روى لي صديق أثق به عن جار له حكاية فيها كل العبرة والاعتبار.. قال لي: لدي جار يسكن في الحي الذي أسكن فيه، وإن لم يكن مجاوراً.. وطوال هذه السنوات لم يُر هذا الجار يرتاد مسجداً، أو يعمل خيراً، وقد نصحه الكثيرون، وخاف عليه الكثيرون.. ولكنه لم يرعوِ.. بل ظل غارقاً في غيّه، سادراً في ضلاله..! |
|
تبدّل الرجل.. فإذا به يرتاد المسجد، ويلتقي الناس، ويحرص على عمل الخير..!! |
ما الذي تبدل؟! ما الذي غيّر حياته..!؟ |
تساءل جيرانه والمحبون له.. وكشف لهم أحد أصحابه عن السر..! |
قال: (لقد كان في مراجعة للطبيب قبل شهر، وأفاده عن وجود مرض عضال لن يشفيه منه إلا الله.. وما العلاجات والحمية إلا وسائل للتخفيف من مرضه، وكان لكلمات الطبيب وقع عجيب عليه.. كأن جرساً علا صوته فجأة وهو نائم فأيقظه.. ويواصل صديقه قائلاً وراوياً على لسانه: (لقد شعرتُ أنني أركض في الدنيا بحثاً عن السعادة دون أن أكلف نفسي بواجبات دينية أو أي عمل خير.. ولكن وجدت أن هذه الدنيا التي أركض فيها (غدارة) وأن العمل الذي يبقى ولا يزول هو ما أعمله للأخرى، لقد شعرت أنني قد أموت في أية لحظة كما يموت البعير.. كما تموت أية حشرة.. إذ لا فرق بيني وبينها.. الفرق بيننا أن أمامي حساباً وعقاباً.. وجنة وناراً، ونعيماً أو شقاءً). ويضيف: كانت (كلمة الطبيب) (الصفعة الجميلة) التي أيقظتني، وأيقظت هذا الإحساس في نفسي.. إن الحقيقة التي ترسخت في ذاتي الآن أن كل شيء ما خلا الله باطل.. أما غير هذه الحقيقة في هذه الحياة فكلها أشياء خزفية لا تلبث أن تنكسر وأن تتحطم، وما يبقى منها، فالموت موعده..! |
تلك هي الحياة باختصار.. وقد يضيق الإنسان منا (بالبلوى).. لكنها قد تكون نعمة تضيء دواخل الإنسان قبل أن يأتي يوم لا تنفع فيه أضواء الدنيا وأنوارها، ومالها، وجاهها، وقوتها وصحتها..! |
|
|
|
** كم استشرف أن يجعل كل داعية أو واعظ أو ناصح هذا التوجيه العظيم من الله سبحانه في كتابه الكريم.. أن يجعله شعاره وشعوره بل بوصلته التي يتوجه عبرها إلى قلوب الآخرين. |
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(125)سورة النحل. |
إنه ليس علينا هدى الناس ولكن الله يهدي من يشاء، علينا إيصال الرسالة بالحسنى والمجادلة الحسنة. |
التبليغ رسالتنا، وعلى ربنا هداية خلقه أجمعين. |
|
|
|
(يا ربِّ! ويليَ من يوم جمعتُ له |
شتى الذنوب.. ويلقى الناس ما جمعوا |
أُتخمتُ من زهرة الدنيا وزخرفها |
ولم يعد بسوى أُخراكَ لي طمعُ |
الرياض 11499 - ص.ب 40104 |
فاكس 014565576 |
|