراضي الأُمة العربية، وكانت أوامر الملك المؤسس بمشاركة القوات السعودية في حرب فلسطين وهذه القوات لم تزل بعد في مرحلة التكوين والتأهيل خير دليل على هذه الاستراتيجية العسكرية السعودية، وما تلى ذلك من تلبية نداء العقيدة والأخوة العربية المتمثل في مشاركة القوات المسلحة السعودية في الحروب العربية الإسرائيلية على الجبهات المصرية والسورية والأردنية سنتي 1967م و1973، فضلاً عن المثل الأعلى الذي ضربته المملكة حكومة وشعباً ممثلة في قواتها المسلحة في الوقوف إلى جانب الكويت الشقيق في محنته خلال احتلال نظام صدام حسين للكويت إبان حكمه للعراق.
حاضر قواتنا المسلحة
بدأ العهد الذهبي للقوات المسلحة منذ أن تم تعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزيراً للدفاع والطيران، ثم بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز نائباً لوزير الدفاع والطيران ليكون الساعد الأيمن في بناء وتطوير القوات المسلحة، بعد ذلك تم تعيين صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز مساعداً لوزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية.
وفي الوقت الذي بدأ فيه العقد الثالث من هذا العهد الزاهر، كان قد اكتمل الدعم السخي والرعاية الدائمة من خادم الحرمين الشريفين، وتبوأت القوات المسلحة السعودية المكانة العالمية كقوة حديثة يحسب لها حساب في المنطقة، وأصبحت القوات السعودية تمتلك أحدث ما توصلت إليه التقنية الحديثة في الصناعة الحربية في العالم، لدرجة جعلت الصهيونية العالمية تحيك الدسائس والمؤامرات الخفية والظاهرة لعرقلة بناء القوات المسلحة السعودية، بالتدخل لإبطال بعض صفقات الأسلحة مع الشركات الأجنبية.
وكانت توجيهات القائد الأعلى للقوات المسلحة منذ يوم مبايعته استمرارا للانطلاق ببناء قواتنا المسلحة، التي لم تعد درعاً للدفاع عن الوطن فحسب، بل عن كل تراب الأمة العربية، تصديقاً لمكانة المملكة في الجامعة العربية كعضو مؤسس فيها، وقد ركزت وزارة الدفاع والطيران في عهد خادم الحرمين الشريفين بقيادة سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز على التنمية والتطوير والتحديث في تسعة مجالات للقوات المسلحة وحققت الأهداف التالية:
التأهيل العلمي للقوة البشرية
وذلك ببناء القوة البشرية المسلحة بالعلم قبل العتاد المادي، من خلال توسعة الكليات، والمعاهد، والمدارس، ومراكز التدريب العسكرية الجديدة، لاستيعاب أكبر عدد من المجندين والشباب المتعلم، وإرسال البعثات العسكرية للالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية المتقدمة في الدول الأجنبية الأكثر تطوراً.
التنظيم وتجديد الدماء
إعادة تنظيم وزارة الدفاع والطيران ورئاسة هيئة الأركان العامة، وإحداث قيادات جديدة متعلمة وواعية بمتطلبات المرحلة للقوات البرية والجوية والبحرية، مع إعطائها ميزانيات مستقلة لضمان استمرار تقدمها، وإعطائها المرونة لتنفيذ مشروعاتها.
توسعة الصناعة الحربية
الاهتمام الكبير بالصناعة الحربية المبتدئة، وتحويلها إلى مؤسسة عامة للصناعات الحربية، وإعطائها الميزانية الكافية التي تمكنها من تحقيق التطور المنشود في صناعاتها، وإتاحة الفرصة لها بالمشاركة مع القطاع الخاص في التصنيع.
إنشاء المدن والقواعد العسكرية:
كان بناء المدن العسكرية والقواعد الجوية والبحرية من أولويات وزارة الدفاع، فضلاً عن مجموعات الدفاع الجوي، وإتمام مشروعات الكليات التي تضم كافة المرافق والخدمات، كالإسكان، والمدارس، والمراكز الصحية، ومراكز التدريب العسكري والمهني.
التوازن الاقتصادي
اعتماد سمو وزير الدفاع والطيران والمفتش العام لبرنامج التوازن الاقتصادي مع الدول المصدرة للسلاح وأنظمة الدفاع بأن ينفق 35% من قيمة عقود التسليح والمشروعات الدفاعية في المملكة، بموجب مشروعات صناعية متقدمة مشتركة مع القطاع الأهلي السعودي، والمؤسسة العامة للصناعات الحربية، وهي خطوة لم يسبق إليها إلا القليل من الدول.
تطوير نظم الدفاع
اهتم سلطان بن عبدالعزيز ببناء نظم جديدة للدفاع، مثل نظام القيادة والسيطرة، ومركز الدفاع الوطني، ومراكز القيادة والسيطرة لفروع القوات المسلحة، ونظم المعلومات المالية والإدارية والتموين، التي تكوّن في مجموعها نظاماً دفاعياً متطوراً.
التوسع في بناء المستشفيات العسكرية
حرص سمو وزير الدفاع على التوسع في بناء المستشفيات العسكرية، وتوفير كافة التخصصات، لدرجة وصلت فيها سمعتها الطبية إلى مستوى عالمي، فأصبحت تقدم أرقى الخدمات الطبية ليس فقط لأفراد القوات المسلحة وعائلاتهم، بل لأبناء الشعب السعودي أيضاً، كما تم إنشاء أسطول جوي للإخلاء الطبي، وأكاديمية طبية في المجمع الطبي في مدينة الملك فهد العسكرية.
الإدارات المتعددة الخدمات
عمل سمو وزير الدفاع على تخصيص إدارات لكافة الخدمات التي تحتاجها القوات المسلحة السعودية، فأنشأ إدارة مركزية للأشغال العسكرية، وإدارات أخرى لكافة الفروع تدار بأعلى مستويات نظم الإدارة والتشغيل، وبكفاءات سعودية مؤهلة، كما أنشأ ادارة عامة للمساحة العسكرية وإدارات متخصصة تهتم ببناء شخصية الجندي السعودي إيمانياً واجتماعياً وعسكرياً ومعيشياً، مثل إدارة الشؤون الدينية وإدارة المتقاعدين... إلخ.
تطوير الطيران المدني
بإشراف سموه المباشر على تنفيذ المشروعات المدنية التابعة لوزارة الدفاع والطيران، تم التوسع في بناء المطارات المحلية والدولية، وتحديث الأسطول الجوي المدني السعودي، والوصول به إلى أرقى المستويات.
