كثر الحديث عن مفهوم الاختلاط وحدوده وضوابطه. أما مفهومه الاجتماعي فهو يعني تواجد الجنسين (رجال وسيدات) في مكان واحد بغرض الدراسة أو العمل أو التجارة، أو بهدف إقامة الاحتفالات أو مراسم العزاء أو سوى ذلك من مناحي الحياة العامة.
أما عن حدوده وضوابطه، فلأنه يفترض عدم وجود اختلاط بين الأجانب من الجنسين، فليس هناك مبرر لوجود ضوابط! فهو بلا شك غير محمود العواقب مهما صلحت النوايا وسمت الأهداف. كما أنه لا يناسب المجتمع السعودي الذي يغلب عليه الاتجاه الشرعي في شتى مناحي الحياة، عدا الثقافة والعادات والتقاليد التي تضرب سياجا متينا على تفكير الناس وسلوكهم، فتجد حتى الأشخاص المتهاونين في التمسك بأصول الشريعة لا يحبذون الاختلاط بالمفهوم الاجتماعي، ولا تتقبله نفوسهم وتأنفه طباعهم السوية.
ونهي الله عز وجل عن الاختلاط له حكمة عظيمة تقصر عنها العقول البشرية وتطمئن لها الألباب السوية، ويكفي أن من محاسن الستر والاحتشام كونها تحفظ الجنسين وتجنبهما كثيراً مما وقعت به المجتمعات المنفتحة المتحررة! عدا أن من مساوئ الاختلاط الدخول في متاهات واستغلال للمرأة واستغفال لها وتحويلها لسلعة كما تظهرها وسائل الإعلام المتمثلة بالقنوات الفضائية التي تسببت في انحراف الشباب والتأثير على أفكارهم وافتتانهم بالغرب في شكلياته وقشوره ومن ثم تقليده.
ويخطئ من يتصور أن حماية الشباب تتمثل بالاختباء والانزواء والنبذ والتهميش وعدم الاطلاع على منجزات تلك الشعوب؛ بل إن توظيف وسائل الإعلام لصالحهم هو المطلوب، وهنا يمكن تحميل الوالدين والمدرسة مسؤولية الانفتاح السلبي على الغرب وتقليدهم دون تقنين أو تبصير بضرورة الانتقاء واختيار ما يتناسب مع شريعتنا الإسلامية وثقافتنا العربية وعاداتنا الاجتماعية.
وقد وصل الغرب للقناعة التي تجعلهم ينادون بوقف الاختلاط في المدارس وأماكن العمل وبعض وسائل المواصلات بعد أن اكتووا بنيرانه وتقلبوا على جمره، ولعل حالات الحمل غير الشرعي التي حدثت بين المراهقين بل والأطفال جعلت الغرب يعيدون حساباتهم الخاطئة ويصححون ما يمكن تصحيحه، وعسى أن يستيقظوا من سباتهم ويسعوا لتطبيق (المنهج الإسلامي) فالعقلاء بكل أمة يدركون ما يؤدي له الاختلاط ونتائجه الوخيمة، لذا تجد المنادين لذلك المنهج يظهرون في كل عصر ويدعون أمتهم إلى الحفاظ على نفسها من نفسها.
بينما الممانعين لتطبيق المنهج الداعين للاختلاط يسيرون وراء أهوائهم وسلوكهم غير السوي وانتكاس خلقتهم، ثم إن بعضهم تجار أجساد أو متفرجون فحسب وهم على كل حال لا يحبون مجتمعاتهم ويسعون في خرابها.
والحق أن الستر والاحتشام حماية ووقاية للمرأة وحفظ لها ممن في قلبه مرض أو ذي نوايا سيئة، ولاشك أن التعرض للفتن داعية للوقوع في الزلل وتوخي السلامة مقرون بالحذر.
والاختلاط بعيد عن الحذر قريب من الخطر، والخطر طريق الهلاك بلا شك!!
ص. ب 260564 الرياض 11342
rogaia143@hotmail.com