لا يمكن إخفاء الحقيقة إلى الأبد، فالذي كان سراً سينكشف بعد أشهر أو أيام خاصة؛ اذ كان العمل الذي يراد اخفاء نتائجه وأبعاده يرتكب على ساحة مشكوفة، والاطراف التي تقوم بالاعمال تمارس خططها بأجندات معروفة، وهذا بالضبط ما يحدث على الساحة العراقية التي كم من الاعمال الارهابية التي ارتكبت على أرضها قيدت ضد مجهول؛ رغم أن الجميع يعرف على الاقل تماشياً مع اصول علم الجريمة الذي يؤكد بأن كل جريمة هناك مستفيد منها والجرائم الارهابية التي يشهدها العراق المستفيدون منها معروفون ومحددون.
على سبيل المثال -وليس الحصر- كشف ضابط رفيع المستوى في جهاز المخابرات العراقية النقاب أن معلومات جديدة حصلت عليها المخابرات العراقية بواسطة قياديين في تنظيم القاعدة تم اعتقالهم تؤكد ان عملية خطف وتصفية السفير المصري السابق في بغداد ايهاب الشريف قد تورطت فيها دولة اقليمية تحاول دائماً دس انفها في الشأن العراقي وتسعى للتحكم في شؤونه الداخلية وتنفيذ أجنداتها ومشاريعها على أراضيه.
في معرض كلام ضابط المخابرات العراقي يقول: كان الشريف يحاول سحب البساط من تحت اقدام سفير تلك الدولة الذي كان متفرداً آنذاك في بغداد مما شكل إزعاجاً لهم خاصة بعد قيام الشريف بعدة محاولات لرأب الصدع بين العراقيين السنة والشيعة تحت شعار (العروبة أولاً).. وأضاف إن عملية فبركة إعلامية سبقت اختطاف السفير وقتله استهدفت شخصه من قبل وسائل إعلام موالية لتلك الدولة، وصفته بعين اسرائيل كتمهيد لاغتياله، الذي تم بعد محاولات عدة كان آخرها تعاون وتنسيق بين عناصر تلك الدولة وتنظيم القاعدة مقابل صفقة سلاح يتم توريدها إلى العراق.
ويختم المصدر الأمني كلامه بالقول: كان بالامكان اطلاق صراحه مثل باقي الرهائن العرب والأجانب الذين اختطفوا في تلك الفترة، لكن الدولة الاقليمية كانت تريد قلع جذور التواجد المصري والعربي بصورة عامة من بغداد حتى تكون ساحة حصرية لنفوذها.
كل هذه الحقائق وما خفي غيرها كان أعظم توضح مدى خطورة الوضع العراقي، وكيف أن أمنه وعروبته اصبحت مثل الكعكة التي تتناهشها طموحات الدول الاقليمية التي تبني اجنداتها واستراتيجياتها على اساس مذهبي يغازل كل ما هو ضد الوطن والبلاد الأم، ويسلخ الأفراد من محيطهم الاجتماعي، ويجعل ولاءهم المذهبي مجالاً مفتوحاً لطموحات الباحثين عن مواطئ الاقدام في الدول الاخرى, وهو الامر الذي يجب ان تتنبه له السياسة الخارجية للدول العربية حتى لا تصل الاوضاع إلى مرحلة الاستفراد بالامن القومي العربي دولة بعد الاخرى، كلٍّ على حدة، حينها لا تنفع مقولة (أكلت حينما أكل الثور الابيض)!!