القوات البرية عمود فقري
تختص القوات البرية الملكية السعودية بمهمة الدفاع عن أمن وسلامة أراضي المملكة وحمايتها من أي اعتداء، وتوطيد الحفاظ على استقرارها وفقاً لمبادئ العقيدة الإسلامية السمحة.
والقوات البرية هي العمود الفقري للقوات المسلحة في أي دولة من الدول، برغم الأهمية التي أخذها سلاح الجو في الحروب الحديثة، وقد اهتم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز منذ توليه بتحديث القوات البرية، وتزويدها بأسلحة لمختلف الأغراض الميدانية التي تمكنها من القيام بكافة المهام القتالية، وظل يرعى ويتابع سبل تطويرها التي تتجدد باستمرار لتواكب تطور الآليات الحربية ومستجدات العلم الحديث. كما وجه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة سمو وزير دفاعه بالاهتمام بلياقة وأهلية الإنسان العسكري السعودي، وتوفر كافة إمكانات تطوير ذاته وتجديدها جسدياً وفكرياً.
والقوات البرية تتكون من عدة أسلحة يكمل بعضها بعضاً لتشكل قوة كبيرة قادرة على خوض المعارك التي يتطلبها واجب الدفاع عن الوطن، وهي سلاح المشاة، والمدرعات، والمظلات، والقوات الخاصة، والمدفعية، والإشارة، والصيانة، والنقل.
وكان قرار تعديل مسمى الجيش السعودي من (الجيش العربي السعودي) إلى (القوات البرية الملكية السعودية) الذي بدأ بتنفيذه في 1-1-1397هـ، مؤشر تحول تاريخي في القوات المسلحة السعودية، ودليل اتجاه قوي نحو تحديث القوات المسلحة وتعزيز فروعها.
فقد أصبح هذا المسمى يتوافق مع الدور الفاعل للقوات الجوية الملكية السعودية والقوات البحرية الملكية السعودية.
وبعد ذلك التاريخ خطت القوات البرية خطوات جبارة نحو التقدم والتطور، حتى وصلت إلى ذروة تطورها، بفضل من الله ثم بجهود رجالها وعلى رأسهم سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وأصبح الجندي السعودي مؤهلاً تأهيلاً عالياً، وملماً بأحدث ما وصلت إليه التقنية العصرية من علوم، ومزوداً بالثقافة والمعرفة العسكرية اللازمة لتشغيل الأجهزة الحديثة، والأسلحة، والمعدات، والآليات، يسانده في ذلك نخبة من المؤهلين المدنيين الأكفاء في كافة علوم التخطيط والإدارة والمالية.
وكانت القوات البرية الملكية السعودية أول من أدخل نظام الحاسب الآلي في المملكة لتسهيل خدمات التموين الفني وقطع الغيار، ولم يسبقها إلى استخدامه في الدولة إلا أرامكو السعودية ووزارة المالية، وبعد ذلك تم إنشاء مركز الوثائق والمحفوظات بوزارة الدفاع، ليستفيد الجندي السعودي من هذه النقلة الحضارية، حيث حولت معظم الوثائق إلى نظام التصوير المصغر.
وعندما تمت توسعة نظام الحاسب الآلي بإدارة مركز المعلومات بوزارة الدفاع والطيران، استفادت القوات البرية بصورة أكبر لتدار أعمالها المالية والإدارية آلياً بدقة وبسرعة بأيد سعودية مخلصة ومؤهلة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استمر التطوير تدريجياً من قوات مشاة خفيفة إلى قوات مشاة آلية متحركة 100%، زودت بناقلات الأفراد المجنزرة، والمدرعات المقاتلة، والدبابات الحديثة التي تتميز بكثافة نيرانها، كما زودت بالمدفعية بعيدة المدى، وراجمات الصواريخ، وأمنت معدات المهندسين، وعربات النقل، والقاطرات الحديثة، بالإضافة إلى أجهزة الإشارة المتعددة، وشبكات كبيرة للاتصالات الميدانية.
وكان إنشاء طيران القوات البرية ذروة التطور في تاريخ تحديث القوات البرية الملكية السعودية، وقد قامت هيئة عمليات القوات البرية بدور فاعل في إعداد نواة التأسيس الأولى للطيران عندما قامت باختيار مجموعة من الضباط، وإرسالهم لدراسة الطيران العمودي في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم تخرج أول ضابط طيار سنة 1397هـ، ثم توالت الدفعات بعد ذلك التاريخ.
وقد تم تزويد طيران القوات البرية بطائرات عمودية، وهي طائرات صقر الصحراء ذات المهام المتعددة، وطائرات الاستطلاع المسلح، وطائرات الأباتشي العمودية المقاتلة.
ثم ظهرت الحاجة لإنشاء مركز ومدرسة طيران القوات البرية الذي أمر به سمو وزير الدفاع والطيران، وتم إنشاؤه بالفعل في 1-5-1410هـ، وتم تشكيله في المنطقة الشمالية ليقوم بمهمة إعداد وتأهيل ضباط وأفراد القوات البرية تكتيكياً وفنياً، إضافة إلى إجراء البحوث في مجال طيران القوات البرية التي بدأت خدماتها آنذاك تتطور بسرعة كبيرة.
ولا يزال مركز ومدرسة طيران القوات البرية مرجعاً علمياً، ومصدر معلومات لجميع وحدات القوات البرية في جميع الموضوعات الفنية والتكتيكية الخاصة بطيران القوات البرية.
كما تقدم المدرسة دورات تأهيلية وتأسيسية متقدمة لضباط وأفراد القوات البرية إلى جانب دورات اللغة الإنجليزية.
ولما كان العلم والتعليم ركيزة هامة، فإن القوات المسلحة السعودية حققت نجاحاً كبيراً في العشرات من المعاهد والمدارس والكليات العسكرية، باهتمام من سمو وزير الدفاع والطيران، الذي أدى أهمية كبرى لمسألة تطوير الصروح العلمية في القوات المسلحة كلها، إيماناً منه بأن الأسلحة الحديثة والمتطورة تحتاج إلى عقليات منفتحة على مستجدات العلم، مؤهلة أكاديمياً للتعامل معها، وقادرة فنياً على صيانتها، والمحافظة عليها، فضلاً عن تشغيلها بجدارة واقتدار.
وقد أسهمت هذه الصروح العلمية العسكرية، سواء كانت المراكز والمدارس التابعة للأسلحة، أو الكليات الحربية الكبرى، في رفع مستوى التدريب في مختلف وحدات القوات البرية، ورفع كفاءة أفرادها، ويتبع أسلحة القوات البرية 8 مراكز ومدارس تعليمية، و4 معاهد وكليات متخصصة.
