تُعرف صحف المناطق بأنها (صحف خدمة وخبر، تصدر وتوزع في منطقة من مناطق الدولة الواحدة، ويحررها ويكتب فيها أبناؤها، وتُعدُّ صورة حية ناطقة، بكل ما يقع على أرضها من أحداث، بحيث يجد فيها سكانها أنفسهم، وأخبار مناطقهم). مثل هذه الصحافة، ما زالت مناطق المجتمع السعودي تفتقدها ولذلك لا أتفق مع توجس الصديق الأستاذ خالد بن حمد المالك (رئيس تحرير هذه الصحيفة) منها، أو الخشية من أن تتحول عن أهدافها، بل أراها عاملاً مساعداً في تعزيز الوحدة الوطنية، وقناة اتصال بين مجالس المناطق والمواطنين، طالما هي ملتزمة بالسياسة الإعلامية السعودية، ومنها تشتق أهدافها وتكرسها، كما تلتزم بنظام المطبوعات والنشر، وتنطلق - كما قال الدكتور هاشم عبده هاشم الرئيس السابق لتحرير صحيفة عكاظ-: (من مفهوم المصاهرة، والدمج القبلي، والتوطين، القائم على أسس تنمية الولاء، والإخلاص، والوفاء للوطن الواحد) وتستفيد من التراكم الإعلامي للدول التي سبقت في هذا المجال ومن بينها - على سبيل المثال - ألمانيا التي تصدر فيها (331) صحيفة مناطقية هي صاحبة المجتمعات المحلية بالمعنى العلمي، إذ إنها موجهة لسكان المناطق، وتعبر عن آرائهم وتعالج قضاياهم ومشكلاتهم، وتحثهم على المشاركة في التنمية، ويجد فيها السكان حضوراً لمناطقهم في الزمان والمكان، وشاهداً مرحباً به دوما لنقل الأحداث فوريا، بالإضافة إلى أنها حق من حقوقهم الإعلامية لمعرفة ما يدور في مناطقهم، ورصد الواقع الذي تعيشه، وانتفاعهم بموارد المعلومات، وحرية الرأي والتعبير.
تتلافى صحف المناطق، الحرج الذي تواجهه الصحف السعودية الصادرة حاليا في الوصول إلى المعلومات الكاملة والمتكاملة عن المناطق، والصعوبات التي تعتريها في الحصول عليها، فقد تطورت كل منطقة في إطار التنمية المستدامة، فهل من المعقول ألا يجد سكان المجتمعات المحلية، وسيلة اتصال محلية، تطلعهم على مناقشات الهيئات والمؤسسات المحلية لقضاياهم، وهل من المنطق أن يظل السكان المحليون في معزل عن مجريات ما يدور في مناطقهم؟.
صحيح أن الصحف السعودية الثمانية، تقوم بمتابعة أخبار المناطق، مع تفاوت في الأداء، والملحوظ أن هناك (ضموراً في المساحة المحددة، بحيث تتسع تارة، وتتراجع تارة أخرى، حسب تفاوت رؤى رؤساء التحرير، ومواسم الإعلانات، وخطط التوزيع، وطبيعة الأحداث، دون أن تخضع تلك الأحداث لدراسة علمية، تحدد الاستحقاق الموضوعي للحجم والمساحة، المرتبطتين مهنيا بمجموعة من المعايير والقيم، أحدها أهمية الأحداث وليس كمُّها).
أتوقع أن المستقبل سيكون لصحف المناطق في المجتمع السعودي، التي تشهد اكتظاظاً سكانياً، وارتفاعاً في معدلات التعليم، وحراكاً ثقافياً، وتنمية للموارد البشرية، وتفاعلات اقتصادية، فهل يقتنع الصديق خالد المالك، أم يظل على رأيه؟.
فاكس: 4543859 - الرياض