سبع سنوات عجاف مرّت على الشعوب المغلوب على أمرها منذ أن وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي أريد لها أن تغير وجه التاريخ وملامح المستقبل.
كل عام يمر، تسترجع وسائل الإعلام العالمية أرشيفها للتذكير بهذا الحدث، وكل عام يمر يبقى....
.....الإعلام العربي يجتر موضوعات مكرورة سامجة، ومشاهد مملة، واستضافات باهتة لشخصيات مسلوبة العقل والضمير، إلا من رحم الله وقليل ما هم، شخصيات احترفت جلد الذات، وامتهنت تقريع شعوبها ومجتمعاتها وثقافاتها، وامتهنت تقريع شعوبها بهوية محترقة بوباء الانهزام، مغلفة بمشاعر الدونية، وبلغة متلبسة بأعراض الخور وفقدان المصداقية والموضوعية.
في هذا العام، تغير مسار التغطية الإعلامية الغربية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وأفاقت الصحف ومحطات التلفزة الأمريكية- على وجه الخصوص- على حقائق كبيرة كانت غائبة أو مغيبة عن العقل الجمعي لشعوبها مع قرب رحيل الإدارة الأمريكية الحالية وزمرة اليمين المتطرف المقرب منها ومن بلاطها، أهم هذه الحقائق هو القراءة الواعية لما أفرزته السنوات السبع الماضية على مصالح الولايات المتحدة وبريطانيا في الشرق الأوسط على وجه التحديد، والصورة الذهنية القاتمة التي رسمتها أحداث تلك السنوات لدى الشعوب، والكوارث السياسية والاقتصادية التي تعاني منها الدولتان المتورطتان فيما يسمى بالحرب العالمية على الإرهاب. بل سلطت وسائل الإعلام الضوء على الدراسات العلمية واستطلاعات الرأي التي أجرتها المؤسسات العلمية والبحثية المعتبرة في بريطانيا والولايات المتحدة والتي تشير نتائجها إلى (المصالح الخفية) التي كانت وراء الحدث وما تبعه من أحداث هي اشد إيلاماً على الإنسانية من الحدث نفسه: حروب، وقتل، وسفك دماء، وتخريب للبنى الحضارية، وانتهاك لحقوق الإنسان، ويتم، وفقر، وتشريد، ونهب للأموال، والثروات، واستهزاء بالثقافات، وتحقير للمجتمعات.
ولئن كانت هذه بارقة رشد ونضج للإعلام الغربي في تغطيته للحدث بمناسبة مرور سبع سنوات عليه فإنك تعجب أشد العجب من (إعلام الضحية) الذي لا يزال يردد الأسباب والمسببات، ويستبشر بنتائج الغزو العالمي للمجتمعات التي وقعت ضحية للصعقة الغضبية من قادة العالم الديموقراطي الحر!!
ويزداد العجب عندما يستضاف (المفكرون) والإعلاميون للحديث عن المناسبة، ويعددون محاسنه في (نفض) مجتمعاتهم من (التقليدية) وإيقاظها من رقدتها لتحصو على صيحة من يريد لها أن تأخذ بأسباب الديموقراطية والحرية والسمو القيمي!!
إن المتابع لتغطية القنوات الإخبارية (العربية) لهذا الحدث بمناسبة مرور عامه السابع التعيس ليتملكه الفزع من نبرة الخنوع في خطابها الإخباري، ولغة الهوان في برامجها الوثائقية التي عرضتها ذلك اليوم وقبله، ونبرة التواطؤ مع من يريد لهذه الأمة أن تبقى مسحوقة ومسلوبة.
ويبقى سؤال:
هل هذه القنوات (العربية) أغير على مصالح الأجنبي من وسائل إعلامه التي أفاقت على الحقيقة بينما هي لا تزال ترتكس في حمأة التبعية المقيتة؟.