تحديث القوات الجوية
أما القوات الجوية الملكية السعودية فإن عصر تحديثها بلغ أوجه في هذا العهد الزاهر، حيث استكملت مرحلة المشاريع المبرمة عقودها مع مجموعة من الدول الغربية لتطوير وتحديث القوات الجوية الملكية السعودية، وتطوير القواعد الجوية وتوسيعها، وبناء قواعد جديدة.
وقد سارت خدمة القواعد الجوية على جانبين، الأول توجيه سمو وزير الدفاع والطيران بتطوير وتحديث ما كان موجوداً من منشآت جوية، مثل وحدة تدريب القتال، ومطار عباس بن فرناس بجدة، حيث أصبحت هذه المنشآت قواعد جوية كبيرة، والجانب الثاني، بناء قواعد جوية جديدة على أسس علمية حديثة، وزعت حسب المواقع الجغرافية المناسبة، وفي مناطق مختلفة من المملكة، تؤدي كل قاعدة من هذه القواعد المهمات المنوطة بها على أكمل وجه.
وقد تحقق حتى الآن في تاريخ القوات الجوية إنجاز القواعد التالية:
قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية بالمنطقة الشرقية.
قاعدة الملك فيصل الجوية بالمنطقة الشمالية الغربية.
قاعدة الملك خالد الجوية بالمنطقة الجنوبية.
قاعدة الملك فهد الجوية بالطائف.
قاعدة الملك عبدالله الجوية بالمنطقة الغربية.
قاعدة الأمير سلطان الجوية بالخرج.
قاعدة الرياض الجوية
ودخلت قوة الدفاع الجوي التي تسمى اصطلاحا بالقوة الرابعة مرحلة الصواريخ والردع الاستراتيجي في الاثنين وعشرين عاماً الماضية.
ومن إنجازات هذه المرحلة انفصال قيادة الدفاع الجوي عن قيادة القوات البرية، حيث أصبحت مرتبطة برئيس هيئة الأركان العامة، وذلك بعد أن شهد الدفاع الجوي توسعاً كبيراً في تشكيلاته ومنظوماته، ولتحقيق المرونة في تنفيذ مشاريع التطوير.
وبعد أن استكملت قيادة الدفاع الجوي معظم مشاريعها الكبرى سنة 1404هـ، صدر الأمر السامي الكريم بجعل الدفاع الجوي قوة رابعة ضمن القوات المسلحة، تحت مسمى (قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي)، وذلك لأهميتها وتزايد التزاماتها.
وفي سنة 1405هـ، تم إعادة تنظيم الصيانة الرئيسية في الدفاع الجوي، كما تحول مسمى الورش الفرعية بالمناطق إلى الصيانات الفرعية.
وفي هذه المرحلة، وبعد انتهاء حرب الخليج وتحرير الكويت، وكنتيجة لظهور تهديد جديد يتمثل في الصواريخ (أرض-أرض)، أضيفت إلى منظومة الدفاع الجوي صواريخ (الباتريوت)، وذلك لتشكل خط دفاع جوي آخر يضاف إلى منظومات الدفاع الجوي المكونة من صواريخ الهوك، ووحدات المدفعية (35 ملم- سكاي- جارد)، وصواريخ (الشاهين)، (والكروتال) وصواريخ الدفاع الجوي القصيرة المدى (الفردية).
كما أنجز في هذه المرحلة مشاريع القيادة والسيطرة والاتصالات، مما مكن قوات الدفاع الجوي من السيطرة على كافة عناصر شبكة الدفاع الجوي في جميع مناطق البلاد.
وتوجد مجموعات للدفاع الجوي في كل منطقة من المملكة مهمتها عمل منظومة دفاع متكاملة التغطية، وانطلاقاً من رؤية ثاقبة وحكيمة لولاة أمر هذه البلاد، المعروفة بالحكمة والاتزان، صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين القائد الأعلى لكافة القوات العسكرية في 3-1-1407هـ بتعزيز القدرات الدفاعية للقوات المسلحة بقوة ردع استراتيجية، تساهم مع أفرع القوات المسلحة الأخرى في تعزيز السلم وردع العدوان لمن تسول له نفسه، فكان ذلك التاريخ مولداً لقوة الصواريخ الاستراتيجية.
أصبحت المملكة العربية السعودية الآن وبفضل الله ثم بفضل رعاية ولاة الأمر في هذا البلد تمتلك من المرافق والمنشآت المدنية والعسكرية ما يفوق أو يماثل ما تملكه بقية دول العالم، بل إن ما تحقق لم يقتصر على بناء المرافق المساندة، بل تعدى ذلك إلى المساهمة الفاعلة في تنمية الوطن، من خلال تواجد وحداتها في العديد من مناطق المملكة، فأنشئت المدن العسكرية، والمطارات، والسدود، ومراكز التعليم، والتدريب، والمستشفيات التي ساهمت في خدمة المواطن وتسهيل سبل العيش والرخاء، إضافة إلى خدمة منسوبيها.
وقد نتج عن هذا التطور والتحديث والبناء تنمية الطاقة البشرية، بتدريب أكبر عدد من منسوبي قوات الدفاع الجوي في كل المجالات، وتوفير فرص عمل، بتعيين أعداد من المواطنين السعوديين، وتوظيف أمثل للتقنية في مجالات الاختصاص، واستخدام الحاسب الآلي وتنظيم المعلومات بأحدث الوسائل.
توسعة القوات البحرية
أما القوات البحرية الملكية السعودية فقد وصلت إلى أهم مرحلة توسع في تاريخها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، واتسمت هذه المرحلة بالتوسع في مشروعات التطوير، وزيادة المنشآت، وإنشاء القواعد البحرية، والاهتمام بالمزيد من المعاهد والكليات والمدارس في التخصصات البحرية.
وهكذا يظل توسع نشاط القوات البحرية عاملاً أساسياً يجعلنا نعتبر سنة 1400هـ مرحلة فاصلة في تاريخ تطورها، ذلك لأن وجود القوات البحرية، إلى سنة 1399هـ كان مختصراً في مدينة الدمام بالمنطقة الشرقية؛ حيث كانت القاعدة البحرية وكانت مناطق عملياتها لا تتعدى منطقة رأس تنورة، إلا أن ذلك تغير ابتداء من سنة 1400هـ وأصبح وجودها مشتملاً على قيادة القوات البحرية في الرياض، والأسطول الشرقي، ومرافق التعليم على الساحل الغربي، واتسعت مناطق العمليات لتشمل الخليج العربي والبحر الأحمر إلى خليج عمان وبحر العرب وشمال المحيط الهندي.
وتتلخص إنجازات القوات البحرية فيما يلي:
* مشروع الصواري مع الحكومة الفرنسية سنة 1400هـ لشراء فرقاطات، وسفن إمدادات، وطائرات عمودية، وتأسيس مدارس متخصصة.
