وصلاً لما بدأناه عن عرض المحطات الفضائية المحسوبة على المملكة العربية السعودية مسلسلات هابطة تعطي انطباعا سلبيا عن المجتمع السعودي مما يشوه صورة هذا المجتمع الذي عرف بالتزامه، وإذا كان هناك تصرف أو سلوك مرفوض وغير سوي يصدر عن شخص أو حتى مجموعة فإنه لا يمكن أن يقاس ذلك على المجتمع ويسقط على الجميع، ولهذا فإن تشويه صورة الإنسان للمجتمع يفرض تحركاً من قبل المشرفين على إدارة المحطات الفضائية التي تمول من قبل مستثمرين سعوديين، والذين تركوا الاشراف والإدارة الفنية لغير السعوديين فالمعروف أن الذين يجيزون المسلسلات ويشرفون على الإنتاج أغلبهم من الذين لا يهمهم سمعة المجتمع السعودي، كما أن على وزارات الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية وفي دول الخليج العربية كافة، عليها مسؤولية أدبية يفرض عليها التدخل بالنصح والتوجيه، فالتلفاز وسيلة تثقيفية إيجابية وليست سلبية والإساءة إلى المجتمع السعودي والمجتمعات الخليجية كافة لا يمكن أن يسمح بها، والمأساة أن تصدر هذه الإساءة بل الإساءات المتكررة من محطات يمتلكها مستثمرون سعوديون، وشطط الممثلين وكتاب هذه المسلسلات ليس بالجديد ولم يكن مقصوراً على المحطات الفضائية التي تبث هذه المسلسلات الهابطة، فقد كانت المسلسلات التي تنتج في مصر مليئة بالإساءات للمجتمع المصري إلا أن المسؤولين في مصر سواء القيادات الثقافية والأدبية أو الدينية والمثقفين عززوا صلاحيات لجان إجازة النصوص وأوجدت لجان مشاهدة وإجازة وحولت بعض الأعمال إلى مراكز البحوث الدينية في الأزهر والجامعات والمجالس المتخصصة، وقد ردت تلك اللجان الكثير من الأعمال التي وجدت أنها تتضمن إساءات للمجتمع المصري وللمعتقدات الدينية وتثير بعض الفتن، وعليه عدلت كثير من النصوص وألغيت مشاهد كثيرة.
التجربة المصرية التي تأخذ بها كثير من الدول العربية لتهذيب النصوص الدرامية حتى تلك التي تنتج خارج بلادهم مثل ما حصل من قبل وزارة الثقافة السورية تجاه مسلسل (أسمهان) وهنا فلابد من وزارات الثقافة والإعلام في دول الخليج العربية والمسؤولين عن أجهزة البث التلفزيوني أن تقوم بعملها وتسارع إلى تشكيل لجان لمشاهدة ومراقبة الأعمال الدرامية، ليس للتضييق على الإبداع بل لحماية الإبداع من الإسفاف.
jaser@al-jazirah.com.sa