سيحل اليوم الوطني المجيد وسنحتفل ب(عيد الوطن) الواحد الموحد العظيم، ولم لا.. أليس أحدنا يقول لضيف عزيز يحل عليه ومن ضمن تقاليدنا العربية الأصيلة: (في العام عيدين وحلولك ضيفاً علينا هو العيد الثالث) فهل بربكم يعتبر الضيف أياً كان أعز من الوطن؟!
لاسيما إذا عرفنا أن كل الأمم والشعوب والدول التي تعترف بنا ونعترف بها لها (عيد وطني) مجيد تخصصه للابتهاج بذكرى وحدة أو استقلال أو قيام الوطن؟!
ولم لا نحتفل إذن ب(عيد) هذا الوطن. الذي وحدنا تحت خيمة واحدة وأطعمنا من سفرة واحدة وألف بين قلوبنا المتنافرة أيام الاحتراب والغزوات والخشلات ونهب خيام بعضنا البعض قبل أن ننضوي كلنا تحت خيمة واحدة ننعم في ظلها بالأمن والأخوة والرفاه ويخفق فوقها علم لا يُنكّس على خلاف أعلام كل دول الكون لأنه يحمل أطهر عبارتين خطتهما يد الإنسان منذ بدء التكوين حتى اليوم ألا وهما: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) أفلا بربكم يحتاج علم مثل هذا أن نحييه كل صباح ونردد ما كتب عليه بصوت عال في مدارسنا ومعاهدنا ودوائرنا لنتذكر كل يوم (الوحدانية) و(الوحدة) إذ لولاهما لكنا من أضعف وأفقر الشعوب في هذا الزمان الأرعن العجيب.
فالبدوي سيموت وحلاله جوعاً في سني الجدب والجفاف والفلاح سيموت زرعه إذا احتبس المطر وجفت الآبار، وساكن السواحل لن يجد قوت عياله بسبب الجرافات والكرافات النهمة التي تجتاح البحار.
والحضري لن يجد من يسوق عليه بضاعته لضيق الحال في زمن الكساد، أي إنني أود القول إن الاحتفاء بعيد الوطن هو عيد لكل القلوب التي يغمرها الأمان والاطمئنان تحت تلك الخيمة الوارفة.
الخيمة التي تحولت بفضل أحفاد المؤسس العظام ومع مرور الأيام إلى صالة هائلة فيها جميع مستلزمات الراحة والرفاه.
الصالة التي تحولت إلى صالات فلل يسكنها أغلب سكان هذا الوطن الحبيب ثم أصبح لكل مواطن (فيلته) الحوتية الخاصة، ووظيفته الحديثة الخاصة، ودخله الحديث الخاص، ووسيلة نقله الحديثة الخاصة، ومستلزمات راحته الحديثة الخاصة، وتفكيره الحديث الخاص وتجاور مواطنو هذه الوحدة المباركة من كافة أنحاء هذا الوطن في حي حضاري حديث وأصبحوا يتفاهمون ويتقاربون ويتحاورون بأسلوب حديث بعد أن كان أسلافهم يتحاورون بالرمح والسيف والقتل الذريع..
إذن هبوا (نحيي) هذا العلم المرفرف العظيم و(نحيي) ذكرى هذه الوحدة العظيمة لأننا بدونها لا شيء!!