* مشاة البحرية، ووحدات البحرية الخاصة:
تم تشكيل مشاة البحرية ووحدات الأمن البحرية الخاصة، وتم تطويرها إلى أن أصبحت قوة تؤدي دورها بفاعلية ضمن تشكيلات القوات البحرية الأخرى.
الطيران البحري
بدأ الطيران البحري كجزء من مشروع (الصواري - 1) بالطائرات العمودية من نوع (دولفين) التي تم تعزيزها فيما بعد بطائرات عمودية من نوع (سوبر بوما).
مشاريع أخرى
نفذت القوات البحرية مؤخراً مشروعي (البرق والرعد) اللذين تم بموجبهما تزويد القوات البحرية بعدد من الطائرات العمودية من نوع (سوبر بوما) وعدد من الزوارق السريعة، وتم الحصول على عدد من زوارق الدورية من الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن هناك مشروع (القناص) مع الحكومة البريطانية لتزويد القوات البحرية بقناصات ألغام، كما تم توقيع عقد مشروع (الصواري - 2) مع الحكومة الفرنسية لتزويد القوات البحرية بفرقاطات فرنسية.
قيادة القوات البحرية
تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، تم افتتاح مبنى قيادة القوات البحرية، وذلك في 8-1-1401هـ، وانتقلت إليه قيادة القوات البحرية.
قاعدة الملك عبدالعزيز البحرية
تم افتتاح قاعدة الملك عبدالعزيز البحرية في 16- 1-1401هـ، وتتوافر فيها جميع المرافق العامة من مساجد، ومدارس، وسكن للعوائل والعزاب، وأسواق، وحدائق، ونوادٍ للضباط والأفراد والأبناء، كما يوجد بالقاعدة مستشفى كبير ومتكامل به جميع التخصصات الطبية، وقد افتتحه سمو الأمير سلطان في 2-12-1406هـ.
قاعدة الملك فيصل البحرية
تم افتتاح القاعدة في 24-11-1404هـ، وهي تضم المرافق العامة بجميع أنواعها من مساجد ومدارس وسكن وأسواق وغيرها.
مركز التدريب البحري
يقوم المركز بتدريب وتأهيل الأفراد الجدد الملتحقين بالقوات البحرية، حيث يعد المركز لهم البرامج اللازمة لتأهيلهم عسكرياً، بالإضافة إلى عقد عدد من الدورات المتخصصة لضباط وأفراد الوحدات الخاصة ومشاة البحرية.
كلية الملك فهد البحرية
صدر قرار مجلس الوزراء بتاريخ 6-7-1403هـ بالموافقة على إنشاء كلية الملك فهد البحرية، وبدأت الدراسة في الكلية في العام الدراسي (1405- 1406هـ)، وتستقبل الكلية عدداً كبيراً من الطلبة من حاملي الشهادة الثانوية (القسم العلمي)، وتقوم الكلية بتدريبهم وتأهيلهم علمياً وعسكرياً، ليتخرجوا بعد ذلك ضباطاً بحريين.
معهد الدراسات الفنية للقوات البحرية
تأسس مركز التدريب البحري بالدمام في 1-1- 1399هـ ليتولى تدريب الطلبة الملتحقين بالقوات البحرية في الداخل بدلاً من تدريبهم خارج المملكة، وفي غرة رجب 1401هـ وبتويجهات من سمو الأمير سلطان تحول اسم مركز التدريب البحري إلى معهد الدراسات الفنية البحرية، ومن مهماته تأهيل أفراد القوات البحرية علمياً وعملياً في مختلف التخصصات الفنية لتزويد القوات البحرية، الكفاءات المؤهلة، ويلتحق بالمعهد الطلاب من حملة شهادة الثانوية العامة والكفاءة المتوسطة أو ما يعادلها.
المستشفيات العسكرية
درع الوطن الصحي
في عهد خادم الحرمين الشريفين أصبحت الخدمات الطبية للقوات المسلحة، برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز تواكب كل ما هو حديث ومتطور في المجال الطبي على المستوى المحلي والعالمي، بل تتفوق في كثير من المجالات الطبية.
فقد زاد بناء المستشفيات العسكرية الكبيرة في المدن الرئيسية، وتم تجهيزها بالمعدات الطبية المتقدمة، وتشغيلها بأعلى المستويات وصيانتها، كما استمرت برامج التدريب الطبي والفني للسعوديين، لتقديم أرقى الخدمات الطبية لأفراد القوات المسلحة وعائلاتهم، وتم إنشاء أسطول جوي للإخلاء الطبي الجوي تعمل عليه كفاءات سعودية، كما أنشئت أكاديمية طبية في المجمع الطبي في مدينة الملك فهد العسكرية، وفتحت المراكز الصحية في المعسكرات والمجمعات السكنية ومستشفيات الميدان المتقدمة.
وتقوم الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة بالتخطيط، والتوجيه، والإشراف على المرافق الصحية للقوات المسلحة من مستشفيات، ومستوصفات، وطب الميدان، مع وضع المعايير الصحية اللازمة لتطبيقها في المرافق الصحية العسكرية، بالإضافة إلى أنها تقوم بدور الرابط والمنسق بين الخدمات الطبية الأخرى والمسؤولة في الدولة، مثل وزارة الصحة، والأمن العام، والحرس الوطني، والهلال الأحمر السعودي. على أن المهمة الأساسية لهذه الإدارة تقديم الخدمات العلاجية والوقائية لمنسوبي القوات المسلحة وعائلاتهم في زمن السلم والحرب، وكذلك تقديم العلاج للمواطنين في الحالات الطارئة، وحالات الأمراض ذات التخصص النادر التي لا يتوفر علاجها في المستشفيات الحكومية، وتعمل على رفع المستوى الصحي لمنسوبي القوات المسلحة من خلال نشر الوعي الصحي ومكافحة الأمراض والأوبئة. كما تعمل على إيجاد فئات عسكرية ومدنية مدربة على تطوير المنشآت الخدمية الطبية لتكون على أعلى مستوى ممكن، وتواكب التطور في مستوى الخدمة الصحية التي تقدم لمنسوبي القوات المسلحة وعائلاتهم من خلال مستشفيات القوات المسلحة، وهو الجهد الذي تبذله الدولة برعاية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين من جهود لخدمة المواطن، من أجل بناء مجتمع صحي وسليم، وتحرص الخدمات الطبية للقوات المسلحة على تطوير مرافقها الصحية، وتقديم أفضل الخدمات لمنسوبي القوات المسلحة وغيرهم من المواطنين المحالين من القطاعات الصحية الأخرى، كمرضى القلب والأوعية الدموية والأورام والأعصاب، حيث تتوافر الكفاءات الطبية العالية والأجهزة الدقيقة في أغلب مستشفيات القوات المسلحة لاستقبال الحالات التي تستوجب عناية خاصة ومتقدمة.
