Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/09/2008 G Issue 13141
السبت 20 رمضان 1429   العدد  13141
العلاقة بين الزملاء وفريق العمل الناجح
حمد بن عبدالرحمن المانع

يقضي الإنسان جزء ليس باليسير من حياته في مجال عمله، وتنشأ العلاقة بين الزملاء في العمل في هذا المحيط، وفقاً لسياسات العمل المنظمة لهذه العلاقة والمرتبطة بالإنجاز، وتحسين مستوى الأداء في ضوء تهيئة البيئة الملائمة، وتتكئ البيئة على التعاون كجسر عبور لمعانقة النجاح في هذا المضمار، وتحقيق التعاون يمر من خلال القنوات التي من شأنها ترسيخ هذا المفهوم، وتمريره بصيغة حضارية راقية، وتتخذ العلاقة بين الزملاء في العمل بعداً أشمل من كونها صداقة عابرة، بل هي علاقة راسخة، وتمتد آثارها لتظلل المنشأة بالكفاءة العالية، سواء في مجال الإنتاج والعمل بروح الفريق، أو من خلال تسهيل انسيابية الأداء بتفاعل مرن يوحي بأن هذا الفريق لا يقبل إلا النجاح، حينما تنصهر القدرة المهنية مع الحس العالي الرفيع في تحقيق للأهداف، واستشعار الواجب بمنظور معرفي واسع، وإحاطة شاملة للقيمة المعنوية التي يقدمها الموظف عندما يسهم في تمرير المعاملات وأدائها على الوجه المطلوب، وهو بهذا التوجه النبيل لا يخدم المنشأة ورقيها فحسب، بل يخدم وطنه، فخدمة الناس وقضاء حاجاتهم بيسر وسهولة، ينم عن رقي في المستوى المعرفي، وحينما تعبر كلمة الشكر والدعوة الجميلة الصادقة إزاء تقديم الخدمة، ستحقق الهدف الأسمى ألا وهو الرضا عن مستوى الأداء والقناعة بأن شرف العمل يحتم تفعيل القيم الداعمة لاكتمال عناصره من أمانة وصدق وتيسير ونحو ذلك.

