Al Jazirah NewsPaper Monday  08/09/2008 G Issue 13129
الأثنين 08 رمضان 1429   العدد  13129

عليك مني سلام الله
فيصل بن علي المنصور

 

هذه القصيدة التي كتبتها رثاءً لوالدي (علي بن أحمد المنصور) الذي رحل إلى ربه يوم الثلاثاء 4-8- 1429هـ، رحمة الله عليه، ورضوانه، وبركاته.

أبكيك بالدم لو يسلو الفراق دمي

يا نور قلبي، ويا أنشودة بفمي

أبكيك بالدم لا بالدمع من أسفٍ

الدمع والله لا يشفي من الألم

قالوا: تصبر على البلوى، فقلت لهم:

أليّ وجسمي لا تمشي به قدمي؟!

لم أعرف الوجد إلا حين فارقني

ولا الصبابة إلا حين لم أنَم

ياموت، ما لك لا تُرعي على أحد

ولا تفرق بين الذئب والغنم؟!

كنا من الدهر في أمنٍ، وفي دعةٍ

كأنما نحن في ضرب من الحلم

فاليوم كدر هذا الدهر مِنَّتَهُ

كأنما هو مما كان في ندم!

ما أصعب البين إن حان التفاتته

يا ليتني قبل يوم البين في عدم

أو ليتني حين دلوه لحفرته

أنّا رحلنا جميعاً، ثم لم أقم

يا أبتا، كنت إما قلت، تسمعني

(نعم)، فما لك عني اليوم في صمم؟!

أين البشاشة قد شببت بادرةٍ

بيضاء من فمه في حسن محتشم؟!

(ماليْ)، و(ماليَ) والأقدار ضاحكة

مني، وثغر الليالي ثغر مبتسم

ما ضر من فارق الدنيا لوجهته

إن كان ذا مننٍ جلى، وذا شيم

من للمساكين يكسوهم ويطعمهم

في كل حينٍ بلا من ولا سأم؟!

يعطي الجزيل، ولا يخشى على غده

كأنما هو م الإملاق في حرم!

من للصغار يربيهم، ويقرئهم

بعد على كتاب الله، من لهم؟!

من للشريعة يحميها، وينصرها

وإن رأى منكراً في الدين لم يجم؟!

من للأمانة إن ضاعت معالمها

يوماً، وصدق قول الفاجر الخصم؟!

ووالداك، فمن يرعى شؤونهما؟!

والوالدان هما باب إلى النعم

من كان يوفي بما أعطاك من ذممٍ

إذا تهاون جل الناس بالذمم؟!

المفضل، المحسن، المعدوم مشبهة

القاطع السيئات، الواصل الرحم

عف السريرة، صافي القلب، منصلت

إلى الجميل، شريف القول، والهمم

كان امرأ بخفايا الحق ذا بصرٍ

لكنه عن فضول الحادثات عم!

أخنت عليه رزايا الدهر، فانصدعت

عن قلبٍ مصطبر، بالله معتصم

عشنا بنعماه دهراً، ثم فارقنا

كرها، وعيشك مهما يصف لا يدم

كما سرى في ظلام الليل مصطحب

مصباحة، فانطفا، فانساب في الظلم

لو كان يفدى من الأرزاء من أحدٍ

فدته نفسي، ولم ينفس عليه دمي

يا طيب الروح، هل ألقاك ثانيةً؟

وما رجائي من المدفون في الرجم؟!

إن كان جسمك قد ولى، فقد بقيت

آلاؤك الغر، لم تبرح، ولم ترم

عليك مني سلام الله ما ذرفت

عين بدمعٍ على ذكراك منسجم

وما تغشاك مسكين أضر به

ريب الحوادث من عدمٍ، ومن سقم

وما بكتك بيوت الله تغمرها

بالصالحات، وما أثنى عليك فمي

faysalmansour@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد