Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/09/2008 G Issue 13132
الخميس 11 رمضان 1429   العدد  13132

ما أروع وأسوأ أن تكون شاعراً!

 

حقائقُ عن الشاعر المزروع في ذاكرة النسيان.. إليه شفةً لم تُعرض في المزاد...

مثلما يفرش الصدى ألوانَه

وكما يرسل الضحى ألحانَه

حمَل الشمسَ وامتطى موجةَ الصبحِ

إلى كوكبِ الرُّؤى الفينانة

عَصَرَ الفجرَ في اليراع، إلى أن

أسرج الليلُ - حين خطَّ - حصانَه

أمطر الكونَ بالشعور، وفي جدب

الأحاسيس نفسُه عطشانة

كلّما حاول المنامَ قليلاً

أيقظ اللفظُ والرؤى شيطانه

صاغياتٌ نفوسنا للهوى، والشاعرُ

الحبُّ ساكنٌ وجدانه

التِماع السرابِ وهمٌ، ولكنْ

عَطْشة المرء حقّقَتْ لمعانه

كلّ قلبٍ روحٌ به، وبقلب الشاعر

الفذِّ ريشةٌ فنّانة

مُدمنٌ فالشعور خمرٌ، وساقِيها

يراعٌ، وهَدْأة الليل حانة

جاء مثلَ النبي لا وحيَ، لكن

حاملٌ في طموحه قرآنَه

مذعنٌ للتمرُّد العذْبِ، والدنيا

عذابٌ على النفوس الجبانة

ساحرٌ بين إصبعيه، تمنّى

كلُّ شيء لو كان يوماً مكانه

أيقظ الإنسانيةَ الجرحَ في الناس

فضجّوا وأيقظوا أشجانه

لِجَمالٍ تثاقلوه ! كما استثقل

في الشعر ناشئٌ أوزانَه

ساحرٌ أنت إن نطقتَ، وإن تكتبْ

يقولوا : لقد تعاطى الكهانة!

نابضٌ بالهوى وبالشوق، فالدنيا

ضجيجٌ مضمِّخٌ شريانه

حاصروه، ضميرَه، شفَتَيه

فالأحاسيس والحروف مُدانة

وهواه أمانةٌ، فطرةٌ قد

أودعَتْها، فهل يخون الأمانة؟

حينما هم لم يفهموا لغة الحبِّ

سُمُوَّاً ؛ أمسى لهم تُرجُمانه

وإذا القلب صار كالورد فَوحاً

ما استطاعت حقولُه كِتمانه

ربما يذكرونه ذِكرةَ الأفنان

للطيرِ تاركاً أفنانه

الليالي جفونُها اهترأَتْ، والشاعرُ

الفذُّ لابسٌ عنفوانه

إنما الشاعر الذي عاش لم يعرف

حصانُ الأفكار فيه عنانه

كان حدساً شعورُه قد وعى أن

ليس هذا مكانَه وزمانَه

ساوموه على السكوت وهل يهوى

سجين معذب سجانه

دهَمَتْه زوارق الزيف كي يمسي

َبُوقاً وجرَّحَت شطآنه

ساوموه أن ينزع الشاعرَ الإنسانَ

فيه؛ ليُغمدوا بركانه

فثنى الشاعر الكسيرُ بَنانه

تاركاً في صوتِ الضحى عنوانه

سعود بن سليمان اليوسف

الرياض 2/1422هـ


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد