حماية المستهلك مصطلح ذو بريق ولمعان تتناوله وسائل الإعلام وتتعرض له الألسن سواء بالمطالبة أو بالامتعاض. وعندما نحاول أن نستعرض بعضاً من التعريفات الإجرائية لهذا المصطلح نستطيع القول، إنه خدمة توفرها الحكومة أو المجتمع المدني بجمعياته المختلفة ذات الاختصاص لحماية المستهلك من الغش التجاري أو استغلاله بصورة غير مشروعة أو سوء تقديم خدمة ما عن طريق الاحتكار أو الإذعان لظرف ما.
ومع عزم المملكة استضافة منتدى حول حماية المستهلك في أكتوبر المقبل، يسوقنا الأمر للحديث عن فلسفة حماية المستهلك وفعاليتها لدينا سواء كان ذلك من خلال قيام الدولة بمهامها أو عن طريق تحمل المسئولية الجماعية التي يجب أن يشارك الأفراد في تفعيلها من أجل تكوين جبهة موحدة لحماية مستقبلهم وحاضرهم الاستهلاكي والمعيشي من أي صنف من صنوف الاحتكار أو التدليس أو المضاربة بالأسعار والتلاعب بها.
ولقد اجتهدت الجهات الرسمية في بذل كل ما تستطيع من أجل تكوين الجبهة الداخلية آنفة الذكر، وذاك من خلال إنشاء جمعية حماية المستهلك وإعلان الأرقام المجانية لها وغير ذلك الكثير من اللجان والجمعيات سواء في الغرفة التجارية أو الأمانة التي تفتح ذراعيها لأجل استقبال ما يترشح من الأفراد والمجتمع المدني من شكاوى أو ملاحظات تساهم في تنقية الفضاء الاجتماعي والاقتصادي من كثير مما يشوبه من تجاوزات تستهدف الطبع الاستهلاكي للمواطن سواء عن طريق ضرب وغش مواصفات السلع والتلاعب بجودتها أو رفع الأسعار والاحتكار.
ولكي نضرب نوعاً من المثال على تدهور قضية الاستهلاك واستهدافها في العالم العربي نختم هذا المقال بما قالته منظمة تعنى بالدفاع عن المستهلكين في تونس والتي أكدت أنه تم تسجيل أكثر من سبعة آلاف حالة غش تجاري خلال حملات للمراقبة الاقتصادية في النصف الأول من شهر رمضان.
وأضافت أن أغلب هذه المخالفات سجلت في قطاع الخضر والغلال والتي بلغ عددها 22411 مخالفة بينما سجلت 1688 حالة في المواد الغذائية و890 مخالفة في البيض والدواجن. وهذا في بلد كتونس تقوم جمعيات المجتمع المدني بدورها وتعلن نتائج أعمالها بشفافية كما أن المخالفات جاءت في المواد الغذائية الاستهلاكية وليست المواد المصنعة التي تستورد من الخارج والتي يكتشف كل يوم أخطاء في تصنيعها والمواد التي تدخل في إنتاجها بعضها يجلب الموت وأقلها المرض الغامض.
وبما أننا مثل باقي دول الخليج العربية نستورد كل شيء بما فيها غذاؤنا، فإننا نسعد بعقد مثل هذه المنتديات من أجل صياغة نهج وثقافة لتعزيز مفهوم حماية المستلك.. أي حماية الإنسان من شرور أعماله.