ولم تتوقف نشاطات الخدمات الطبية للقوات المسلحة، بل تعدى ذلك إلى وجود مستشفيات متنقلة كان لها الدور الإيجابي والمساهمات الفاعلة في كثير من النشاطات.
ومن مساهماتها الإيجابية المشاركة في مواسم الحج بالمستشفيات المتنقلة لخدمة حجاج بيت الله الحرام.
وتضم هذه المستشفيات المتنقلة وحدات طبية تشتمل على جميع العيادات، ومنها عربات مخصصة لإجراء العمليات المختلفة، وأخرى للعناية المركزة، بالإضافة إلى عربات التنويم والصيدلة وخزانات المياه المتنقلة، ويقوم عليها نخبة من الأطباء من الكوادر السعودية المدربة والمتخصصة.
وبات الاشتراك في موسم الحج من كل عام ركيزة أساسية لخدمة الحجيج، تقوم بها الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة، فضلاً عن المتابعة الدورية من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع والطيران والمفتش العام بزيارات ميدانية كل موسم لتفقد سير العمل والاطمئنان على راحة الحجيج.
وأصبحت تضم الإدارة العامة للخدمات الطبية العديد من الإدارات الفاعلة التي تساهم وتعمل في طريق واحد لتحقيق الهدف والمهام التي تضطلع بها الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة.
وفي عام 1417هـ تحولت خدمات أمراض القلب إلى مركز باسم سمو الأمير سلطان بعد تطويره لتقديم العناية الوقائية والعلاجية والتأهيلية الخاص لأمراض القلب، وأصبح يسمى مركز الأمير سلطان لأمراض وجراحة القلب وبإمكانات متطورة أهلته ليكون الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط.
ولقد روعي في هذا الصرح الطبي الكبير أن يكون على مستوى المسؤولية، حاضراً ومستقبلاً، نوعاً وكماً، ويضم أقسام القلب الأربعة وهي: جراحة القلب، أمراض القلب للكبار، طب وتخدير، والعناية الحثيثة، أصبحت تلك الأقسام تشكل وحدة متناسقة تحت مسمى مركز الأمير سلطان لأمراض وجراحة القلب، وطاقته السريرية (160) سريراً تصل عند الضرورة إلى (200) سرير، كما يمكنه إجراء (4000) عملية جراحية وقسطرة في العام الواحد.
ويولي مركز الأمير سلطان اهتماماً خاصاً للتدريب، كما يقوم بعقد العديد من الدورات التدريبية للعديد من أبناء بعض الدول العربية والإسلامية.
وانصبت أهداف إنشاء المركز على:
- تقديم العناية الوقائية والعلاجية والتأهيلية لمنسوبي القوات المسلحة والمحالين للمركز.
- تدريب الكوادر الوطنية في المجال ذاته.
- إجراء البحوث العلمية بهدف دراسة الظواهر الصحية المتعلقة بأمراض القلب.
- إجراء الفحوصات المتعلقة بالقلب اللازمة لبعض الفئات.
فيما مضى كانت هناك أعداد كبيرة من المواطنين يرسلون على نفقة الدولة لتلقي العلاج في المراكز الدولية المرموقة بالخارج، وقد تغير هذا الوضع، حيث غطى المركز هذه الجزئية وهو مركز متكامل للقلب، بالإضافة إلى تقديمه للخدمات الإنسانية والاجتماعية الأخرى لغير القادرين من المرضى، فضلاً عن الجهود والنشاطات التثقيفية والترفيهية للمرضى ومراجعيه، وأصبح الآن أحد المراكز العالمية التي يتم تحويل العديد من الحالات المرضية إليه من دول خارج المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج اللازم.
وتقدم الخدمات الصحية في القوات المسلحة من خلال المستشفيات الكبرى التالية:
- مستشفى الأمير منصور العسكري بالطائف.
- مستشفى القوات المسلحة بالرياض والخرج.
- مستشفى القوات المسلحة بقاعدة الملك عبد العزيز الجوية بالظهران.
- مستشفى القوات المسلحة بمدينة الملك خالد العسكرية بالشمالية (حفر الباطن).
- مستشفى القوات المسلحة بنجران.
- مستشفيات القوات المسلحة بالجنوب.
- مستشفيات القوات المسلحة بالشمالية الغربية.
- مستشفى القوات المسلحة بالهدا ومركز التأهيل بالطائف.
- مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة.
- مستشفى القوات المسلحة بشرورة.
- مستشفى قاعدة الملك عبد العزيز البحرية بالجبيل.
- مجمع الملك فهد الطبي العسكري بالظهران.
- مستشفى القوات المسلحة بوادي الدواسر.
- مركز الأمير سلطان لأمراض وجراحة القلب.
- المركز الطبي بمخيم اللاجئين برفحاء.
- مستوصف القوات المسلحة بالمدينة المنورة.
- الإخلاء الطبي الجوي.
وهناك الكثير من المستوصفات والمراكز الصحية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة التي تخدم المواطن السعودي.
ومن أهم هذه المستشفيات التي نالت شهرة عالمية في بعض التخصصات برنامج مستشفى القوات المسلحة بالرياض والخرج، الذي يعد مرجعاً تعليمياً بالإضافة إلى أنه يقوم بعمل مستشفى عام لطب الأسرة والمجتمع.
ويعد برنامجه رائداً في عمليات زراعة الأعضاء منذ عام 1399هـ أجريت فيه أول عملية زراعة كلى، وفي الرابع عشر من فبراير عام 1986م تمت فيه أول عملية قلب مفتوح، كذلك أول عملية زراعة كبد أجريت في الثلاثين من يوليو عام 1990م، وهو بحق تحفة معمارية مجهزة لتؤدي هدفها بإمكانات نموذجية تعينه على تأدية رسالته على أكمل وجه من الناحيتين العلاجية والوقائية.
أما مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة فيعد أكبر مركز طبي متخصص في المنطقة الغربية.
ويميز برنامج هذا المستشفى تخصصه في مجال العلاج الشامل لمرضى السكر ومختبر طبي متكامل للفحوصات المتقدمة، ويشتهر هذا المستشفى باستخدام أنقى مياه في الشرق الأوسط للمساعدة في تنقيص وتقليص وقت غسيل الكلى من ست ساعات إلى ساعتين فقط، مما يعطي المزيد من الوقت للعديد من المرضى.
