لا شك أن الغذاء والدواء يعتبران أهم عنصرين في حياة الإنسان بعد الهواء والماء اللذين لهما ارتباط وثيق باستمرار حياة الإنسان وعطائه على وجه هذه البسيطة. وعلى الرغم من ذلك فقد تجرأ ضعاف النفوس من الذين تجردوا من القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية إلى الغش في هذين العنصرين في الفترة الأخيرة. وقد ساعدهم في ذلك أن عملية الغش في الغذاء والدواء ليست بالعملية الصعبة. كما أن الإجراءات المطبقة في عموم الدول على الغذاء والدواء لم تصل بعد إلى الحد الأدنى من الرقابة. إضافة إلى ذلك قلة الوعي لدى عموم الناس بخطورة هذه المسألة بسبب حداثتها نسبياً.
وتشير الدراسات إلى أن حوالي 45% من الدواء في الدول الفقيرة هي أدوية مغشوشة لا تنفع مريضاً ولا تشفي سقيماً. بل إنها تتعدى أكثر من ذلك حيث إن بعضها يحتوي على مواد سامة وخطرة تودي بحياة البشر. وتشير هذه الدراسات إلى أنها كانت سبباً رئيسا في وفاة أعداد هائلة من البشر في إفريقيا بسبب رخص أسعارها وكونها في متناول الجميع. كما تشير هذه الدراسات أيضاً إلى أن حجم عائدات الاستثمارات في الأدوية المغشوشة قد وصل إلى ألف مليون دولار ومرشح أن يصل إلى خمسة أضعاف هذا المبلغ في السنوات القليلة القادمة.
وفي المملكة العربية السعودية تم الإعلان عن تأسيس الهيئة العامة للغذاء والدواء وإقرار نظامها في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في 24-1-1428هـ استشعاراً من الدولة بضرورة وجود جهاز رقابي على هذين العنصرين الهامين في حياة الناس. ويقول الدكتور محمد الكنهل رئيس الهيئة العامة للغذاء والدواء إن الهيئة هي الجهة الرقابية الرائدة إقليمياً في مجال الغذاء والدواء. كما حذر في أحد اللقاءات الصحفية من خطورة الغذاء المستورد وأنه يشكل حوالي 60% من الغذاء المستهلك في المملكة.
إن دور الهيئة العامة للغذاء والدواء يزداد أهمية يوما بعد آخر، ففي الشهر الماضي أعلنت الهيئة عن نتائج دراسة ميدانية أجرتها على واقع المستحضرات العشبية والصحية في محلات العطارة والأغذية الصحية والتكميلية أعلنت عن وجود (45) مستحضرا عشبيا (ساما) يتم تداولها في مدينة الرياض.
كما حذرت من وجود ثمانية أنواع من معاجين الأسنان يتم تداولها في أسواق المملكة مضرة بصحة الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أنه تم الإعلان في وسائل الإعلام المحلية في الآونة الأخيرة عن وجود مكسرات مسرطنة أي أنها قد تكون سببا في الإصابة بمرض السرطان.
وفي ظل موجة ارتفاع الأسعار العالمية غير المسبوقة خاصة في مجالي الغذاء والدواء فإن فرص الغش ستكون مغرية لضعاف النفوس في ابتداع أساليب وطرق جديدة للغش والتضليل ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: ما هي العقوبات التي يمكن أن تطبق على من يقومون بغش الإنسان في مجال الغذاء والدواء، وما هي الجهة المخولة بتطبيق تلك العقوبات؟ ولا شك أن من أمن العقاب أساء الأدب كما يقول الحكماء. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة