لئن صبرنا وجالدنا للتعايش مع إفرازات العمالة المنزلية الحالية والتي تعاني منها نسبة لا يستهان بها من الأسر فهذا أمر - وبتحفظ - اضطررنا إليه، أما أن نجلب لمجتمعنا وقيمنا مزيداً .........................
.... من المشكلات والانحلال متنوع الثقافات والأشكال و(الموديلات) فهو أمر يدعو للتعجب ويتطلب منا التوقف للمراجعة والتصحيح، ففي الوقت الذي كنا ننتظر فيه أن تقوم الجهة المعنية باتخاذ بعض الإجراءات التصحيحية التي من شأنها تقنين استقدام العمالة المنزلية عطفاً على إفرازاتها التي أضرت بالمجتمع، نجد أنه تم فتح منافذ جديدة للاستقدام مضيفة بذلك عبئاً إضافياً على مجتمعنا ليس له - إن أردنا الحق - أي داعٍ يبرره، خصوصاً أن العمالة الوافدة وبمهارات ضعيفة لا تزال تعد أحد معوقات تنمية قطاع العمل المهني والحرفي لدخول أبناء الوطن والانخراط في تلك الأعمال المشغولة بالكامل بعمالة لا تملك أدنى المهارات. طالعتنا صحفنا المحلية وبعض المصادر المعلوماتية الأخرى بتعليقات على خلفية وجود توجه لاستيراد عاملات منزليات من بعض الجنسيات مثل طاجكستان وقرقيزستان ودول أخرى ومما يثير الدهشة أننا نقرأ ونسمع ما يثار من ممارسات سلبية اجتماعياً وأخلاقياً لبعض الوافدات من تلك الدول في بعض الدول المجاورة ويكتب الغيورون من أبنائها منكرين ومطالبين بوضع ضوابط أكثر صرامة عطفاً على الإحصائيات الخطيرة حول تفشي الجرائم والأمراض ومع كل هذا نعود لتكرار تجارب خاطئة وخوض معارك محسومة النتائج مسبقا لا سيما وأنه من المتوقع حدوث سلبيات اجتماعية وأخلاقية عديدة ليس بالإمكان السيطرة عليها أو ضبطها كما ينبغي حتى مع وجود ضوابط واشتراطات لاستقدام هذه الجنسية، فإن أساليب التلاعب من مكاتب الاستقدام في تلك الدول تقديم البعض لمصالحه الشخصية على مصلحة الوطن والمجتمع تعد مبررات كافية لبروز مشكلات نحن في غنى عنها، وهذا التوجه لاستقدام تلك الجنسيات بررته الجهة المعنية بوجود بعض العقبات التي تواجه توريد العمالة المنزلية من إندونيسيا والتي اكتسبنا مع مرور الزمن شيئا من التعايش معها وتقبلناها بحسناتها وسيئاتها بسبب الحاجة لخدماتها وإن كانت تلك الحاجة واهية وغير مبررة في كثير من الحالات، ولكن قاتل الله (البرستيج) ومتطلبات الحياة الراقية التي ينشدها البعض توهماً إضافة لغيرة بعض السيدات واللاتي ربما ارتفع ضغط إحداهن ونغصت على زوجها إن سمعت أن إحدى قريباتها أو حتى جارتها استقدمت عاملة ولم تسبقها إلى ذلك فيضطر الزوج لرفع شعار (مكره أخاك لا بطل) وإن كان ذلك لا يعفيه من المسؤولية، ويهرول إلى أحد مكاتب الاستقدام لتلبية طلب الزوجة أو على الأقل لإسكاتها والجنوح إلى السلم، أضف إلى ذلك (كوكتيل) من الأسباب الأخرى المفتعلة والتي نأتي بالعاملات المنزليات من أجلها، وأستثني من حديثي بعض الحالات التي تتطلب فعلاً وجود عاملة لمن لهم ظروف تستدعي ذلك.
