Al Jazirah NewsPaper Friday  12/09/2008 G Issue 13133
الجمعة 12 رمضان 1429   العدد  13133
نقاط فوق الحروف
د. محمد عبدالعزيز المسند
د. عبدالرحمن بن معلا اللويحق

هذا القبس من كتاب الله فيه تشخيص لداء الأمم والجماعات وحتى الأفراد، وهو ما يصيب النفوس من الضعف والهوان والتعلّق بالدنيا وشهواتها ولذائذها، وإيثار ذلك على مرضاة الله وطاعته والجهاد في سبيله، ولهذا لما هُزم المسلمون في أُحد، وتساءلوا بينهم: أنى هذا؟ أجابهم الله تعالى بقوله: {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ}، فتعلّق النفوس بالدنيا المفضي إلى مخالفة أمر الله ورسوله هو سبب الهزيمة التي اكتوى بنارها الجميع. وتلك هي الهزيمة العسكرية.

وثمة هزيمة أخرى أقسى وأشدّ وأعمق أثراً، وهي الهزيمة النفسية التي تصيب النفوس، فتجعلها معجبة بعدوّها، فتراه أرفع شأناً منها، وأعلى مكاناً، بل تسعى إلى تقليده، وتبني ثقافته الدخيلة ونشرها والدعوة إليها، ويعظم الخطب حين تصيب هذه الهزيمة النكراء النُخب الثقافية والعلمية، وقادة الفكر والرأي ممن يدّعون العقلانية والتنوير! فيحتقرون أمّتهم وحضارتهم الإسلامية المجيدة، ويمجدون أعداء هذه الأمة باسم التنوير والتغيير والتطوير!

وقد حذر الله جل في علاه المؤمنين من هذه الهزيمة -في أعقاب هزيمتهم العسكرية في أُحد- فقال سبحانه: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}(آل عمران: 139، 140).

وما تخلّف المسلمون اليوم، وأصابهم الضعف والوهن، إلا لما ابتلوا بهذه الهزيمة النكراء، إلا من رحم الله من خواص المؤمنين الذين تُعقد عليهم الآمال -بعد الله- لإنقاذ هذه الأمة وإخراجها مما هي فيه..

فمتى نغيّر ما بأنفسنا حتى يغير الله ما بنا؟




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد