Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/09/2008 G Issue 13146
الخميس 25 رمضان 1429   العدد  13146
الصناديق السيادية في ورطة
د. أحمد زهير الأيوبي

لم يعد هناك استثمار آمن بالمطلق فأزمة الائتمان العالمي عصفت بالنظام المالي وكشفت عن عيوب لا يمكن معالجتها إلا جراحياً، وهذا ما تقوم عليه خطة الإنقاذ الأمريكية لأنها ستتولى السيطرة على كل المؤسسات المالية المتعثرة. وبما أن أميركا أكبر دولة يستثمر فيها أموال عالمية فإن الصناديق السيادية العالمية والخليجية تحديداً تتمركز في الاقتصاد الأمريكي بمئات المليارات من الدولارات. والحديث عن أن هذه الاستثمارات لم تتأثر أصبح صعب الهضم وأقرب ما يكون إلى حوار الطرشان، فأضعف الإيمان هو انخفاض قيمة الأصول إضافة إلى التوقعات شبه الأكيدة بعودة تراجع قيمة الدولار نتيجة لارتفاع العجز بعد اعتماد انفاق 700 مليار دولار لخطة الانقاذ المزمع تنفيذها, والاستثمارات الخليجية عموماً تفوق 1500 مليار دولار ما بين حكومية وأفراد ونصيب الصناديق الحكومية يفوق 700 مليار دولار على أقل تقدير. ورغم أن السرية تكتنف عملها ويرفض مسؤولي البنوك المركزية الخليجيون الإفصاح عن نوعية الاستثمارات ويكتفي مسؤولو مؤسسة النقد بالمملكة على سبيل المثال بالقول إنها استثمارات آمنة وذات عائد فقط. ولكن في ظل هذه الأزمة وتحرك صناديق دولتي الكويت والإمارات عن ضخ سيولة لدعم بنوك أمريكية سابقاً يوضح أن هذه الصناديق تتحرك سواء بالسر او بالعلن لإنقاذ استثماراتها. فلا يمكن أن تكون هناك استثمارات آمنة إذا وجدنا اليوم أكبر البنوك الاستثمارية ما بين مفلس كليمان برذرز أحد مستشاري صفقة شراء وحدة البلاستك من جنرال اليكتريك لصالح سابك وميري لانش الذي تم شراؤه. وقد ضخ صندوق الاستثمارات الكويتي فيه أكثر من 5 مليارات دولار العام الحالي واليوم نجد مورغان ستانلي يتجه للاندماج وقبله أفلس بير ستيرنز والآن الحديث يدور على بنك أوروبي (يو بي اس) بأنه سيكون أقرب الضحايا, وإذا امتدت الأزمة إلى صناديق التحوط بحيث أفلس بعضها أعتقد أن ذلك سيقصم ظهر أي عملية انقاذ وسيفقد الدول القدرة على انقاذ أسواقها حيث تلعب هذه الصناديق دوراً مؤثراً بشكل كبير في حركة الأسواق وتتنقل بسهولة بينها ويبلغ حجمها أكثر من 350 مليار دولار.

لقد أصبح ضرورياً وإن كان الوقت قد تأخر إعادة النظر بحجم الاستثمار الخارجي، فالصناديق السيادية لا يمكنها أن تدعم الأسواق الأمريكية وهي لا تعلم إن كانت ستنجح أم ستخفق لأن الأرقام التي ظهرت في بداية الأزمة لم تكن صحيحة وتم إخفاء معلومات عن المستثمرين الأجانب بشكل عام كما أن الدول لم تعد قادرة على تحمل تبعات انخفاض العملة الأمريكية مستقبلاً وبالتالي ستجد صعوبة بفك راتباط عملاتها بالدولار وإخراج استثماراتها من أميركا أو ضخ سيولة لدعم المؤسسات التي تستثمر بها. وسيكون الأمر أكثر صعوبة عندما يحدث ركود او كساد وتنخفض اسعار البترول وتضطر الحكومات لضغط النفقات وتصبح أيضاً غير قادرة على دعم أسواق المال التي تتهاوى بشكل كبير دون إعطاء أي تصور عن إمكانية تدخل الجهات المعنية لإعادة الثقة لها.

يبدو أن الصناديق السيادية فعلاً في ورطة ما بين المحافظة على جهود سنوات طويلة من الاستثمار عالمياً وما بين عدم القدرة على التحرك لعدم يقينها بجدوى أي خطوة مستقبلية ويبدو أن سبب التعتيم على حجمها ومراكزها الاستثمارية هو الحل الأنسب بنظر مسؤوليها لاعطائها الوقت كونه الكفيل بمعالجة التشوهات التي حدثت فيها مما يعطيها وقتاً للترميم. ولكن يبدو أن سقف النظام المالي العالمية إذا سقط سيكون الجميع تحته فلن تنفع عمليات الترميم لأن المعالجة ستبدأ من الجذور.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد