د. عبدالمجيد محمد الجلال:
في كل عام تحتفل المملكة بيوم التوحيد والتأسيس، تستعيد بإطلالته عبق ماضٍ مجيد، وملحمة جهادية استثنائية قادها فارس الجزيرة الملك عبدالعزيز رحمه الله، ومعه أبناء شعبه، تحت راية التوحيد والديِّن الحنيف، حوَّلت هذه الملحمة شتات الجزيرة العربية، وصراعاتها المريرة، وأوضاعها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية المتردية، إلى وطن وكيان واحد متماسك، بقبائله وأفراده، بطوائفه وفئاته، وإلى مجتمعٍ للعلم والمعرفة، والنمو والتنمية، وقد كان العامل الحاسم في نجاح هذه الملحمة الجهادية تلك الإرادة الصلبة، والإدارة السياسية والعسكرية الفذة للقائد المؤسس، إضافة إلى همة وبأس هذا الشعب العظيم.
في كل عام تحتفل الأمة بيوم التوحيد والتأسيس، وهي في قمة العزم والإرادة على تعميق أواصر السلم الاجتماعي، والمحافظة على تماسك هذا الكيان الكبير، ونشر ثقافة المحبة والتسامح والاعتدال والوسطية، ولغة الحوار، بين أفراده وطوائفه، وأنَّ هذا الوطن يتسع لجميع أبنائه بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم الفكرية.
في كل عام تحتفل الأمة بيوم التوحيد والتأسيس، وهي في قمة الاعتقاد والقناعة بالمعاني النبيلة، والقيم السامية، لرسالة الإسلام الداعية للسلام والأمن لكل الخلق، والتعايش بين الأديان في جيرة كونية ترتكز على قواعد العدل والتعاون والاحترام المتبادل، والإعلاء من كرامة الإنسان وحرمة دمه.
في كل عام تحتفل الأمة بيوم التوحيد والتأسيس وهي في قمة الطموح والأمل بنهج اقتصادي يدفع باقتصاد هذا الوطن قدماً نحو عالم المعرفة والتقنية، تُستثمر من خلاله كل الموارد والقدرات المتاحة وفقاً لأسس اقتصادية رشيدة، وبنسق متوازن على امتداد مناطق وقرى هذا الوطن العزيز، وصولاً إلى إيجاد قاعدة اقتصادية متينة تواكب نظيراتها العالمية، قادرة على مواجهة تحدي العولمة الاقتصادية، والمنافسة المتصاعدة في سوق المنتجات والخدمات على مستوى المنظومة العالمية.
في كل عام تحتفل الأمة بيوم التوحيد والتأسيس وهي في قمة الوعي والإدراك بأهمية إعادة بناء الإنسان السعودي ليكون قادراً على التعامل بفعالية ودراية مع متغيرات العصر، ومتطلبات اقتصاد المعرفة، وأجواء المنافسة الحادة في سوق العمل، بما يستدعي بالتالي إعادة رسمٍ للخارطة التعليمية والتربوية الراهنة، وفقاً لأسس فنية وعلمية جديدة لتكوين قاعدة واسعة من التخصصات الفنية والمهنية التي يحتاج إليها سوق العمل واقتصاد المعرفة, في إطار من قيم وثوابت هذا المجتمع المسلم.
في كل عام تحتفل الأمة بيوم التوحيد والتأسيس وهي في قمة الرغبة والحاجة إلى تفعيل المنظومة الإدارية والإنتاجية في كافة قطاعات الدولة في سبيل العمل على إنجاز قضايا الناس ومعاملاتهم، واحتياجاتهم، بأقصى فعالية ممكنة، ونشر قيم العدل داخل هذه المنظومة لتسود الشفافية، والإنسانية، ومبادئ المساواة وتكافؤ الفرص.
في كل عام تحتفل الأمة بيوم التوحيد والتأسيس، بأمل ودعاء بأن يظل هذا الوطن العزيز ينعم بواحة الاستقرار، ورخاء المعيشة، تحت مظلة هذا الديِّن الحنيف ثمَّ هذا الحكم الرشيد.
من مأثور الحكم: جميلٌ أن يموت الإنسان من أجل وطنه، ولكنَّ الأجمل أن يحيا من أجل هذا الوطن.