ليس هناك أكثر حاجة وطلباً للمساعدة في هذا الشهر الفضيل من الفقراء والمساكين ممن أثقلت كاهلهم الديون، وتقطعت بهم السبل، وغلقت دونهم الأبواب.. لا يشعر بمعاناة هؤلاء إلا المحسنون الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله؛ قال تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
الصدقة مدعاة للبركة والنماء في الدنيا والآخرة، يَسعَد بها الخالق وهو الرزاق الكريم، ومن بيده خزائن السموات والأرض، والمتفضل على عباده بالرزق، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.. ومن أحب الأعمال إلى الله سروراً يدخله المؤمن على أخيه المؤمن وأعظم سرور الفقير حصوله على قوته وقوت أبنائه؛ روي عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قوله: (إن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كرباً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً).
مليار ومائة وخمسون مليون ريال أمر بصرفها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لمستحقي الضمان الاجتماعي في أول أيام رمضان المبارك، نحتسبها أن تكون من الأعمال التي حدث عنها الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه.. البذل والعطاء وسد حاجات الفقراء والمحتاجين من أحب الأعمال إلى الله، والصدقة الطيبة يتضاعف أجرها عند الله.. قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
الصدقة سبب من أسباب بركة المال ونمائه؛ روي عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قوله: (ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة، إلا زاده الله تعالى بها كثرة).
نحتسب إلى الله أن تكون أعمال الخير والبر التي يقدمها الملك عبدالله بن عبدالعزيز لشعبه مدعاة لجلب البركة والنماء والخير لهذه البلاد وأهلها وولاة أمرها، وقبل كل هذا، رحمة من الله ورضواناً، ومغفرة، ومضاعفة في الأجر والمثوبة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، على ما يقدمه من خير لمواطنيه، وعموم المسلمين.
الإرهاب يجلب الفقر والدمار
قصة (نصر فرج جوهر) الذي استغنت عن خدماته إحدى المؤسسات الخيرية بعد توقفها عن جمع الأموال بواسطة صناديق التبرعات تجاوباً مع الإجراءات الاحترازية الرسمية، التي نشرتها جريدة الشرق الأوسط الاثنين الماضي يمكن أن تلخص الضرر الكبير الذي أحدثه استغلال الجماعات المتطرفة لبعض قنوات الأعمال الخيرية الداخلية.. (حسبنا الله على الإرهابيين لم يجلبوا لنا سوى الشرور) هي الدعوة التي أطلقها (نصر فرج) على من تسبب في إقحامه دائرة الفقر والعوز بعد فقده وظيفته ومصدر رزقه الوحيد. أساءت الجماعات الإرهابية، بأعمالها المخالفة تعاليم الدين والأنظمة والقوانين، لجهود الخيرين من أهل هذه البلاد الطيبة، وللتقاة الثقات ممن بذلوا أنفسهم لأعمال الخير، واجتهدوا في جمع الصدقات والزكوات لتوزيعها على مستحقيها من الفقراء والمساكين، وللجمعيات الخيرية النزيهة.
(حسبنا الله على الإرهابيين وأعوانهم) يرددها مع (نصر فرج) فقراء انقطعت عنهم صدقات المحسنين، ويتامى فقدوا آباءهم بطلقات الإرهابيين وتفجيراتهم، وأمهات غُرِّرَ بأبنائهن فاقتيدوا إلى ساحات الهلاك أو غياهب السجون.. الإرهاب لم يجلب الفقر فحسب، بل جلب الويل والدمار للإسلام والمسلمين؛ بسببه وجد أعداء الإسلام سبباً لغزو البلاد الإسلامية، واحتلالها ونهب خيراتها، ومحاربة الدين ورجاله.. دُمرت أفغانستان، واحتلت العراق، وقويت شوكت أعداء السنة والجماعة، وتسابقت دويلات صغيرة لتحقيق أطماع الأعداء تحت غطاء محاربة الإرهاب الذي أُلصق بالدعوة الإسلامية الصادقة ظلماً وعدواناً.. ثُلة من الخارجين على الدين، والقانون وولي الأمر، تسببوا في قتل وتشريد وتجويع ملايين المسلمين، وإضعاف دولة الإسلام في مواجهتها أعداء الأمة، وتهيئة الظروف لبروز المذاهب المنحرفة، ونشر الأفكار الضالة، وتشويه صورة الإسلام والمسلمين.
قبضة فولاذية وقلب رحيم
على الرغم من حساسية وخطورة الملفات الأمنية، والمالية المرتبطة بقضايا الإرهاب والفكر المتطرف إلا أن وزارة الداخلية بقيادة رجل الأمن الأول الأمير نايف بن عبدالعزيز تتعامل معها بحكمة وحزم ورحمة أبوية صادقة.. قبضة وزارة الداخلية الفولاذية المدافعة عن أمن الوطن يقف خلفها قلب رحيم، حريص على مصلحة الوطن والمواطنين.. لم تألُ وزارة الداخلية جهداً في الدفاع عن أبنائها المغرر بهم في الخارج والعمل على إرجاعهم أرض الوطن، ومناصحة وتوجيه معتنقي الفكر الضال، والمغرر بهم من الشباب والمراهقين في الداخل ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء، ولم يرتكبوا عملاً تخريبياً، فهؤلاء وإن ضلوا الطريق لأسباب فكرية شاذة، أو تحت ضغط المحرضين ممن وَثَقوا في علمهم دون تبصر واجتهاد فهم أبناء هذه البلاد الطيبة ولهم أسر كريمة تقف مع وزارة الداخلية في خندق واحد، أصابها الضرر وأرّق أعين أفرادها السهر، وأدمت قلوبهم صروف الأيام وقسوة الأبناء على والديهم وأهليهم. هؤلاء الآباء والأمهات والأسر المُبتلاة بفلذات أكبادها أكثر حاجة للشفقة والرحمة، وفي إسعادهم الخير الكثير في الدنيا والآخرة.. أجزم بأن قلب الأب المشفق الأمير نايف بن عبدالعزيز لم ولن ينسى الآباء والأمهات المتشوقون لرؤية أبنائهم، والاطمئنان عليهم في هذا الشهر الفضيل.
أختم بقول الحق عز وجل: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244
f.albuainain@hotmail.com