وقد شهد مستشفى القوات المسلحة بالهدا ومستشفى الأمير سلطان ومركز التأهيل بالطائف تطوراً كبيراً من حيث التوسع في الخدمات الطبية، والرعاية الصحية، والجودة النوعية لهذه الخدمات فافتتحت العديد من الأقسام المتطورة في الأشعة والعلاج الطبيعي وقسم الطوارئ المجهز بمهابط الطائرات العمودية وغرف العمليات المصغرة لإجراء الحالات الإسعافية السريعة، إضافة إلى علاج أمراض النساء والولادة، وأقسام زراعة الكلى والمفاصل واستبدالها، وجراحات الأعصاب، وزراعة القرنية، وقسم لجراحة المخ، وقسم خاص لجراحة الجمجمة بالكمبيوتر، ورسم الجسم بالذرة، وانطبق التطور نفسه على مستشفى الأمير سلطان.
أما مركز التأهيل بالطائف فقد تم فيه توفير الكفاءات الطبية المتخصصة والأخصائيين في مجالات العلاج الطبيعي، والعلاج بالعمل، والعلاج التطويري، والعلاج الترفيهي والنفسي، وعلاج عيوب النطق، وعمل الأطراف التعويضية والأجهزة المساعدة على الحركة مع تدريب المعاق على كيفية استخدامها.
ويضم المركز أيضاً قسماً للخدمة الاجتماعية والبيئية الذي يقوم باستقبال المعاق ودراسة حالته الاجتماعية، ويضع له الخطة المناسبة للمشاركة في برنامج التأهيل، ويواصل المركز برنامجه التعليمي وهو تهيئة الفرصة أمام المعاق لاستكمال تعليمه أثناء فترة العلاج.
ويعتبر مستشفى القوات المسلحة بمدينة الملك عبد العزيز العسكرية بتبوك أول من أدخل تقنية جراحة المناظير بالمملكة العربية السعودية، وقد أقيم بها المركز الوحيد للتدريب على هذا النوع من العمليات، اضافة إلى الدورات التأسيسية للتدريب على استئصال المرارة بالمنظار واستخدام المناظير أيضاً في جراحات الأنف والأذن والحنجرة.
وبه وحدة زراعة القرنية وزراعة الكلى، كذلك تم تحديث وتطوير وحدة جراحة التجميل وجراحة الرأس والوجه، التي تعالج جميع حالات التشوهات الخلقية باستخدام التقنية الحديثة للجراحات الميكروسكوبية (المجهرية) وزراعة الأعضاء المبتورة.
أما مستشفى القوات المسلحة بقاعدة الملك عبد العزيز البحرية بالجبيل فقد تخصص في مجال طب الغوص وأمراض البحار، وحقق قفزة نوعية في هذا المجال، وفي الجنوب فإن مستشفى القوات المسلحة يعد من المستشفيات الرائدة في عمليات القلب المفتوح، التي بدئ في إجرائها منذ عام 1412هـ باستبدال الصمام الأورطي والتاجي، وعمليات المفرعات التاجية والشريانية، وكذلك عمليات تقويم الأوعية التاجية تحت الجلد عن طريق البالون، كما تبنى البرنامج كبقية مستشفيات القوات المسلحة الأخرى عمليات زراعة الكلى، وقد أخذ البرنامج على عاتقه فكرة منسق زراعة الكلى الذي يعتمد على الزيارات الميدانية الدورية لتشجيع التبرع بالكلى من المتوفين دماغياً.
ويضم الإخلاء الطبي بمستشفيات القوات المسلحة أسطولاً من الطائرات النفاثة والعمودية المجهزة كمستشفيات طائرة إسعافية تستخدم في الداخل والخارج، وهي مجهزة بغرف للعمليات والإنعاش والعناية المركزة، ومختبر وغرف للأشعة والتحميض.
ويوفر الإخلاء الطبي الجوي قسماً خاصاً بالتدريب للطيارين وإجراء الاختبارات الدورية لهم، وكذلك تأهيل الطيارين، ومن أبرز الأمثلة على مشاركات الإخلاء الطبي الجوي مشاركته أثناء تحرير دولة الكويت، حيث كانت طائرات الإخلاء الطبي الجوي السعودية من أول الطائرات التي دخلت الكويت.
ونظراً لحاجة المستشفيات العسكرية للعديد من الفنيين في مجال العلوم الطبية، تم إنشاء الكلية العسكرية المتوسطة بالظهران سنة 1409هـ.
وتقوم الكلية سنوياً بتدريب وتعليم عدد من الضباط وضباط الصف والمدنيين التابعين للخدمات الطبية للقوات المسلحة، من خلال دورات متخصصة تأسيسية ومتقدمة، وكذلك دورات في الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية، وتأهيل الضباط الجامعيين في التخصصات الطبية المختلفة، وهي بحق تمثل النواة للخدمات الطبية للقوات المسلحة.
اهتمام الملك عبدالعزيز بالصناعات الحربية
بدأ الاهتمام بالصناعات الحربية في عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله-، فقد لمس الملك المؤسس في وقت مبكر مدى الحاجة لإنشاء صناعة حربية قدر الإمكانات المتاحة، تزرع البذرة للتطور والتوسع فيما بعد، بدلاً من الاعتماد في كل صغيرة وكبيرة على السلاح المستورد.
وقد أمر الملك عبدالعزيز بإعداد التجهيزات الأساسية سنة 1369هـ، وأنشئ أول مصنع للذخيرة سنة 1370هـ، وقد شهد - رحمه الله - إنتاج هذا المصنع الذي اهتم به ورعاه قبل وفاته بقليل سنة 1373هـ فقرت به عينه، وانتقل إلى رحاب ربه مطمئناً إلى أن من سيعقبه من أبنائه سيواصل مسيرة بناء الصناعة الحربية السعودية ويرعى تطويرها، وهو ما حدث في عهد الملك سعود - رحمه الله - الذي أدخل نوعاً من التحسينات ووجه بوضع خطط التطوير للانتقال إلى مرحلة أفضل، وهكذا مع الملكين فيصل وخالد رحمهما الله.
وبناء على ذلك استمرت المصانع الحربية السعودية في رحلتها الممتدة عبر جسور علمية مدروسة هدفها إرساء قاعدة متكاملة للصناعات الحربية، فتجلت الإنجازات الصناعية، وتوالت المصانع الإنتاجية المزودة بأحدث التقنيات.