ويشوب العلاقة بين الزملاء في بعض الأحيان كثيراً من التعسر، فمن تصيد للأخطاء إلى تنافس لا يمت للشرف بصلة بل تغلفه الوشاية والنيل من بعضهم البعض، وكل هذا يتم وبكل أسف (من تحت لتحت) أي أن الابتسامات تعلو الوجوه، فما أن يدير أحدهم ظهره ويكون عرض الأكتاف آخر ما ترمقه أعينهم. حتى ينزلوا ملفه من الذاكرة وليس ذاكرة الكمبيوتر، بل ذاكرة الذهن التي أحيطت بوابل من قلة الأدب، ليكون هذا الوقت المستقطع مساحة رحبة لاجتراح السيئات والنميمة، وفي الغالب يكون على سبيل الاستهلاك ومن قبيل التهكم ونحو ذلك، وقد يتحلى البعض بالشجاعة الأدبية، لا سيما إذا عاد فجأة، ويقول مازحاً (ما ونت أذنك) (ترى جبنا ملفك) فيسأل (عساه بالخير) فيجيب بخبث (بالخير إن شاء الله) وحديثهم بالشرق والخير بالغرب، هذه الفيروسات التي تنتشر في محيط العمل يتباين تأثيرها شأنها بذلك شأن فيروسات الأنفلونزا فمنها ما هو قاتل ومنها ما يمر مرور الكرام و (عطسة) واحدة كفيلة بإخراج هذا الدخيل من الجسم، غير أن الخطورة تكمن في هذه الفيروسات الخطيرة والتي تدمي الجسد والقلب، هنا يكون السواد في القلب والعياذ بالله هو المعيار لتراكم الترسبات المتعفنة. وهي ولله الحمد قليلة نسبياً إذا ما قسنا الكم الهائل من حفظ الملفات، وإحضارها على سبيل المزاح والتسلية، وبما أن مجتمعاتنا استهلاكية بامتياز، فلا غرابة في وجود هذا النمط من الاستهلاك، ولو أقيمت مباراة في كرة السلة بين الإنتاج والاستهلاك، فإني أبصم بالعشرة إذا ما طلب مدرب الاستهلاك أوقاتاً مستقطعة استثنائية لا لتنظيم الفريق والتركيز على الخطة، بل لإدراج المزيد من النتوءات والأنماط المختلفة، والنتيجة معروفة وهي الهزيمة الساحقة، لكل الخطط التي تعتمد على الشكليات دون النظر إلى المحتوى وسلامة الإعداد، بل والتهيئة المعنوية الملائمة، والهزائم عادة تحصل وفق عوامل عدة، فهناك ثلاثة أطراف اللاعبون، المدرب، الإدارة، وبيئة العمل تخوض مضمار المنافسات المختلفة من أجل الفوز وتقديم مستوى جيد من الخدمة، والارتقاء بمستوى الأداء والعائد بالتالي للجميع، قصدت بهذا التشبيه أن أوصل الفكرة بأسلوب أمل أن يتقبله الجميع بروح رياضية، وأبدأ باللاعبين وهم الموظفين، وكيف نقلص الفارق في النتيجة بين الاستهلاك والإنتاج، لأن الفوز يتطلب جهداً فكرياً ليس شاقاً، إن تسلحنا بالإيمان الصادق، والإخلاص في القول والعمل، ولفظ الشوائب التي ما برحت تثير الغبار والأتربة وتحجب الضوء، وهدر الطاقة الذهنية في ملفات فلان وعلان، على الأقل لتحقيق التعادل، والذي يتطلب العدل في العلاقة بين الموظفين أنفسهم، فمن غير المعقول حينما ينادي للصلاة تجد الجميع متجهون للصلة مع رب العباد والبلاد وكل يحمل في قلبه كماً من الثقوب السوداء التي تنال ربما من يصلي بجانبه، ويستغفر الله من كل ذنب وهو لم يخضع قلبه للفلترة، لينال من هذا، ويصيب ذاك، ويطلب من ربه الرحمة والمغفرة، وهو لم يرحم نفسه حينما رهنها للمزادات السيئة البائسة، والتي لا تخفى على من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، إن من أشد أنواع القلق وأقساها حينما يخزن القلب البغض والكراهية، لأنها ستبقى عالقة في الذهن ولن تخرج من هذه الدائرة المقلقة إلا بحذفها خارجاً، هذا من أهم الأهداف التي ينبغي تسجيلها، بل إن هذا الهدف من الدائرة بمعنى أنه (سكور متميز) بمصطلحات كرة السلة وأهلها، يتبقى لدينا ثلاثة أهداف لتجاوز الفريق الهدف الثاني هو التطلع للتسجيل وبمهارة وحرفية، وتسجيل الهدف لن يتم إلا بتكاتف الجميع، بمعنى أن الإصرار على إبراز الإدارة أو المنشأ بالمستوى اللائق والمأمول، وذلك يتم عبر تفعيل عنصر الإبداع، فالوسائل متاحة والفكر على قدر كبير من القدرة على العطاء، وفقاً لنهج الابتكار، متى ما تهيأت الإرادة القوية الدافعة لهذا الإحساس بترسيخ الشعور الذي لا يقبل الفشل بل التفوق والنجاح، لا سيما وأن الفريق المقابل لا يتميز عن الفريق بشيء سوى الهالة الإعلامية التضخمية، لإضعاف الحالة المعنوية وبالتالي إضعاف الفريق تبعاً لذلك، الهدف الثالث ويشارك في تحقيقه بنسبة كبيرة المدرب وهو رئيس القسم ومن أولويات إنجاز هذا الهدف هو تحقيق الانسجام بين الأفراد ولن يتوفر ذلك ما لم يكن المدرب على قدر كبير من الفطنة والدهاء بإزالة الشحناء والبغضاء من القلوب، وتمرير الخطة بانسيابية ليتسنى عبورها بالأذهان، وشحذ الهمم بتحقق الفوز ولا شيء غير الفوز، الهدف الرابع ويشارك فيه الإدارة المسؤولة عن الفريق من خلال الدعم المعنوي والإنصاف في التعامل، أشرت سابقاً لما للدعم المعنوي من أثر بارز في شحذ الهمم، وأود أن أضيف ناحية مهمة بهذا الخصوص، وترتبط في معاملة الموظفين بإنصاف، يجهز على التمييز، حيث أن تفضيل موظف على آخر فضلاً عن عدم اتساقه مع المعايير الموضوعية، فإنه سيخلق حالة من الضغينة والجفاء بين الموظفين أنفسهم، وهذا بلا ريب سيعيق الأداء ويتقاطع مع أهداف المنشأة.

كذلك عنصر الشفافية، كلما كانت العلاقة مبنية على الوضوح والصدق كلما كانت طبيعة التآلف معبراً لتحقيق النجاح، من هنا فإن إزالة الحواجز النفسية بين الإدارة والموظف، ستفضي إلى تعميق التواصل بشكل يريح الإدارة المسؤولية، تبعاً لنقل واقع العمل، بشفافية تمكن الإدارة من وضع المبضع على الجرح، وبالتالي إزالة الآلام المبرحة والتي تتعرض لها المعاملات جراء بيروقراطية واستعلاء وفوقية ونحو ذلك.

هنا يحق لي القول بأن بلوغ التصفيات بل الوصول إلى النهائيات ليس صعب المنال وبالله التوفيق.



hamad@asas-re.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد