هذه القصيدة التي كتبتها رثاءً لوالدي (علي بن أحمد المنصور) الذي رحل إلى ربه يوم الثلاثاء 4-8- 1429هـ، رحمة الله عليه، ورضوانه، وبركاته. |
أبكيك بالدم لو يسلو الفراق دمي |
يا نور قلبي، ويا أنشودة بفمي |
أبكيك بالدم لا بالدمع من أسفٍ |
الدمع والله لا يشفي من الألم |
قالوا: تصبر على البلوى، فقلت لهم: |
أليّ وجسمي لا تمشي به قدمي؟! |
لم أعرف الوجد إلا حين فارقني |
ولا الصبابة إلا حين لم أنَم |
ياموت، ما لك لا تُرعي على أحد |
ولا تفرق بين الذئب والغنم؟! |
كنا من الدهر في أمنٍ، وفي دعةٍ |
كأنما نحن في ضرب من الحلم |
فاليوم كدر هذا الدهر مِنَّتَهُ |
كأنما هو مما كان في ندم! |
ما أصعب البين إن حان التفاتته |
يا ليتني قبل يوم البين في عدم |
أو ليتني حين دلوه لحفرته |
أنّا رحلنا جميعاً، ثم لم أقم |
يا أبتا، كنت إما قلت، تسمعني |
(نعم)، فما لك عني اليوم في صمم؟! |
أين البشاشة قد شببت بادرةٍ |
بيضاء من فمه في حسن محتشم؟! |
(ماليْ)، و(ماليَ) والأقدار ضاحكة |
مني، وثغر الليالي ثغر مبتسم |
ما ضر من فارق الدنيا لوجهته |
إن كان ذا مننٍ جلى، وذا شيم |
من للمساكين يكسوهم ويطعمهم |
في كل حينٍ بلا من ولا سأم؟! |
يعطي الجزيل، ولا يخشى على غده |
كأنما هو م الإملاق في حرم! |
من للصغار يربيهم، ويقرئهم |
بعد على كتاب الله، من لهم؟! |
من للشريعة يحميها، وينصرها |
وإن رأى منكراً في الدين لم يجم؟! |
من للأمانة إن ضاعت معالمها |
يوماً، وصدق قول الفاجر الخصم؟! |
ووالداك، فمن يرعى شؤونهما؟! |
والوالدان هما باب إلى النعم |
من كان يوفي بما أعطاك من ذممٍ |
إذا تهاون جل الناس بالذمم؟! |
المفضل، المحسن، المعدوم مشبهة |
القاطع السيئات، الواصل الرحم |
عف السريرة، صافي القلب، منصلت |
إلى الجميل، شريف القول، والهمم |
كان امرأ بخفايا الحق ذا بصرٍ |
لكنه عن فضول الحادثات عم! |
أخنت عليه رزايا الدهر، فانصدعت |
عن قلبٍ مصطبر، بالله معتصم |
عشنا بنعماه دهراً، ثم فارقنا |
كرها، وعيشك مهما يصف لا يدم |
كما سرى في ظلام الليل مصطحب |
مصباحة، فانطفا، فانساب في الظلم |
لو كان يفدى من الأرزاء من أحدٍ |
فدته نفسي، ولم ينفس عليه دمي |
يا طيب الروح، هل ألقاك ثانيةً؟ |
وما رجائي من المدفون في الرجم؟! |
إن كان جسمك قد ولى، فقد بقيت |
آلاؤك الغر، لم تبرح، ولم ترم |
عليك مني سلام الله ما ذرفت |
عين بدمعٍ على ذكراك منسجم |
وما تغشاك مسكين أضر به |
ريب الحوادث من عدمٍ، ومن سقم |
وما بكتك بيوت الله تغمرها |
بالصالحات، وما أثنى عليك فمي |
|