قبل أيام أكملت ابنتي الصغرى عامها الأول، فاقترحتْ الكبرى ذات الثمانية أعوام مع شقيقها الذي يصغرها أن نحتفل بهذه المناسبة، ليس لأنها اعتادت على أعياد الميلاد بقدر ما تستغل هي ومن هم في سنها مثل هذه المناسبات لمزيد من المرح والحلوى دون أن تقع في محظور الحلال والحرام.
ولأن واسطة العقد لا تختلف عندي عن أوله وآخره، فلقد لبيت الفكرة خصوصاً في ظل اجتماع أطفال الأقارب واحتفل الجميع عدا المُحتفى بها التي لا تدري ماذا يحدث حولها، وفوجئت بأحد أفراد العائلة يشير من بعيد أن هذا الاحتفال محرم ولا يجوز التشبه فيه بالكفار، ولا بتعظيم الأيام، وأن الأعياد في ديننا عيدان فقط ولا يجوز أن نحتفل بغيرهما، فقلت: على رسلك هل ترى شموعاً؟ هل تسمع معازف أو (هابي بيرث دي؟) كل ما في الأمر أطفال يلعبون ويمرحون، وجاء المنقذ فضيلة الشيخ سلمان العودة في برنامج (الحياة كلمة) وكانت الحلقة بعنوان الإسلام في أوروبا يوم الجمعة 6-8- 1429هـ عبر محطة MBC الفضائية حيث سُئل فضيلته عن ذلك فقال: (إذا كان الأمر يتعلق بالميلاد الشخصي، فوجهة نظري أن الاحتفالات العادية (مباحة) فمثلاً -والكلام لفضيلته- زوجان يحتفلان بمناسبة مرور سنة أو حتى (إن شاء الله) عشرين سنة وليكن، لماذا تنطفئ هذه الشموع؟ أو كذلك لابن أو البنت يحتفل بمناسبة ميلاد، هذا ليس احتفالا دينياً، إنما هو أمر عادي وقد يجمع الأصدقاء على وجبة أو ما شابه ذلك فلست أرى في ذلك حرجاً..).
وقد أكد فضيلته -في ذات السياق- على أهمية التهنئة الشخصية من القلب لأم أو أب أو زوجة أو أخ أو أخت أو قريب أو صديق نقول له: كل عام وأنت بخير، وتسأل الله أن يديم عليه الصحة والعافية والسعادة والفرح.. ويضيف أيضاً:
وكيف بل وقد عُدت إلى منزلك بعد جهد وتعب وعناء يوم طويل وفتحت الباب، فوجدت قطعة كيك قد وُضعت على طاولة الطعام ووجدت زوجتك وأبناءك حولها يقولون لك: كل عام وأنت بخير، فما مقدار الفرح والسرور الذي ستناله جراء هذا العمل؟ وكيف سيكون تأثيره فيمن حولك؟
انتهى كلام فضيلته، والشيخ سلمان العودة له رؤية عصرية غيرت مفاهيم وقناعات موجودة منذ عشرات السنين، وفتواه هذه لاشك أنها أزالت نقاشاً حاداً استمر حيناً من الدهر حيال هذه الاحتفالات التي من شأنها أن تزيد روابط الألفة وزيادة أيام الفرح في حياتنا دون أن نحولها إلى أعياد مبتدعة بابتعادنا عن مصطلح (عيد) أما إذا راودتك فكرة الذهاب بعائلتك إلى مطعم يقدم طعامه بنظام البوفيه المفتوح للاحتفال بمثل هذه المناسبات، فتفاجئك فتوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان (عضو هيئة كبار العلماء) أن هذا البوفيه الشائع في المطاعم تعامل تجاري محرم، لعدم توفر شروط البيع الشرعية فيه وهي معرفة المبيوع ومقداره، وقد يستهلك المشتري كماً أكبر من المبلغ الذي دفعه وهنا وجه التحريم، وهذا أيضاً هو رأي فضيلة الشيخ محمد الشنقيطي (من درس عمدة الفقه) وقد أثارت هذه الفتاوى كثيراً من الردود والآراء فالاختلاف رحمة، ولا ندري ما رأي أصحاب الرؤى العصرية لإزالة اللبس عن الناس؟.
mk4004@hotmail.com