كنا قد تكلمنا من قبل ومن خلال هذه الافتتاحية عن (تبادلية التأثير والامداد بين بؤر التطرف في شتى انحاء العالم) وعندما نتطرق إلى مصطلح التطرف فإننا لا نحدد هوية بذاتها بل نعني هذه الآفة كمعنى وفكر وقناعات, أما عن الامداد والتأثير فإن المقصود فيه هو ايجاد المبررات وفتح منافذ التنفيذ لكل تيار متطرف من خلال استغلاله لتصرفات وارهاصات التيار الاخر, واتخاذها كقميص عثمان وحصان طروادة من اجل الرد على التطرف بتطرف مماثل لا يقل عنه قباحة وسواداً بل واقصائية.
ننساق إلى مثل هذه المقدمة لنتناول حدث انعقاد مؤتمر (كولونيا المعادي لانتشار الإسلام) الذي يفتتح اليوم غرب المانيا وتجتمع فيه مئات الشخصيات من اليمين المتطرف الأوروبي المعادي للإسلام بتطرفه المعهود وقناعاته المغرضة, ففي الوقت الذي يسعى فيه عقلاء الديانات السماوية لفتح مجالات الحوار والتقارب بين البشر وقطع دابر المتطرفين, تأبى مثل هذه التيارات المتطرفة إلا أن تسعى إلى نثر الملح في الحقل لافساد مثل هذه الجهود واعطاء أرباب الإرهاب والسواد المزيد من الذرائع والحجج لتنفيذ أجنداتهم الاقصائية والتدميرية التي جرت على محيطها الكثير من البلاء والكوارث عن طريق استغلال مثل هذه النزعات المتطرفة والتصرفات اللاعقلانية وان تمت تحت شعار الليبرالية وحرية التعبير التي هي أيضاً يشوبها ما يشوبها من تعنت في القناعات والايديولوجيا ساهمت هي الأخرى في تقديم القرابين لمتطرفي واقعنا وقد استغلوها أسوأ استغلال.
ولكي لا نقع في اشكالية التعميم فإنه تجدر الاشارة بل والاشادة إلى ما أقدمت عليه بعض الدوائر المدنية في ألمانيا ضد هذا المؤتمر وأجندته التي تدعو إلى مناهضة انتشار الإسلام مثل تنظيم أكثر من عشرين مظاهرة لهذا المؤتمر تجري في كبريات المدن وقد جاءت بدعوة من اتحاد النقابات الألمانية وعدد من الكنائس, وهو الأمر الذي يبعث بشيء من الارتياح ويبث الشعور بأن المجتمعات الاوروبية لازال بها من العقلاء ودعاة السلام والتعايش ما يكمن من خلاله قطع الطريق على متطرفي الديانة والايدولوجيا وسماسرة (فوبيا الاسلام).
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244