وفي الوقت نفسه الذي تم الانتهاء من تنفيذ مرافق الخدمات الضرورية، استكملت المرافق الصناعية المساندة للإنتاج التي ساهمت إلى حد كبير في صيانة الآلات وإنتاج مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار ذات التكلفة العالية، ومن المنشآت الكبيرة التي أنجزت ضمن التجهيزات الأساسية في الخطة الخمسية الثانية، مبنى الإدارة العامة وإدارات الإنتاج والصيانة، والإمداد والمستودعات، والملاعب الرياضية ومبنى الضيافة والمستشفى وشبكات المياه والاتصالات، والطرق ومحطة النقليات ومواقف السيارات، ومحطتا التحلية والتبريد وغير ذلك من الإنجازات التي تطل من كل موقع، والتي تمت في فترة تعد في عمر الزمن قياسية.
بدأت المرحلة الزاهرة من مراحل تطور الصناعة الحربية السعودية بصدور الموافقة السامية في 20- 3-1406هـ بتحويل المصانع الحربية إلى مؤسسة عامة للصناعات الحربية، تتمتع بكيان مستقل، ولها مجلس إدارة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وتجيء هذه الخطوة الجديدة لمزيد من التطوير للصناعات الاستراتيجية لتحقيق المرونة في التعامل مع مصادر التصنيع الحربي العالمي، ومواكبة الإنتاج العالمي، وخدمة أهداف التكامل مع القطاع الخاص الوطني بما يخدم هذه الصناعات، واستثمار الطاقات والإمكانات المتوفرة لدى الصناعات الوطنية الخاصة دعماً وتطويراً للصناعات القائمة.
وقد حققت المؤسسة العامة للصناعات الحربية في هذه المرحلة الزاهرة جملة من الأهداف يأتي في مقدمتها ما يلي:
- بناء قاعدة صناعية متكاملة للصناعات الحربية تكفل إقامة وإنماء وتطوير هذه الصناعة، وتتولى مسؤولية توفير احتياجات القوات المسلحة والقطاعات العسكرية الأخرى بالأسلحة والذخائر والصناعات المكملة والمساندة لها وبأيدٍ وطنية.
- الإسهام في إرساء دعائم النهضة الصناعية وتنويع الإنتاج الصناعي لخدمة الأهداف الاقتصادية والوطنية.
- نقل أحدث مستويات التقنية الصناعية واكتسابها والاستفادة من معطياتها في تطوير هذه الصناعة، وإجراء البحوث والدراسات في المجالات المتصلة بالصناعات الحربية.
- تحقيق التكامل الصناعي مع القطاع الخاص الوطني والتعاون معه في إرساء صناعات مشتركة، دعماً وتطويراً للصناعات الحربية، واستثماراً للطاقات والإمكانات المتوفرة لدى الصناعات الوطنية الخاصة لخدمة التصنيع الحربي وإدخال صناعات جديدة.
- الإسهام في بناء قاعدة من القوى البشرية الوطنية الفنية والإدارية القادرة على التعامل مع التقنية الصناعية الحديثة وتشغيل وصيانة وإدارة المشروعات الصناعية الكبيرة.
- النهوض بالمواطن السعودي ورفع مستواه الحضاري والاجتماعي وتوفير سبل الحياة الرغدة المريحة تمشياً مع الأهداف الوطنية.
- الدعم والرعاية التي تلقاها الصناعات الحربية ممثلة في المشروعات الإنتاجية التي تم إنشاؤها وفي عمليات تحديث الصناعات القائمة، وتزويدها بأحدث مستويات التقنية، لتطوير المنتج ووسائل الإنتاج ومن ثم تدفق الإنتاج المتطور في الساحة الوطنية للوفاء باحتياجات القطاعات العسكرية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
- الاعتماد على الذات في إنتاج مستلزمات الإنتاج وبعض المعدات وقطع الغيار التي كان يصعب استيرادها، مما يؤكد قدرات العاملين في تسخير التقنية الحديثة بمهارة فيما يخدم الإنتاج ومرافقه المساندة.
- الاهتمام بالمجال التقني كدعامة أساسية للتطوير، ودعم مركز الأبحاث الذي تم إنشاؤه وتشغيله بهدف إجراء البحوث والدراسات والتجارب التي تحتاجها الصناعات الحربية، وتتطلبها الصناعات الجديدة، ولمتابعة التطور العالمي، ذلك لأن الصناعات الحربية تعيش في خضم منافسة وسباق يتطلبان المزيد من الخبرة ومواكبة مستجدات العصر.
- استخدام الحاسب الآلي بتوسع في العمليات الإنتاجية والإدارية وبرامج التدريب والتعليم وإجراء البحوث والدراسات، وقد استطاع المواطن أن يستوعب تقنياته في فترة وجيزة، ويستخدمها بكفاءة عالية في مجالات مختلفة ومتعددة، وحقق عائداً اقتصادياً وبشرياً، كما تم إنشاء المراكز الصناعية للمعلومات كخطوة موفقة لمواكبة التطور الصناعي العالمي انطلاقاً من أن المعلومات هي عصب العمليات المساندة للإنتاج.
إن من أبرز إنجازات المؤسسة في عهدها الحاضر تنمية ودعم القوى البشرية الوطنية، فنية كانت أو إدارية، وكان من نتائج استيعاب التقنية الحديثة وارتفاع المستوى التعليمي والتدريبي بالمؤسسة، أن برز العديد من المهندسين والفنيين في مجالات الإنتاج والصيانة والتخطيط والبحوث والتدريب، مما أدى إلى ظهور الابتكارات والتعديلات وعمليات التحديث والتطوير وأعمال إبداعية كثيرة اعترف بها وطبقها المنتجون الأصليون.
من هنا بدأت فكرة إنشاء المعارض الصناعية المتخصصة بالمؤسسة، لتلقي الضوء على إنجازات المؤسسة الصناعية، وإنتاجها المتنوع، والتعريف بمراحل تطور الإنتاج، منذ أن دارت أول ماكينة في مصنع الذخيرة في السبعينيات الهجرية، وحتى وقتنا الحاضر، ولتبرز عمليات التحديث والتعديل التي تم إدخالها على المنتج ليلائم الظروف المناخية للمملكة، وكذلك تجسيد جهود منسوبي المؤسسة في مجال تطوير الآلات والمعدات ووسائل الإنتاج المختلفة.
قواتنا في بناء الوطن
تضطلع القوات المسلحة في المملكة بدور كبير في خطط التنمية الوطنية الشاملة، وأصبحت مشاركة القوات المسلحة في خطط التنمية علامات مميزة في تاريخ بناء الوطن، حيث إن خطط التنمية الذاتية للقوات المسلحة ودورها الفاعل، كانت تتم في محور الهدف الاستراتيجي لخطط التنمية الشاملة في المملكة.
لقد سارت خطط التنمية في برامج القوات المسلحة السعودية جنباً إلى جنب مع الأهداف العامة للخطط التنموية الوطنية، وكانت سياسات وبرامج التنمية تتم من خلال الميزانيات المخصصة للقوات المسلحة سنوياً.
