«الجزيرة» - فن:
إنه عمل درامي يستند إلى وقائع تاريخية متناثرة استطاعت المؤلفة أسمهان توفيق أن تعيد تركيبها وتخلق بناء سيناريو يمزج بين الحقيقة التاريخية والخيال، وبشكل متجانس لا يمكن الفصل بين الواقع التاريخي والواقع الفني المتخيل الذي شكّل إضافة في الدراما العربية المعاصرة، خاصة وهي تحمل في ثناياها روح الكوميديات الجادة والروح الفكهة والصياغة الدرامية المشوقة والمرتكزة على حوار فني (سهل ممتنع)، ينسجم وتطور الأحداث وبنية وأبعاد الشخصيات التي تنوعت في ملامحها وتميزت بأوصافها واختلفت في مواقفها، الأمر الذي يعطي للممثل المجتهد الفرصة الذهبية في التألق وابتكار الأداء المناسب للشخصية، علماً بأنّ كل الشخصيات الأساسية جديدة تؤسس لنمط جديد في الدراما العربية التي تستلهم التراث بأسلوب فني جذاب يقترب من روح العصر .. والمسلسل يؤكد على هويتنا الحضارية وخصوصيتنا الثقافية التي قدمت للإنسانية فنون القول والزجل المعبر عن الوجدان الجماعي، وكان لموسيقا الأندلس وزجلها أثره المشهور على فراق (الترابادور) الغنائية .. إنّ حياة الأندلس مادة غنية أحسنت المؤلفة في اختيارها لهذه الشخصية (ابن قزمان) وأحداثها، ولا نشك بأنّ المشاهد العربي سيتابعها بحب واهتمام وقناعة لما توفرت عليه من حلاوة وطراوة وأصالة وخفة روح وجدية مواقف، وهي بانتظار الأدوات والمستلزمات المناسبة لإظهارها في صورة تلفازية معبرة، وكان لبقية الشخصيات الدور الفاعل في إغناء الحدث الدرامي المؤثر، إذ نلاحظ لكل شخصية في المسلسل ثقلها وأثرها في السيناريو القائم على حبكة قوية مركبة وإيقاع هارموني متقن.
ويتميز هذا العمل بالطرح الجديد في تناول التراث الأندلسي، كما أنه ولأول مرة تطرح شخصية الزجال العربي وفيها المزج بين وقائع التاريخ والخيال الفني وعرض أجواء الأندلس الزاخرة بفن العمارة وفنون الموشحات وتنوع الأماكن وجمالها وتنوع الشخصيات وملامحها.
- ابن قزمان: شخصية حيوية مؤثرة تجمع بين البساطة والجدة والمرح، سريعة البديهة رشيقة الحركة ديناميكية ذكية فطنة أبدعت في الزجل.
- أما ميمونة: (زوجة ابن قزمان) فقد تجاوزت الأربعين بقليل قوية وسليطة اللسان لجوجة جافة في تعاملها مع زوجها أحياناً رغم أنها تحبه.
وزبيدة هي سيدة وقورة حكيمة مهابة شجاعة حنونة، لها هيبة على من حولها تجاوزت الخمسين بكثير، إلاّ أنها تحتفظ بقوتها وهي جدة يوسف.
- أما زاد المال: فهي خادمة مطيعة ضخمة الهيئة وتملك حساً إنسانياً رغم منظرها المعاكس لجوهرها البسيط.
وأيوب شيخ حكيم يعمل وراقاً إيجابي المواقف تربطه علاقة مودة وعمل مع ابن قزمان وغيرهم من الشخصيات التي لا يسمح المكان هنا بسردها رغم أهميتهم.
أما الديكور فيجسِّد فنون العمارة الأندلسية وزخارفها وأشكالها واتساع حدائقها وتنوع نوافيرها والتي تدل على الرقي الحضاري الذي تميزت به بلاد الأندلس.
وأما الموسيقى فهي الصورة البارزة في حياة الأندلس التي اشتهرت بفنون الموشحات والطرب العربي الأصيل، وستأخذ الموسيقا في هذا العمل دورها المعبر والمؤثر والذي سيمنح العمل جمالية راقية.