الجزيرة - محمد المنيف
في الساعة التاسعة والنصف من مساء اليوم يفتتح سعادة الدكتور عبد العزيز السبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشئون الثقافية بقاعة الشرقية للفنون بالرياض المعرض الثاني عشر للفنان احمد فلمبان الذي يقدم فيه مجموعة من أعماله التي مواصلا بها تأكيد أسلوبه العالمي الذي حقق من خلالها العديد من الجوائز العالمية وحظي بإعجاب النقاد في كثير من الدول التي أقام فيها معارضه ومنها إيطاليا البلد التي تلقى فيها دراسته الأكاديمية.
تحدث الفنان احمد فلمبان للصفحة عن المعرض مشيرا إلى انه يشتمل على خمسين عملا بالمقاس الصغير (25X25سم) نفذها بأسلوبه المتعارف عليه والذي قدم به الكثير من الأعمال التي استقي فكرتها من قضايا الإنسان إلا أن هذا المعرض بما يحمله من عنوان ملفت للنظر قد يفهم بأشكال مختلفة خصوصا من عني بها وهي المرأة فعنوان المعرض (المرأة مشكلة).
فكرة المعرض.. والمسمى
كون الاسم ملفتا للنظر وكون المشكلة لها ألف معنى وتفسير خصوصا حينما يتعامل معها فنان كبير يعي دوره استطعنا أن نكشف بعضا مما يعنيه الفنان احمد فلمبان في هذه الفكرة كما جاء في مقدمته عن المعرض انه وبعد معرضه الحادي عشر، بدأ يشعر ويتوجس ويعاني موضوعا شائكاً عن أن المرأة هي بحد ذاتها مشكلة، أخذ يفكر ويتخيل ويعيش ساعات وساعات يتأمل المرأة على فراغ سطح القماش الموحش، يشده إليه إحساساً غامضاً، ومن خلال النتوءات والتعرجات والأحافير والخطوط تلح علي تلك الأشكال العشوائية الموجودة في الفضاء الأبيض الرهيب المخيف يتحداني ويذكرني بالشيب والثلج والأكفان، كرموز وأشباح وشخوصات متنافرة متوترة مختبئة مستكينة خائفة مطأطئة مدفونة هاربة وجلة مُستَفزة، هي مفردات تكوين اللوحة الأولية، تتوالى العناصر في التداعي بلا معنى أو علاقات مترابطة منطقية بينهم، صور أقرب إلى الأحلام الكوابيس، هي في النهاية، تجسيد خيالات وتهاويم، معاناة (المرأة) لأنها في هذا الكون المخلوق البشري الوحيد المطحون المستسلم الجميل العنيد الغامض الذي خلقه الله من صلب الرجل، لازالت هناك وفي كل المجتمعات الإنسانية وبفعل تراكم تاريخي ثقافة السلطة الذكورية على المرأة وفانتازيا الرجولة والهيمنة وأدوار البطولة مصيرها في يده، وتظل القيادة المطلقة له وفي بعض المجتمعات ينظرون للمرأة على أنها هدف استقطاب يثير اهتمامه وغريزته.
ويضيف قلميان في مقدمته للمعرض قائلا: هناك إقصاء للمرأة وتهميش لواقعها المعاشي بالرغم أن المرأة ذات الوفاء والأداء والصبر والوقار والتي أثبتت مكانتها ووجودها في بناء أسرتها وثقافة مجتمعها، وتمثل عطاءً لا ينضب للأسرة ومقوماتها واحتياجاتها، فهي العنصر الأساسي في هذه الحياة، وهي كل شيء: هي الأم، الأخت، الزوجة، وأنها في نظر المجتمع الذكوري مطية نكرة وتبقى همومها ومعاناتها في داخلها، وصراخها ودموعها وألمها تُحفر في ذاكرة الزمن، وتُختزن في مستودع عقلها الباطني، دون الأخذ في الاعتبار أن لها حقوقا وواجبات كأي كائن حي. وتبقى الفرص والتميز للرجل، وبالرغم من هذا العناء والإجحاف المختلق، تبقى (المرأة مشكلة) فهي قوية بعنادها تمتلك أسلحة فتاكة لا يمكن مقاومتها تسبب فوران الدم والتعدي على القوى العقلية والنفسية والعصبية للرجل، قد تودي بحياته أو إلى الهلاك والعذاب والتشنج والجلطة والسكتة القلبية، فهناك أحداث دامية أسبابها (المرأة) وفي مجتمعات أخرى، هناك رضا تام من المرأة بوضعها التقليدي إلى درجة الخنوع والاستسلام، وخوف من ممارسة حقوقها الطبيعية وما تمتلكها من حواس بحجة العادات والتقاليد.
(المرأة مشكلة) عندما تنساق وراء الوجاهة الاجتماعية في هوس (التسمكر) و(التجمل (والتمكيج) حيث أصبحت طبابة التجميل وصالات التخسيس أكثر من مخابز التنور في عالم الجوع والعوز.
يقول الفنان احمد فلمبان أن العنوان له أكثر من تفسير مهما كان قاسيا إلا أن لكل فرد فهمه وتفسيره، هذا العنوان الذي وضعه الفنان أحمد سيشكل علامة استفهام كبيرة وردود فعل، إلى أن يشاهد الزائر أو الزائرة التي تمثل بيت القصيد أو مصدر إلهام الفنان في هذا المعرض للأعمال مباشرة وبذلك يتم التعرف على أبعاد هذا المسمى.
اللوحة الصغيرة.. ومعرض النمسا
حول مقاس اللوحة بهذا الحجم الذي يراه الكثير صغيرا يقول الفنان احمد فلمبان انه يرى فيه مساحة تتيح له التعبير ووجد فيها علاقة عجيبة تمكنه من أن يمارس إبداعه وكأنها جداريات، المعرض سينتقل بعد عرضه بالرياض إلى (فينا)، تلبية لدعوة من رابطه المرأة العربية بالنمسا، هذه الدعوة رغم أنها من جهة معنية بعنوان المعرض إلا أنها بالفعل تؤكد قبول المرأة العربية بالنمسا للرأي الآخر خصوصا انه يأتي عبر إبداع فنان يعبر عن رؤيته بالألوان والخطوط بشكل إيحائي يقرأ بالوجدان قبل العين ويتحول إلى سمفونية تتلقاها العقول حسب رقي ذائقتها وتحليلها الجمالي للعمل بعيدا عن البحث عن تفاصيل قد تكون هامشية.
تواجد الفنان احمد فلمبان بالرياض وبهذا الكم من الأعمال سيكون بمثابة إكمال الجزء الأخير من جسر التواصل بينه وبين جمهوره هنا الذي يتابع تحركه الإبداعي في جده وعلى المستوى العالمي من خلال الأخبار ليصبح أما الأعين مباشرة متيحا الفرصة للحوار والنقاش.