وبالرغم مما قدمته شريحة من أفراد تلك العمالة من خدمات منزلية وكذلك ما تعرض له البعض منها من تعسف بعض أرباب العمل وعدم التزامهم بأداء حقوقها إلا أنها سببت لنا مشكلات اجتماعية وصحية وثقافية غاية في الخطورة إذا نظرنا بصورة شمولية وإحصائية لكم ونوع هذه المشكلات المتفاوتة في درجة خطورتها ابتداء من ارتكاب الجرائم الجنائية والهروب للانضمام لشبكات الفساد وممارسة الشعوذة والرذيلة ونشر الأفكار العقائدية الفاسدة وأيضاً إقامة علاقات مشبوهة مع كفيلها أو أحد أبنائه أو ربط علاقة غرامية مع السائق أو البائع في البقالة المجاورة وربما إدخاله إلى منزل كفيلها.. وغير ذلك من البلايا والممارسات والتي نتج عنها ضحايا كثيرون وما خفي كان أعظم، فلا تكاد صحيفة من صحفنا تخلو من نشر مثل هذه الممارسات بشكل شبه يومي، ولكن وبكل أسف لم يكن لتلك العمالة القيام بهذه الأمور لولا وجود من يسهل لها القيام بهذه الأعمال من المواطنين وغيرهم من العمالة الوافدة من مسكن ووسيلة نقل وفرصة عمل غير نظامية في ظل ضعف المراقبة والعقوبة، كل ذلك وربات البيوت يشعرن إلى حد ما بالرضا عن مستوى هذه العمالة بالتحديد شكلاً ومضموناً والاطمئنان إليها أكثر من غيرها لاعتقادهن بضعفها وعدم قدرتها على لفت النظر بالدرجة التي يمكن أن توقع بزوج أو ابن، ولكن الأنثى تبقى أنثى لا سيما والشيطان يبذل ما في وسعه من جهود ليثبت لمن في قلبه مرض عكس ذلك. وعلى أنني لا ألصق التهم مسبقاً بأي طرف وأدرك أن منشأ أي سلبيات تصدر من هذه العمالة قد يكون بسبب أنفسنا أو بسبب العمالة وثقافة المجتمع الذي تنتمي له، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه في ظل التوجه لاستيراد عمالة من الجنسية التي أشرت إليها إلى أي مدى يا ترى سوف تتمكن العاملات الشقراوات من وضع حد للممارسات وإفرازات العمالة الحالية؟ وما الذي يضمن عدم بروز انحرافات أشد وطأة مستقبلاً من تلك السلبيات الحالية والتي يعرفها ويسمع عنها وربما عايشها كثير منا؟!!
أقول لمن ينادي بهذا التوجه.. رفقاً بنا.. رفقاً بمجتمعنا.. رفقاً بزوجاتنا اللاتي أتت رياح الراحة بما لا تشتهي أجسادهن، ولعل الشيء بالشيء يذكر، فقد أشارت الإحصائيات إلى ارتفاع نسبة السعوديات اللاتي يعانين من السمنة المفرطة وأمراضها المصاحبة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم كذلك أمراض الجهاز الهضمي والعظام والشيخوخة المبكرة.. الخ وقد ودع بالفعل الكثير منهن وربما أزواجهن وأبناؤهن الأجساد المتزنة والحيوية الطبيعية إلى غير رجعة بسبب الخمول والكسل والتعود على الرفاهية الزائفة من خلال الاعتماد على الخادمة في كل صغيرة وكبيرة وجلب الطعام من خارج المنزل بصورة مستمرة، بل تعدى الأمر ذلك إلى تساهل بعض الأمهات واعتمادهن على الخادمة في تربية الأطفال جسدياً وروحياً لدرجة أنه أصبح لدى بعض الأطفال قناعة بأن الخادمة هي البديل الطبيعي لأمه، وفي المقابل نجد الكثير من الأمهات ينكرن ذلك ويضربن أمثلة رائعة في القيام برسالتهن الحقيقية، فأسأل الله لهن العون والمثوبة، ورحم الله من رحل من أمهاتنا وأمد في عمر الأحياء منهن فلم يزرن قط مراكز للتخسيس، ولو كانت تلك المراكز موجودة فترة شبابهن لأفلست وأغلقت أبوابها، ولم يكنَّ يتسمرن أمام التلفاز لمتابعة التمارين الرياضية النسائية ولم يكنَّ يتحيرن في الحصول على ملابس تناسب أحجامهن بسبب تمدد أجسادهن ذات اليمين وذات الشمال لوجود من يقوم على راحتهن وخدمتهن في كل صغيرة وكبيرة كما هو الحال مع كثير من نساء هذا الجيل.
وأخيراً وليس آخراً أطالب الجهة المعنية بإعادة النظر في مثل هذه القرارات المهمة وإخضاعها لمزيد من الدراسة والتمحيص والنظر للأمر بنظرة أكثر شمولية واتخاذ ما يجب بشأنها في ضوء كافة المعطيات والظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وأخذ العظة والعبرة من مشكلات العمالة المنزلية تحديداً (ذكوراً وإناثاً) خلال الفترة السابقة لتجنيب مجتمعنا ما قد ينتج عن ذلك من سلبيات يصعب معها العلاج ونحرص في نفس الوقت على القرارات التي من شأنها نفض غبار الكسل والاتكالية والاعتماد على الغير ونشر ثقافة العمل المهني والحرفي والتجاري وإزالة كافة المعوقات من أمام هذا الهدف والمطلب الوطني النبيل لجعل رجال ونساء وشباب هذا الوطن شعلة من النشاط والهمة المنتجة.
للتواصل فاكس 073176566