بين الفينة والأخرى تطالعنا بعض الأطروحات والكتابات التي أقل ما يُقال عنها إنها غير مسؤولة بل إنها تثير الجماهير وتذكي جذوة التعصب في النفوس، وتزيد من احتقان الشارع الرياضي علاوة على أن أصحاب هذه الآراء المجنحة والموغلة في التعصب يعتقدون في قرارة أنفسهم أن ما كتبوه يُعد انتصاراً لذواتهم وإرضاء لميولهم! بيد أن محاورة هؤلاء ومحاولة تفنيد ما كتبوه يفضي إلى المزيد من النقاش البيزنطي الممل وقد يجنح الحديث إلى الخروج عن المألوف والقدح في الأشخاص والمساس بكرامتهم! ومن هذه الأطروحات خوض بعض الكتاب في حكاية (المقارنات بين النجوم) ولا سيما ذلك الطرح الذي كان وما زال محتدما للأسف بين بعض العقول المتعصبة وأقصد به المقارنة بين النجم المعتزل (ماجد عبدالله) وشقيقه النجم المعتزل (سامي الجابر) ففي الوقت الذي كان فيه (ماجد) يبدع في الملاعب وهو في أواخر سني حياته الرياضية تقريبا بزغ نجم (سامي) وذاع صيته ومن حينها بدأت آفة المقارنة بينهما من بعض أنصار (الهلال والنصر) فهذا يدافع عن نجمه المفضل وآخر يهاجم نجم الفريق المنافس (رغم أن لكل واحد منهما مزاياه ومهاراته وأسلوبه الخاص به والتي لا يمكن أن تنطبق على زميله الآخر) وامتد ذلك إلى كتاب الزوايا ممن غلب التعصب على مداد أقلامهم وغيبوا للأسف المصلحة العامة ليخوضوا في هذه المسألة بداع أو بدونه ليساهموا بذلك في توتير الأجواء وإغاظة الجماهير التي تخالفهم الميول! وفي اعتقادي أن حكاية المقارنة بين هذين النجمين تعد الأطول في تاريخ الرياضة السعودية لكثرة تداولها والخوض فيها، والأعجب من ذلك أن تستمر هذه الحكاية حتى بعد اعتزال هذين النجمين التاريخيين بعد مشوار حافل بالعطاء والإبداع والنجومية شهدت لهما بذلك الملاعب المحلية والآسيوية والعالمية! وساهما مساهمة فاعلة بكل همة واقتدار فيما تحقق لمنتخب الوطن من إنجازات مبهرة في المحافل القارية والعالمية، وكذلك امتد عطاؤهما لخدمة ناديهما والسير بهما إلى منصات التتويج! فالمشجع النصراوي لا يمكن أن ينسى السهم الملتهب (ماجد عبدالله) الذي طالما زرع البسمة على شفاهه وأبدع وأمتع دفاعاً عن الشعار النصراوي! وكذلك المشجع الهلالي يذكر بكل فخر الذئب (سامي الجابر) الذي كثيرا ما جبر عثرة فريقه وطالما حرك قلوب جماهير ناديه بأهدافه السامة والحاسمة من أجل الشعار الهلالي! ومادام أنهما من جنس البشر كان طبيعيا أن يترجل هذان الفارسان من على صهوة المجد ويودعا الملاعب بعد أن سطرا فيها ألوانا وأشكالا من المتعة والإبهار! ومع ذلك لاحقتهما أقلام المتعصبين بحكاية المقارنة التي تم تبهيرها وتضخيمها لتتحول بعد الاعتزال إلى لقب (الأسطورة)!! ومن منهما يستحق هذا اللقب الدخيل على الرياضة السعودية! لنبدأ في دورة جديدة من النقاشات الفارغة والعبارات المفخخة التي ما تلبث أن تنفجر لتصيب بشظاياها شريحة عريضة من المراهقين والمتعصبين من محبي هذين اللاعبين لتشطح بهم خارج حدود الحوار المتزن إلى الانفلات بالفعل واللسان لتصل إلى السب والشتم وساقط القول بين كل فريق من هؤلاء المتعصبين إلى اللاعب الذي لا يوافقهم الميول! فذاك يهاجم (ماجد) والآخر يهاجم (سامي) وهلم جرا! كنتاج طبيعي لأطروحات مريضة وكتابات تغلب عليها الهوى والميول! وإلا ماذا سنستفيد إذا قلنا إن هذا اللاعب أو ذاك هو الأسطورة وما سنجني من هذا الاختيار وما هو المردود علينا وعلى الكرة السعودية الإجابة بلا شك هي لا شيء للأسف!! ليتبادر إلى الذهن سؤالاً أتمنى أن أجد إجابة لها وهو متى تنتهي هذه الدوامة؟ ومتى نخرج من تلك الحلقة المفرغة التي ما زلنا ندور حولها دون نتيجة تذكر أو هدف مرجو؟! حقيقة أتمنى أن يقفل النقاش في هذه المسألة وندع (ماجد وسامي) في حالهما فهما أبناء وطن واحد ومسلمين موحدين وما يقال في حقهما من شتم وتجريح لا يليق بنا ولا ينبغي أن يصدر من مسلمين ففي النهاية هي مجرد (كرة) تركل بالقدم لنتسلى بها ويجب ألا ندعها تركل بأدمغتنا وعقولنا لتخرجنا عن طورنا وتدفعنا إلى فاحش القول وساقط اللسان لمجرد نزوة تعصب مقيت! وآمل أن تكون نظرتنا بعيدة للأمام حيث منتخب الوطن وما ينتظره من استحقاقات هامة وأن يتركز الطرح وتكرس الأقلام فيما يخدم المنتخب ويدعم مسيرته القادمة، وأن نتوحد ونعمل سوياً لشحذ همم اللاعبين (مهما اختلفنا معهم في الميول) وندع الأندية وألوانها جانباً فالهدف واحد وهو إعلاء الراية السعودية عالياً في جميع المحافل!! ختاماً أتمنى للنجمين المعتزلين (سامي الجابر وماجد عبدالله) التوفيق في حياتهما ولهما مني ومن الجماهير الواعية كل الشكر والتقدير على ما قدماه من إبداع وإمتاع في مسيرتهما الرياضية، وعذراً لهما على ما لاقياه من سهام النقد والتجريح فهذه هي ضريبة النجاح! وللجميع عاطر محبتي.
بدر بن فهد السريّع
ص.ب 34873 الرياض 11478
kfass@hotmail.com