فإن الله تعالى قد فضل شهر رمضان المبارك على سائر الشهور واختصه بخصائص عظيمة ففيه أنزل القرآن كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}وفيه تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد مردة الشياطين بالسلاسل والأغلال، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفيه تغفر السيئات وتقال العثرات، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) أخرجه البخاري ومسلم.. وقد اختص الله بالجزاء عليه كما في الحديث القدسي (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) متفق عليه. وقد شرع الله لنا في رمضان عبادات عظيمة ضمن ذلك الصوم وصلاة التراويح وتلاوة القرآن، وتفطير الصائمين وغير ذلك من أنواع الخيرات التي يجب المسارعة إليها في هذه الأيام العظيمة والليالي الشريفة.
وإن بلوغ هذا الشهر نعمة عظيمة فعلى المؤمن استثمار هذه النعمة، ومعرفة قدرها فإن كثيراً من الناس قد حرموا من الصيام إما بموتهم قبل بلوغه، أو بعجزهم عنه لمرض ونحوه أو بسبب ضلالهم وإعراضهم والعياذ بالله، فالواجب أن يحمد المؤمن ربه على هذه النعمة ويستقبل شهره بالفرح والاغتباط وأن يجتهد في أعمال الخير ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس لا يعرفون لمواسم الخيرات قيمة، فجعله بعضهم موسماً لتنويع المآكل والمشارب، وجعله بعضهم للسهر بالليل والنوم بالنهار حتى أن منهم من ينام عن الصلوات المكتوبة، وجعله بعضهم للتسكع في الأسواق فليت شعري لقد سبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فكم صام معنا العام الماضي من أناس هم الآن تحت الثرى، مرتهنون بأعمالهم وكانوا يأملون أن يصوموا رمضانات عديدة فدونك يا عبدالله هذه الأيام فإنها أيام معدودات تصام تباعاً وتنقضي سراعاً.
* عضو الجمعية الفقهية السعودية