حقائقُ عن الشاعر المزروع في ذاكرة النسيان.. إليه شفةً لم تُعرض في المزاد... |
مثلما يفرش الصدى ألوانَه |
وكما يرسل الضحى ألحانَه |
حمَل الشمسَ وامتطى موجةَ الصبحِ |
إلى كوكبِ الرُّؤى الفينانة |
عَصَرَ الفجرَ في اليراع، إلى أن |
أسرج الليلُ - حين خطَّ - حصانَه |
أمطر الكونَ بالشعور، وفي جدب |
الأحاسيس نفسُه عطشانة |
كلّما حاول المنامَ قليلاً |
أيقظ اللفظُ والرؤى شيطانه |
صاغياتٌ نفوسنا للهوى، والشاعرُ |
الحبُّ ساكنٌ وجدانه |
التِماع السرابِ وهمٌ، ولكنْ |
عَطْشة المرء حقّقَتْ لمعانه |
كلّ قلبٍ روحٌ به، وبقلب الشاعر |
الفذِّ ريشةٌ فنّانة |
مُدمنٌ فالشعور خمرٌ، وساقِيها |
يراعٌ، وهَدْأة الليل حانة |
جاء مثلَ النبي لا وحيَ، لكن |
حاملٌ في طموحه قرآنَه |
مذعنٌ للتمرُّد العذْبِ، والدنيا |
عذابٌ على النفوس الجبانة |
ساحرٌ بين إصبعيه، تمنّى |
كلُّ شيء لو كان يوماً مكانه |
أيقظ الإنسانيةَ الجرحَ في الناس |
فضجّوا وأيقظوا أشجانه |
لِجَمالٍ تثاقلوه ! كما استثقل |
في الشعر ناشئٌ أوزانَه |
ساحرٌ أنت إن نطقتَ، وإن تكتبْ |
يقولوا : لقد تعاطى الكهانة! |
نابضٌ بالهوى وبالشوق، فالدنيا |
ضجيجٌ مضمِّخٌ شريانه |
حاصروه، ضميرَه، شفَتَيه |
فالأحاسيس والحروف مُدانة |
وهواه أمانةٌ، فطرةٌ قد |
أودعَتْها، فهل يخون الأمانة؟ |
حينما هم لم يفهموا لغة الحبِّ |
سُمُوَّاً ؛ أمسى لهم تُرجُمانه |
وإذا القلب صار كالورد فَوحاً |
ما استطاعت حقولُه كِتمانه |
ربما يذكرونه ذِكرةَ الأفنان |
للطيرِ تاركاً أفنانه |
الليالي جفونُها اهترأَتْ، والشاعرُ |
الفذُّ لابسٌ عنفوانه |
إنما الشاعر الذي عاش لم يعرف |
حصانُ الأفكار فيه عنانه |
كان حدساً شعورُه قد وعى أن |
ليس هذا مكانَه وزمانَه |
ساوموه على السكوت وهل يهوى |
سجين معذب سجانه |
دهَمَتْه زوارق الزيف كي يمسي |
َبُوقاً وجرَّحَت شطآنه |
ساوموه أن ينزع الشاعرَ الإنسانَ |
فيه؛ ليُغمدوا بركانه |
فثنى الشاعر الكسيرُ بَنانه |
تاركاً في صوتِ الضحى عنوانه |
سعود بن سليمان اليوسف |
الرياض 2/1422هـ |
|