وتهتم خطط التنمية في القوات المسلحة السعودية على تحقيق مجموعة من الأهداف تنص عليها خططها، لا تخرج في مجملها عما يلي:
- الارتفاع بمستوى القوات المسلحة لتحقيق المهام التي تنص عليها السياسة الدفاعية الدولية.
- تمكين القوات المسلحة من مواكبة مجريات العصر وخدمة القضايا العربية والإسلامية.
- تحديث مستوى التدريب العسكري والفني والمهني والإداري.
- تشغيل الأعداد الكافية من الضباط والأفراد بمستوى لا يؤثر على حجم القوى العاملة في البلاد.
- الحرص على أن يكون مستوى التعليم في المعاهد والكليات العسكرية مواكباً ومنسجماً مع الأهداف التنموية للسياسة التعليمية العامة للمملكة.
- الاستمرار في تنفيذ المشاريع الدفاعية وتحسين وتطوير الوسائل الدفاعية القائمة.
- الاستفادة من الكفاءات البشرية وتنمية قدراتها في تخصصاتها ووضعها في المكان المناسب.
إنجازات تنموية
إنشاء المدن العسكرية
ساهمت القوات المسلحة في التنمية الاقتصادية للبلاد بشكل أساسي وفي إطار خطط التنمية الخمسية، وذلك من خلال المشاركة في تفعيل دور البنية الأساسية وإنشاء المدن العسكرية، وجعلها مراكز للنشاط الاقتصادي، ومناطق تجمع سكاني، فضلاً عن بناء القواعد وإنشاء الموانئ.
خدمة الصناعات الوطنية
اعتمدت القوات المسلحة السعودية في جميع مشاريعها على الصناعات الوطنية المتاحة، وبالتالي حققت أفضل مردود اقتصادي.
ولم تقف عند دور المستهلك، بل أنشأت بعض المصانع المساندة ذات الجدوى الاقتصادية للتقليل من التكلفة وتحقيق أعلى معدلات الجودة.
صناعة الأسلحة
ساهمت القوات المسلحة بنصيب كبير في مجال صناعة الأسلحة من خلال مجمع الصناعات الحربية، والمعدات الإلكترونية، وأنظمة الاتصال، ومشاريع الصيانة الأخرى عن طريق برامج التوازن الاقتصادي.
الصناعات الطبية
ساهمت القوات المسلحة في بعض الصناعات الطبية المساندة، مثل مصنع الغازات الطبية. ولا يزال في جعبة القوات المسلحة الكثير من الصناعات الطبية المبرمجة في خططها القادمة، مثل بناء المزيد من المراكز الصحية والمستوصفات والتوسع في خدمات الإدارة العامة للخدمات الطبية في القوات المسلحة التي أصبحت مرفقاً مميزاً على مستوى المملكة والعالم.
تنمية القوى البشرية
تعد مدارس ومراكز القوات المسلحة مصادر ضخمة للإشعاع العلمي، ولا تقتصر مستويات هذه المؤسسات على المستويات الأولية، بل تتعدى إلى مستويات التعليم العالي.
والقوات المسلحة في مجموعها وأسلوب عملها تعد مدرسة كبرى تخدم الشعب في كافة المرافق، وترفد خدماته بالأيدي الماهرة.
وتعد القوات المسلحة من أكثر المؤسسات مشاركة في البحث العلمي، وخير مثال على ذلك الرادارات التي بدأت الأبحاث عنها في القوات المسلحة، وانتقلت إلى القطاع المدني، لتشكل إسهاماً في التطور لا مثيل له، حيث لا يخلو منها مطار مدني، أو مركز اتصالات، أو محطة أرصاد جوية.
تنمية الجسم والعقل والقيم
تهتم إدارة الشؤون الدينية في القوات المسلحة السعودية بتنمية المشاعر الدينية وترسيخ المفاهيم والعقيدة الإسلامية الصحيحة في قلوب العسكريين.
وتعمل الإدارة العامة للشؤون العامة على تنمية ثقافة منسوبي وزارة الدفاع من خلال المكتبة العامة والصحف والمجلات العسكرية المتخصصة، ومن خلال الأنشطة الإعلامية والثقافية المتعددة، فضلاً عن الأنشطة الرياضية والترويجية لأفراد القوات المسلحة.
ويدخل ضمن هذا الجانب من التنمية الاهتمام بالتدريبات العسكرية والاهتمام بصحة العسكري من خلال الإدارة العامة للخدمات الطبية، وهي الجهاز الفني والطبي والإداري والتعليمي الذي يقدم البرامج والخطط، ويقوم بتنفيذها في هذا المجال التنموي لكافة أفرع القوات المسلحة، بل تعداه لتقديم الخدمات الطبية اللازمة للمواطنين.
التنمية الإدارية
كانت القوات المسلحة من الناحية التطبيقية صاحبة المبادرة والسبق في استخدام أساليب عمل جديدة في الإدارة، مثل استخدام الحاسب الآلي في الأعمال الإدارية، ومنها انتقل الاستخدام الجديد إلى القطاع المدني.
ومن هنا نجد ان المساهمة التي قدمتها القوات المسلحة في التنمية الإدارية جاءت على شكل تطور إداري ذاتي للقوات المسلحة يسهم بصورة غير مباشرة في تطور القطاع المدني، وهناك مساهمات مباشرة محدودة في حالات مثل أن يطلب من أحد منسوبي القوات المسلحة إدارة أحد القطاعات الإنتاجية المدنية.
التنمية السياسية
تؤدي القوات المسلحة دوراً غير مباشر ولكنه كبير الأثر في التنمية السياسية، فالدول التي تفتقر للاستقرار والأمن الوطني تفتقر للمقدرة على التنمية في كافة مجالاتها، كما أن الدولة التي لا تملك القوة الدفاعية اللازمة لا تملك حرية القرار السياسي.
ومن هنا كان اهتمام المملكة بقواتها المسلحة بدعمها وتنميتها والحرص على تطويرها بأحدث أساليب القتال دفاعاً وهجوماً وبأحدث الأسلحة لتكون مهابة من كل من تسوّل له نفسه الاعتداء على شبر من ترابها أو تراب وطن من أوطان العرب والمسلمين.
وقد كانت مشاركة المملكة بقواتها المسلحة وبدعمها للمجهود الحربي في الحروب العربية الإسرائيلية، ثمرة من ثمار نجاح مشاركة القوات المسلحة الملكية السعودية في التنمية السياسية، التي تقرها هذه الدولة القوية بالله، ثم بولاة الأمر فيها، وبقواتها المسلحة وبشعبها.