الإنسان مهما بلغ علما ومنزلة، لا يدري ما هو النافع والضار دائماً، كما لا يدري عن المستقبل، والأيام الحبلى ماذا ستضع والمستقبل، وماذا يحمل في طياته: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إلا مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّؤ إِنْ أَنَاْ إلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (188)سورة الأعراف.
يكره الواحد منا الشيء وفيه الخير المحض ويحب الشيء وفيه الشر المحض. {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (216)سورة البقرة.
نكره المحن ولا ندري ماذا يعقبها، ونحب المنح، ولا ندري ماذا بعدها، نكره المحن وهي التي تلد المنح، ونحب المنح وقد تلد المحن، وعند الصينيون شعار على وجهين وجه مكتوب عليه (محنة) والوجه الآخر (منحة) أي أن المحن تلد المنح.
في ذات يوم اتصل بي أحد الإخوة وطلب مقابلتي فتقابلنا، وذكر مشكلته الخاصة به جازماً أنها أعظم المشاكل، وأن بعدها الشر وخيبة الأمل.. إلخ ما قال، ومشكلته تكمن في ديون ومشاكل مع زوجته.. إلخ
فقلت له:
أولاً: أعلم أن مشكلتك صغيرة، وأنت الذي تكبرها.
ثانياً: الحل أن ترى المشكلة في حجمها الطبيعي.
ثالثاً: الحل بيدك وليس بيدي أو أحد من خلق الله.
رابعاً: لابد أن تعرف أن الكل منا عنده مشاكل.
خامساً: أن هذه المشكلة قد تلد منحة عظيمة لك في المستقبل وأنت لا تدري.
سادساً: لا تفكر كثيراً في المشكلة، وفكر كثيراً في الحل.
سابعاً: لا تنس أن تتدبر قوله تعالى: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ..... } (11) سورة النور.
وأخيراً أوصيته بقراءة كتاب (لا تهتم بصغائر الأمور فكل الأمور صغائر) للدكتور ريتشارد كارلسون، وكذلك كتاب وهو القمة في نظري (فجر طاقتك الكامنة في الأوقات الصعبة) للمؤلف ديفيد فيسكوت.
وأخيراً قلت له: المشاكل في بعض الأحيان جميلة لأنها تعلمنا الصبر، وتلد لنا المنح.. أسأل الله أن يمنحنا الدرجات العلي في الجنة وإلى اللقاء..
المجمعة