ليس المشروع الأول ولن يكون المشروع الأخير الذي تقوم به بلادنا لخدمة الحرمين الشريفين.
فأول مشروع قامت به الدولة السعودية هو التوسعة الأولى لبيت الله الحرام التي بدأت في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وتمَّ إكمالها في عهد الملك سعود والملك فيصل - رحمهما الله-.. وقد شملت هذه التوسعة هدم المباني المحيطة بالحرم وإعادة بناء المآذن والمسعى وبناء الجزء الخارجي من الحرم وإنشاء ثلاث بوابات رئيسة وأدوار علوية للحرم.
أما التوسعة السعودية الثانية فتمت في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله- وتضمنت إضافة جزء جديد لمبنى الحرم من الناحية الغربية تبلغ مساحته (76) ألف متر مربع بالإضافة لمساحة الحرم (193) ألف متر مربع، كما شملت التوسعة تجهيز الساحات الخارجية بحيث تتسع لحوالي (65) ألف مصلٍ، كما شملت التوسعة إضافة مدخل رئيس جديد وأربعة عشر مدخلاً فرعياً ومدخلين للبدروم لتضاف للمداخل الثلاثة الرئيسة السابقة والـ(27) مدخلاً فرعياً.
كما تضمنت توسعة الملك فهد مئذنتين جديدتين ومبنيين للسلالم الكهربائية إضافة للمباني الثلاثة السابقة وذلك لتسهيل وصول المصلين إلى سطح الحرم، كما تضمنت هذه التوسعة إنشاء محطة لتبريد مياه زمزم وتركيب آلاف المراوح.
وبعد أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- مقاليد الحكم في 26-6- 1426هـ كانت شؤون الحرمين الشريفين والعناية بهما من أهم أولوياته، فقد زار بعد عدة أيام من توليه الحكم مشعر منى وأمر -أيده الله- ببدء العمل على تطوير منطقة الجمرات وذلك بإقامة جسر فيها وهو ما ساعد على تخفيف الازدحام الذي كان يحصل في تلك المنطقة، كما أن مشروع إسكان الحجاج في مشعر منى الذي تشرف على تنفيذه وزارة الشؤون البلدية والقروية ثم بتوجيه من الملك عبدالله -حفظه الله-.
وتتواصل جهود خادم الحرمين الشريفين في العناية ببيت الله الحرام حيث يجري حالياً وبتوجيه منه -أيده الله- توسعة المسعى الذي شهد في السنوات الأخيرة ازدحاماً شديداً وبالذات في شهر رمضان المبارك وفي موسم الحج.
إن إنجاز هذه التوسعة للمسعى الواقع بين جبلي الصفا والمروة سوف يجعل أداء الشعيرة في هذا الموقع سهلاً وميسراً إذ ستبلغ مساحة المسعى بعد إنهاء هذه التوسعة (40) متراً بدلاً من المساحة الحالية (21) متراً، وقد جاءت التوسعة الجاري تنفيذها حالياً في المسعى بعد عدة دراسات وبعد موافقة العلماء بأنها تنطوي في الجانب الشرعي لشعيرة المسعى وهي تتمشى مع عالمية الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان، فالاجتهاد من أجل تيسير أمور المسلمين الدنيوية والدينية أمر مطلوب في كل عصر، فديننا الحنيف عقيدة روحية ودين أبدي إلى قيام الساعة فما يناسب المسلمين في عصور سابقة قد لا يناسبهم في عصور لاحقة وهذه المشاعر إنما وجدت لكي تزيد إيمان المسلم وتذكره بأيام الله الخالدة وإلا فإن العبودية والإخلاص فيها هي لله عز وجل، ومما يذكر في هذا الإطار أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف يوماً بالكعبة وعندما قارب الحجر الأسود وهمَّ بتقبيله قال رضي الله عنه: والله أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع.. ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك.. وهو دليل على أن المشاعر المقدسة هي مما يعين على طاعة الله.. وأن الاجتهاد في تطوير مواقع هذه المشاعر كالتوسعة الحالية للمسعى والجسر الذي أُقيم في منطقة الجمرات وتهيئة الساحات الخارجية للحرم للصلاة هو مما يساعد على زيادة دائرة طاعة المولى عز وجل.
وفق الله خادم الحرمين الشريفين لما فيه خير الإسلام والمسلمين.
asunaidi@mcs.gov.sa