ما الذي يدعو الغرب إلى الاهتمام المكثف بقضايا المرأة العربية؟ ولماذا تحرص الأمم المتحدة على وضع الأسرة المسلمة على رأس قائمة أولوياتها؟ وهل ما تطرحه وثائق مؤتمرات المرأة من قضايا هو انعكاس لأولويات المرأة المسلمة بالفعل؟
إن العداء الذي يواجهه الإسلام بكل الطرق وفي كل مكان - عسكرياً وثقافياً - أمر واضح للعيان خاصة في قضايا المرأة، فوضع المرأة والأسرة المسلمة مستهدف بالخطاب الغربي منذ أكثر من مائة سنة، أحياناً تهدأ المواجهة أو يتغير الميدان أو الوسيلة، ولكن تظل الحرب مستعرة.
إن هذا العداء يعود لأهمية وضع المرأة وقيمتها بصفتها أساس استقرار المجتمع المسلم، لذلك تأتي على رأس أولويات الأجندة الغربية لدورها في صنع الحضارة الإسلامية، ومن هنا أنشأت الإدارة الأمريكية مراكز أبحاث وتبنت دراسات لتقييم المجتمعات الإسلامية، وبناء على ذلك تقرر سياستها وشكل السيطرة، وبما أن ثقافة وأفكار المجتمعات الإسلامية تحول دون ذلك، فيجب إعدادها حتى تقبل تلك السيطرة ناسية أو متجاهلة أن المنظومة الثقافية والاجتماعية التي تريد فرضها على المجتمعات العربية بدعوى التطور جاءت نتيجة طبيعية ومنطقية لظروفها التاريخية ولا يمكن فرضها على مجتمعات ذات تاريخ مختلف، ولهذا يجب أن يحدونا التفاؤل، فالقيم الأصيلة هي التي تربح، وخاصة التي تستمد قوتها من الله سبحانه وتعالى.
إن ما تعانيه المرأة ليس عن نقص تشريعي أو عدم وضوح في الحقوق والواجبات، فوضع قضية المرأة في إطارها الإسلامي كفيل بحلها جذرياً، إن ما تعاني منه المرأة المسلمة أكبر بكثير من اللاءات الثلاث (لا للحرمان من التعليم، لا لختان الإناث، لا للزواج المبكر، فهناك الابتذال والعرى من أجل ترويج سلعة معينة في إحدى القنوات الفضائية وما يقدمه الفيديو كليب، أليس ذلك إهداراً وإهانة لكرامة المرأة؟
إن من العار والخيانة للأمة المسلمة ألا نهتم بما تتعرض له المرأة في فلسطين والعراق والشيشان والهند وإفريقيا وما تعانيه من أسر الأزواج وقتل الأولاد وسجن الآباء، ويزيد من معاناتها التفتيش على الحدود، وفي المنازل ليلا ونهاراً.
إن التشريع الإسلامي ليس فيه أي تمييز ضد المرأة بنص حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (النساء شقائق الرجال). وعن حقها في التعليم، جعله الإسلام واجباً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة)، وأما حقها في الزواج، فلا يتم إلا بموافقتها، كما أن العقد متوقف على إجازتها. كما أن للمرأة ذمتها المالية المستقلة تبيع وتشتري وتقايض وتقرض وتقترض وتهب وتوصي، تصرفاتها نافذة بإرادتها الذاتية لا تتوقف على رضا أب أو زوج.
انتبهن أيتها السيدات وانتبهوا أيها السادة، لسنا في حاجة إلى تشريعات وقوانين جديدة لتعديل أو إصلاح أحوال المرأة، كما أنه لا يمكن فصل قضايا المجتمع، والرجل بوجه خاصة عن قضايا المرأة التشريعية.
احذرن واحذروا من تنحية الدين عند مناقشة قضايانا، فبالإضافة لوجود الحل فيه هو ضمان لعلاج فعال دون مشاكل جانبية. إن المرأة المسلمة عليها عبء كبير في صد الحملات الموجهة إليها، فقد منحها الله مقومات كبيرة، مما يبشر بنجاحها في هذه المقاومة الحضارية.
إن كل قضايا المرأة يجب أن تطرح بخلفية شرعية، وهوية إسلامية حتى لا تتصادم وفطرة المجتمعات الإسلامية، يجب علينا ترتيب أولوياتنا، والتركيز على القضايا الكبرى، والمصيرية، فننشغل بها عما سواها.
* عميدة كلية التربية للبنات بالأحساء - الأقسام العلمية