لا أتفق بتاتاً مع من يمارسون التقليل من عطاء الآخر أياً كان هذا العطاء؛ فالمنتج البشري مهما كان يتطلب كما نعلم جهداً مضاعفاً وتحضيراً ربما يكون مكلفاً؛ فالقصيدة الشعرية مثلاً أو اللوحة التشكيلية أو القصة أو حتى القطعة النثرية والمقالة وغيرها من معطيات وجهود إنسانية يكون للفكر دور في إنتاجها هي بلا شك معطيات ومنجزات تتطلب المزيد من البذل حتى يصل المنتج بضم الميم إلى مرحلة مقبولة من المتلقي وبالتالي فهو نتاج إرهاق فكري وجهد ذهني وربما جسدي وبغض النظر عن وصوله إلى درجة الكمال إلا أنه يظل جهداً إنسانياً بذل فيه الكثير من الجهد والوقت والفكر، ومن هنا فإن ما نسمعه أحياناً من البعض ممن يمارسون أدواراً محبطة تجاه نتاج الغير والذين يقللون من عطاءات غيرهم هم نموذج لهذه الفئة التي لا يعجبها العجب!! صحيح أن مثل هذه النوعيات قليلة وصحيح أنها لم تصل إلى مرحلة التأثير لكن أن يظهر علينا أحدهم ليمارس هذا الدور فهذا هو الحال المايل الذي جانبه الصواب، بل ربما أنه يندرج تحت عباءة النقد الشخصي الذي يستهدف الشخص نفسه لا إنتاجه، ومن هنا أيضاً فإن ما يحدث في مجال التشكيل من قيام البعض بممارسة التقليل من عطاءات ونتاج زملائهم في هذا المجال هو في واقع الحال معول هدم لا بناء، وبالتالي فإن ذلك سوف يلقي بظلاله السلبية في هذا المسار الجمالي.. فما معنى أن يصف أحدهم مثلاً نتاج شباب أو شابة ممن هم في بداية المشوار وممن هم فعلاً بحاجة إلى الدعم والمساندة والتشجيع بأوصاف أقل إقبالاً منها بأنها محبطة!!
أو أن ينعت أحدهم نتاج زميله بأنه عمل (مسلوق) أو خلاف ذلك ومثل هذه الممارسات هي وبكل أسف واقع في مجالنا التشكيلي ومن هنا فإنه من واجبنا ككتاب ونقاد ومختصين أو ممن يعنيهم الأمر أن نشير إلى مثل هذه الممارسات السلبية، وأن نسعى معاً إلى إيقافها والحد منها لأن الجهد الإنساني مهما كان يظل جهداً وعطاءً بذل في سبيله الشيء الكثير، والمرء لإيلام بعد اجتهاده، بل من واجبنا أن نقف مع كل جهد وأن نسانده حتى يقف على قدميه ويفرض حضوره.
أملي أن تسود روح الألفة والمحبة في ساحاتنا الإبداعية بشكل عام والتشكيلية بشكل خاص وأن نبارك كل الجهود النيرة حتى نصل معاً إلى عطاءات أكثر إشراقاً وحيوية وجمالاً.
وكل عام وأنتم بخير.