الدكتور عبد الله الطويرقي، عضو مجلس الشورى أثار قبل رمضان قضية تتعلق برشوة وزارة الصحة للكُتاب والصحفيين.
وقضية أن كُتابنا يرتشون أثارها قبل الدكتور الطويرقي أحد الوعاظ في موعظة له في مدينة جدة، عندما كان يعظ في أحد المراكز الصيفية، واتهمهم ليس فقط بالرشوة، وإنما بالعمالة للخارج، وقد تدخل حينها معالي وزير الشؤون الإسلامية، وحَمّل (الواعظ) منفرداً مسؤولية اتهاماته، ثم (طارت في العجة)، وأعادت إثاراتها ثانية كاتبة (هامشية) من خلال أحد البرامج التلفزيونية، واتهمت بعض الصحفيين صراحة بأنهم يقبضون من السفارات، وأن إحدى السفارات - (كذا) - عرضت عليها ما يؤكد اتهامها، بحكم (طبعاً) أنها من كبار الكتاب في البلاد، وعلى الرغم من أن التهمة (خطيرة)، وتمس خيانة الإنسان لوطنه، وعمالته للخارج، إلا أن تلك الكاتبة كانت من الوزن الخفيف، التي لا تحمل أية قيمة أدبية أو إعلامية حقيقية، وانتهت تلك التهمة بأن تعامل معها الجميع على أنها مجرد ادعاءات دونما إثبات، وخير من إجابتها (السكوتُ) كما هي النصيحة (التقليدية) للتعامل مع (السفيه).
الآن الأمر لا يتعلق بمجرد اتهامات واعظ عُرف عنه حين يخطب (مرتجلاً) أنه لا يزن كلامه كما هي (معضلة) الكثيرين من أقرانه، كما أنها ليست (جعجعة) امرأة صحفية هامشية، تبحث عن إعادة مجد غابر، وإنما أتت من عضو في أكبر هيئة استشارية في البلاد، أعطاها ولي الأمر صلاحية مراقبة الأجهزة المرتبطة بالسلطة التنفيذية، وفوق ذلك دراسة الأنظمة والقوانين، وإبداء المشورة الشرعية فيها، على أساس أنهم أهل الاختصاص، فإذا كانت وزارة الصحة ترشي - كما يقول الطويرقي - الصحفيين ليسكتوا عن أخطائها، وإن بطريق غير مباشر، فهذه تهمة أتت من عضو هو حسب التصنيف الشرعي من أهل (الحل والعقد) طالما أنه عضوٌ في مجلس الشورى، ولا يمكن تجاوزها بحال.
الزميل والكاتب والأكاديمي الدكتور علي الموسى أثار هذه القضية على صفحات جريدة الوطن، واعتبر أنه معني بهذا الاتهام شخصياً، يقول الدكتور الموسى بالنص: (قرأت ما كتبه الطويرقي وقلَّبتُه على كل الوجوه، ثم اكتشفت أنه قصدني بقنبلة وبجوارها حزام ناسف، لأن وزير الصحة، بحسب التلميح الطويرقي قد خصني مع بضعة نفر بقطعة من مليون)، ثم يقول بوضوح ما بعده وضوح: (ونحن معه ومعكم ومع الرقابة العامة والخاصة على استعداد أن نذهب لطاولة المدعي العام، على استعداد أن نرهن الرقاب وأن نكشف الحساب حتى لو كانت الرشوة حبة بنادول، نحن على استعداد أن نكون مثلما نحن (الحلقة الأضعف) فيما هو يستند إلى جداره القوي من الحصانة البرلمانية العتيدة، ولكن: حتى يظهر ويتبين الخيط الأبيض من الأسود لماذا نسكت عن المكاشفة والإثبات فيما قنابل الطويرقي تثبت أن الرشوة تحرك الأقلام؟ إما أن يثبت وإما أن يسكت).
لقد مللنا من اتهام الكُتاب مرة بأنهم (رعاع)، ومرة بأنهم لا يحفظون لذوي الهيئة مكانتهم فينتقصون منها، والآن بأنهم يدعون إلى الأمانة وهم أول من ينسفها.
إنني في هذه العجالة أضم صوتي إلى صوت الدكتور علي، وأزيد: يجب أن يتم التحقيق في الأمر، فإما أن يُثبت الطويرقي ما يقول، وإلا فيجب إقصاؤه من منصبه، وليس فقط مطالبته ب(السكوت) كما طالب الدكتور علي، لأنه بمثابة المستشار لولي الأمر بحكم عضويته في مجلس الشورى، وكما يقولون: (المستشار مُؤتمن)، فإذا كان يطلق الاتهامات (علناً) على عواهنها، فهو ليس أهلاً للأمانة من حيث المبدأ. إلى اللقاء.