يسن لصلاة الجمعة الاغتسال والتطيب وأحسن الملبس والهندام، وفي نظري أن ليالي شهر رمضان المعظم لا تقل فضلاً وجلالاً عن الجُمع بل إن من لياليه من هي خير من ألف شهر، طوبى لمن قامها وأحياها ضمن هذه الليالي احتساباً وتحسباً لهذا الفضل العظيم؛ ونحمد الله أن المساجد عامرة بالمصلين في الليالي المباركة.. غير أن البعض وهم قلة لا يلتفتون لميزة النظافة في الجسم والملبس مغفلين خاصية التطيب وأثرها النفسي عليهم وعلى من يجاورهم من المصلين، فتجد من يدخل المسجد قادماً من مشغله ومعمله أو من الأسواق أو من حظائر الماشية أو معاطن الإبل كل حسب تخصصه وتجارته، ولربما كان أحدهم خارجاً للتو من المقهى المخصص لتعاطي الشيشة والمعسل وينسى أو يتناسى أن تلك الرائحة قد خالطت ثيابه فيؤذي بها غيره من المتعبدين الخاشعين في صلوات التهجد، فمن أقل الواجبات وأدنى الحقوق أن يراعي المرء مشاعر غيره وأن لا يهضم حقهم في الوقوف بين يدي الله وهم في كامل خشوعهم وتوجههم الحسي غير المشوش والمكدر بروائح غير مرغوبة سواء من الأجسام أو الملابس، فالجميع بين يدي الجبار ملك الملوك وإنه لحقيق سبحانه أن نقف أمامه بكامل طهارتنا الوجدانية والجسمانية، وبمظهرنا اللائق حتى نؤمل استجابته بالعفو والمغفرة.