Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/09/2008 G Issue 13146
الخميس 25 رمضان 1429   العدد  13146
انتماء وإخلاص ووفاء
د. أسامة بن صادق طيب (*)

الوطن نغمة عذبة تتموسق في شفاه كل من حباه الله وقيض له أسباب الانتماء لهذه الأرض التي بدورها حباها الله لتكون مهبط الوحي، ومنطلق الرسالة الخالدة، ومولد حبيبه ومصطفاه واجتباه سيد الخلق سيدنا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وعلى آله وصحابته أجمعين ...

فالوطن أرض، والأرض انتماء، والانتماء إخلاص، والإخلاص وفاء، والوفاء نكران ذات، وذلك قمة أن تبذل كل جهدك من أجل الوطن ورقيه.

فالوطن، كما الصحة على رؤوس الأصحاء، تاج على رأس كل مواطن، فهو الحياة، العيش، الاستقرار، الظل، المأوى، وتطبيق فعلي لمبدأ الفرد للجماعة، والجماعة للفرد.

واليوم الوطني لدولة - أياً كانت هذه الدولة - هو تعبير للتقدير ومظهر للإعجاب، وترجمة للشكر لأم طالما بذلت الكثير من اجل أبنائها، لأنها تعلم أن المعادلة المتوازنة هي : قيادة رشيدة + أبناء بررة + عمق الانتماء = وطن معافى.

والاحتفاء باليوم لمملكتنا الغالية هو تعبير صادق لما تجيش به صدور أبنائها وبناتها من مظاهر الحب ودلالات التقدير لهذه الأرض المعطاء، التي أتحفتنا بخيراتها الوفيرة وإمكاناتها الثرة في كل المجالات حتى غدونا بحمد الله من البلاد الثرية الغنية، ليس الثراء المادي فحسب، بل الثراء المعنوي في مجالات الدين والسياسة، والعلوم، والثقافة، والاجتماعيات، والإنسانيات، والرياضة، والصحة... وغيرها الكثير من المجالات الحياتية فغدت تخطو خطوات ثابتة راكزة نحو المستقبل لارتياد آفاقه والولوج إلى عالمه للاستفادة من معطياته بكل كفاءة واقتدار.

فالمملكة بحمد الله وتوفيقه قادرة بإمكاناتها الثرة على القيام بدور فاعل في كل المجالات، فسياسياً نحن مطمئنون تماماً على الدور الذي يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - في مجال السياسة الخليجية والعربية والإسلامية والعالمية، وكان آخرها رعايته - حفظه الله - للقاء العالمي بالرياض، وكذلك المؤتمر العالمي في مدريد عن حوار الحضارات والتعايش السلمي بين الأديان، وإفشاء المحبة والسلام في كل أرجاء الدنيا، ومصدر اطمئناننا نابع من الصفات القيادية التي حباه الله بها: عمق تجربة، وثاقب فكر، وصواب نظرة، وبليغ حكمة، وسداد رأي، وفوق هذا وذاك توفيق الله عز وجل.

وفي المجال الاقتصادي بحمد الله توفيقه فإن بلادنا المعطاء من أكثر البلاد انتعاشاً من خلال قاعدة اقتصادية راكزة وسياسة راشدة في مجال التعاون الاقتصادي في كل آفاقه الإقليمية والعالمية.

وفي المجالات العلمية والتعليمية بحمد الله جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية من أبرز الجامعات على المستوى العربي والإسلامي والعالمي، وما زالت تسعى بجد إلى المزيد من العالمية، إلى جانب براءات الاختراع العالمية التي أجزها علماؤنا وسجلت في دول عربية مشهود لها بالتقدم العلمي، إضافة إلى حصول بعض الجامعات ممثلة في الكليات على الاعتماد الأكاديمي العالمي.

أما في مجال الرياضة فإنجازاتنا تتحدث عن نفسها في مجالات عديدة مع أننا مازلنا في بداية الطريق مقارنة بالدول التي تنافسها.

ومن أهم عوامل الصدارة التي تحظى بها المملكة ريادتها الدينية، في أرض الإسلام وخاتمة الرسالات، والحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وقبلة المسلمين في جميع أرجاء المعمورة، وما هيأ الله تعالى لهذه البلاد من إمكانات استضافة هذه الملايين في مواسم الحج والعمرة والزيارة من خلال توسعة الحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة وتهيئتها لضيوف الرحمن وبذل مقومات الأمن والأمان لكل حاج ومعتمر وزائر.

فوطن مثل هذا، يتوجب علينا جميعاً أن نحمل أمانته في حدقات عيوننا وأن نبذل قصارى الجهد كل في مجاله لتطويره والارتقاء به في المحافل الدولية، فمكانة الإنسان في هذا العصر من مكانة الوطن، والعكس صحيح، فلابد من أن نسمو بأنفسنا لتكون على مستوى هذه البلاد الطاهرة من خلال الانقياد التام لشريعتنا السمحة وإسلامنا الوسطي، والطاعة لولي الأمر، ففي الداخل ينبغي أن نكون يداً واحدة خلف القائد الملهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز - حفظهما الله - والحكومة الرشيدة، فهذه الوحدة الوطنية هي مكمن قوتنا، وردنا الحاسم لكل من تسول له نفسه العبث بمقدرات هذا الوطن، فلا إفراط ولا تفريط.

وفي الخارج يتوجب على كل من ينتمي لهذا الوطن أن يكون سفيراً متميزاًَ لهذه البلاد المقدسة حتى نكسب مزيداً من التقدير الذي نتمتع به.

والاحتفاء باليوم الوطني مناسبة طيبة للتوقف وتلمس مواقع خطانا، وتحسس الأرض التي نقف عليها، وذلك بالتساؤلات الرسمية والشخصية، لنعلم ماذا قدمنا لهذا الوطن منذ احتفالنا باليوم الوطني في العام الماضي، ومن الضروري الوقوف على الإيجابيات وتحديدها للمضي قدماً في تعضيدها ودعمها لمزيد من النجاحات بإذن الله وفي المقابل رصد السلبيات وتحديدها للعمل جاهدين لتلافيها وتعويضها إن أمكن.

فالوطن مسؤولية الجميع قيادة وشعباً، وأي تقصير في جانب من الجوانب فهو بلاشك تقصير في حق الوطن، إذ لا يود ذلك إلا سلباً على مصلحة بلادنا التي ما تركت مصلحة لنا إلا وهيأت بعون الله فرص تحقيقها وتنفيذها.

ومن محاسن الصدف وتباشير الفأل الحسن أن يأتي اليوم الوطني هذا العام يوم 23 رمضان أي ضمن العشر الأواخر التي وعد الله فيها بالعتق من النار، فلنسأل الله تعالى أن يعتق بلادنا من كل بأساء ومن كل بلاء ومن كل شقاء ومن كل ضراء.

وبهذه المناسبة الوطنية، أصالة عن نفسي ونيابة عن منسوبي جامعة الملك عبد العزيز (جامعة المؤسس) نجدد الولاء لقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام وأفراد الأسرة المالكة جمعاء، وأعضاء الحكومة الرشيدة ولكل أفراد شبعنا الأبي ن والتهنئة الخالصة لهذا الوطن الأبي .

عشت ياوطن الإباء عزاً لنا... فنحن بك وبدونك لا تقوم لنا قائمة... نفتديك بأرواحنا ومهجنا... فأنت منبع عزتنا، وفيك رفعة شأننا... فإن كنا مقصرين فلك العتبى حتى ترضى.

(*) مدير جامعة الملك عبد العزيز



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد