الجزيرة -نواف الفقير
استقطب القطاع العقاري اهتماماً استثمارياً كبيراً في الفترة الأخيرة؛ إذ تضافرت مجموعة من العوامل على إنعاشه بعد أن كان نموّه ضعيفاً خلال التسعينيات، وتلخصت تلك العوامل في السيولة المرتفعة والميل للحفاظ على رؤوس الأموال في المملكة، وأسعار الفائدة المتدنية، والعوائد المرتفعة المتوقعة في قطاع العقار، والتوسع في عملية الإقراض المصرفي. ويتوقع أن يبلغ سوق التمويل السكني 12 مليار ريال بحلول عام 2010، فيما تبلغ كلفة عمليات بناء الوحدات العقارية الجديدة 484 مليار ريال بحلول العام نفسه.
على الرغم من أن السوق العقاري السعودي يشهد حالياً حالة انتعاش يدعمها زيادة الطلب على المساكن وعودة عدد كبير من المستثمرين بضخ سيولة كبيرة في العديد من المنتجات العقارية. وتلعب زيادة الطلب دوراً رئيسياً في توجيه السوق في المرحلة الحالية والمستقبلية حيث من المتوقع بناء نحو 2.62 مليون وحدة سكنية جديدة حتى عام 2020، بمعدل متوسط يبلغ 163.750 وحدة سنويا. وتبلغ الاستثمارات في بناء المساكن الجديدة 1.2 تريليون ريال. فيما نمت أسعار العقارات بواقع 13.7 في المائة، وسجل نمو الأسعار للأراضي نحو 16.5 في المائة والمباني التجارية المعدة للاستخدام المكتبي 12.5 في المائة. وأكدت دراسة عقارية حديثة حول الإسكان في المملكة أنها في حاجة إلى 200 ألف وحدة سكنية سنوياً. ووفق تقديرات خطة التنمية الثامنة فإن حجم الطلب الكلي المتوقع على الوحدات السكنية خلال السنوات الخمس يقدر بنحو مليون وحدة سكنية. وتستهدف استراتيجية الإسكان في المملكة زيادة معدل ملكية الأسر السعودية للمساكن من نحو 55 في المائة في عام 2005 إلى نحو 80 في المائة بحلول عام 2020، ما يشكل طلباً متزايداً على الوحدات السكنية الجديدة خلال تلك الفترة. وبما أن سكان منطقة الرياض يمثلون نحو 23 في المائة من جملة السكان في المملكة، فإنه من المتوقع أن يكون نصيبها من حجم الطلب الكلي للوحدات السكنية الإضافية نحو 43 ألف وحدة سكنية سنوياً في المتوسط. وتعد السوق العقارية في مدينة الرياض من أكبر الأسواق في المملكة نمواً، ويأتي ذلك نتيجة لازدياد معدلات نمو السكان بمعدل 8 في المائة سنوياً، وهذه النسبة لا تتماشى مع نسبة الزيادة في قطاع البناء والتشييد البالغة 2.3 في المائة سنوياً، ومع معدلات نمو ملكية السكن البالغة 1.8 في المائة سنوياً.
وأكدت دراسة أعدتها شركة دار الأركان للتطوير أهمية الدور الذي تلعبه العقارات السكنية الجديدة في تنمية السوق في المملكة، في كونه يتجاوز غرض توفير المساكن، مشيرة إلى أن العرض للمنازل الجديدة سيؤثر على السوق بمستويات مختلفة، بما في ذلك الطوائف الاجتماعية من خلال تنمية إسكانية متكاملة وأيضاً من خلال اتجاهات التحولات الثقافية. وترى أن الفرصة سانحة أكثر من أي وقت مضى للتوسع في ضخ وحدات سكنية تلبي الاحتياجات الأساسية للسوق المنظور من خلال تصاميم ومواصفات معينة ممزوجة بقدرة في سياق حلول لرهونات عقارية ملموسة. ويرى عدد من الخبراء العقاريين أن السعودية مع توجه حكومة خادم الحرمين الشريفين إلى إنشاء مختلف المشاريع العقارية في البلاد لمواكبة الطفرة التي تشهدها، ساعد كثيراً في الحركة الكبيرة التي يشهدها القطاع، مما دفع الكثير من الشركات العقارية سواء العالمية أو الإقليمية إلى ضمان وجود لها والاستفادة من اقتصاد السعودية الحر والمفتوح. أضف إلى ذلك المقومات التي تتمتع بها البلاد لنجاح أي صناعة بشكل عام وصناعة العقار بشكل خاص، حيث تتميز البلاد بالأمن والأمان، ووجود احتياجات كبيرة لمشاريع مختلفة تجارية وإسكانية، ونمو سكاني مرتفع، الأمر الذي أدى إلى وجود شركات تطوير عقاري عدة لم تصل إلى العدد المطلوب على حد تعبير الخبراء العقاريين.
وساهم الطلب المتزايد على المساكن في إنعاش مبيعات مواد البناء، الأمر الذي أدى إلى تحرك الأنشطة العقارية في البلاد وتنشيط قطاع المقاولات، والتي ينتظر ضخ 15 مليار ريال خلال الخمس سنوات المقبلة في بناء المساكن والوحدات العقارية المخصصة للإسكان. وكان إبراهيم العساف وزير المالية السعودي قد أعلن عن منظومة التمويل العقاري، الذي وصفها بالسوق الأولية والسوق الثانوية والسلطة التنظيمية أو الإشرافية، وذلك خلال مؤتمر التمويل الإسكاني الأول والذي نظمته مؤسسة (يوروموني) العالمية في العاصمة السعودية الرياض. إذ أوضح آنذاك أن من الأولويات التي تم تحديدها ويجري العمل على إقرارها نظاماً جديداً للتمويل العقاري يستهدف وضع الإطار الأساسي للتمويل العقاري ودور الجهات الإشرافية مثل مؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية في السوق الثانوية، ونظام شركات التمويل ويحدد القواعد التي تحكم نشاط شركات التمويل العقاري بما في ذلك متطلبات الترخيص والأنشطة المسموح بها وإدارة الشركات والإشراف عليها وتسوية المنازعات.
وفي السياق نفسه أقر مجلس الشورى السعودي نظام الرهن العقاري بعد جدل طويل بين الأعضاء حول النظام ورفض الكثير منهم رهن مساكن أو سيارات المواطنين، وشملت الموافقة على مشاريع نظام التمويل العقاري ونظام مراقبة شركات التمويل ونظام الإيجار التمويلي ونظام الرهن العقاري إلى جانب التشديد على المنشآت المرخصة كافة لمزاولة التمويل العمل على تحقيق تطوير المنتجات والأدوات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بما يحقق سلامة النظام المالي وعدالة التعاملات.