التساهل وعدم الاهتمام بصحة المواطن والمقيم، يُعَدُّ جريمة في حقِّ المجتمع ككل، ولهذا فقد تم إنشاء العديد من الجهات لمراقبة الأسواق والمنتجات لمتابعة تاريخ صلاحية تلك المنتجات، والتأكد من محتويات ما يقدَّم للمستهلك حتى لا يتعارض مع الضوابط التي وُضعت للحفاظ على صحة المواطنين والمقيمين، فهناك إدارات متخصصة بوزارات التجارة والصناعة والصحة والبلديات، إضافة إلى إدارات الشرطة وحتى هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. فالغش في الغذاء والدواء والتدليس، كتغيير تواريخ الصلاحية، منكر فاضح لا بدّ من مقاومته.
وقد استطاعت هذه الجهات الرسمية كشف الكثير من حالات الغش والمواد الفاسدة التي تضر بصحة الإنسان، إلاّ أنه يلاحظ، رغم الجهد المقدّم من هذه الدوائر، تواصل الكشف عن حوادث تسمم، واكتشاف بضائع منتهية الصلاحية وبعضها فاسد منذ التصنيع، لأنّ ذلك يتم في أماكن غير صحيّة وغير مهيأة لإنتاج مواد غذائية، ومواد تدخل في إعداد غذاء الإنسان، وهذا يدل على عدّة أشياء منها:
1 - إنّ من يضبطون مخالفين للتعليمات وعدم الالتزام بالشروط والضوابط التي تضعها الدوائر الصحية والتموينية حفاظاً على صحة المستهلك، هم من غير المنضبطين وإنْ واجهوا عقوبات فإنّهم لا يرتدعون، إمّا لضعف العقوبة، أو لأنّ الغرامات لا تؤثِّر على حصيلة ما يجنونه من أرباح طائلة نتيجة الغش والتدليس.
2 - ضعف الرقابة، وقلّة فرق التفتيش سواء التابعة لوزارة الصحة أو للبلديات، أو لوزارة التجارة، وأنّ ما يُعلن من ضبط لبعض عمليات الغش والتدليس، ما هو إلاّ نقطة في بحر، ولا فرق هنا بين المحلات الكبيرة أو الصغيرة، كالمطاعم الفاخرة، ومحلات البيع، فحتى الفنادق ذات الخمس نجوم اكتشفت فيها كميات كبيرة من اللحوم والأغذية الفاسدة.
ولهذا ولمواجهة استهتار أصحاب هذه المطاعم والمصانع ومحلات البيع، وعدم اهتمامهم بصحة المستهلكين من مواطنين ومقيمين وجعل همهم الأول الأرباح، فإنّ الإجراء الأكثر تأثيراً وردعاً لمثل هؤلاء، هو التشهير بهم عن طريق نشر إعلان بالكشف عن تجاوزاتهم الصحية والأخلاقية، لأنّ من يتلاعب بصحة المستهلك وعن عمد لا أخلاق له، ولهذا يجب أن يعلم المستهلكون ذلك، ويبتعدوا عن المطعم والمحل الذي يسمح ببيع وعرض مواد تضر بالصحة وتؤذي المستهلكين، وأن تكون الإعلانات على حساب مرتكب المخالفة.
3 - أن تكثف مراقبة نوافذ البيع والمطاعم ومحلات بيع الأطعمة وأن لا يفرق بين الأسماء الكبيرة والمحلات والمطاعم والفنادق الكبيرة، فقد أثبتت الأحداث أنّ الجميع لا يلتزم بالمواصفات.
4 - يجب أن تكون العقوبة بمثل الجرم، فليس معقولاً أن يتم إغلاق المحل المخالف بضعة أيام وأصحابه سمحوا لأنفسهم بتقديم بضائع وسلع قد تضر البشر وقد تؤدي إلى وفاتهم.
jaser@al-jazirah.com.sa