الشاعر أشبه ما يكون بالطائر الذي يحلق وينتقل من روضة إلى أخرى مستمتعاً بالزهور والأنهار والعطور وإذا كان تقييد الطائر يعني موته وإعاقته عن أداء دوره الذي خلق ليؤديه.. فكذلك الشاعر الذي يجد نفسه في الحرية متنقلاً بين الرياض فيصوغ ما مر به من جمال أخاذ وأشياء لذيذة.. يصوغ كل ذلك شعراً إبداعياً له صورة معينة فيهز المشاعر والأحاسيس ويمنح الآخرين متعة روحية وعقلية وربما جسدية قل أن يجدوها في غير الشعر.
والشاعر الأصيل يدرك أهمية الحرية في فنه وشخصه لذا فهو يرفض الوصاية والقيود.. وهو أيضاً في نضال مستمر للظفر بالحرية الكافية ليحلق في الفضاء متى يشاء ثم يعود إلى عشه متى يريد.
وفي ظل غياب الحريات يقل عدد الشعراء الحقيقيين ويطفو على السطح المتشاعرون الذين فقدوا أبرأ صفة ألا وهي الحرية.. إذ بدونها يبدو الشاعر مهرجا مضحكا لا جديد عنده ولا مفيد..
وإذا ضنت السلطات بالحرية على الشاعر أو منعته من التحليق لأي سبب من الأسباب.. فالموت أرحم به من حياة كلها ألم وحسرة.. وقليل الشعراء الأفذاذ الذين خلدهم التاريخ إذ كانوا أحراراً في فنهم فبقيت أشعارهم (المتحررة) من كل قيد ومن كل ما هو عادي ومألوف.. بقيت شاهدة على قائليها.. وأن هذه الفئة من البشر تتقاطع مع فئات أخرى همها الإصلاح وتغيير وجه التاريخ إلى الأفضل والأجمل والأروع.
بدر عمر المطيري