تتسابق مؤسسات المجتمع المدني لتقديم أرقى الخدمات على مستوى الفرد الذي سلم جميع مكتسباته لها.. ثقته ووقته وماله؛ كل ذلك يكون ويحدث بعيداً عن (المنَِّة) التي تتكرر على مسامعنا في مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة (نعتز بخدمتكم)..
فأساس هذه الخدمات يسير على النهج الإنساني لمواطني تلك الدول مكوناً هدفاً ثانوياً يسبقه أساس هذه الخدمات وهو المعنى الحقيقي لخدمة البشر واحترامهم وتقديرهم أعضاء داخل هذا المجتمع الحيوي أو ذاك بأساليب هي الأبهى والأزهى على الإطلاق.
نعيش متوسلين طامحين (متظللين) بظلال (ربما) و(سوف) لعل إحداهما أن تشفع لنا عند الأخرى لتسمح لذواتنا الحية بالعبور فنصل سالمين غانمين بلا مذلة أو تأخير أو ب(عفش) نصفه محطم والنصف الآخر منه مفقود!.
لم تكن الرحلة رقم (107) المتوجهة من الرياض إلى لندن فجر يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر رجب لهذا العام ، غريبة أو فريدة عن أخواتها الرحلات اللاتي اعتدن التأخير واستمرأن المماطلة في أوقات الإقلاع.
قدر لي هذا العام أن أرحل على متن الخطوط الجوية العربية السعودية فكان القرار بالإجماع للسفر على متنها وليتنا لم نجمع، اعتدنا على سماع تلك الأسطوانة ليل نهار من قبل موظفي الخطوط ومكاتب الحجوزات وهي بأن تصل إلى المطار على الأقل قبل الرحلة بساعتين!، ومع التجارب المتعاقبة لا أظن أن أحداً يمتلك أدنى مستوى من الإدراك سيتقيد بذلك الموعد لأنه يعلم يقين العلم بأنه على موعد لا يحتمل التأجيل أو التأخير مع (اللطعة) التي أصبحت من أساس المعاملات في مطار الملك خالد بالرياض، صعدنا وجميع الركاب على متن الطائرة قبل موعد الإقلاع المحدد في التذكرة وهو الساعة الثانية والربع صباحاً، فما لبثنا إلا والوقت يمر ويمر ويمر... وبعد أن كَلَّت أجسامنا من الجلوس أخبرنا أحد أفراد طاقم الطائرة بأن سبب التأخير هو عطل فني؟!، عجيب! عطل فني مفاجئ لطائرة ستحمل ذلك العدد من الأنفس في رحلة جوية طويلة ستمتد لست ساعات ونصف!، المهم أن الطائرة أقلعت بعد ساعات من السكون، ولم نسمع حتى عبارة اعتذار من طاقم الطائرة. ساعات من الانتظار المتواصل داخل الطائرة وبدون تكييف تلتها الرحلة لست ساعات ونصف أضف إلى ذلك أن جميع الركاب صعدوا الطائرة قبل الإقلاع بساعة أو بنصف الساعة عندها سيكون المجموع قرابة العشر ساعات..!؟، ولو علمنا بذلك التأخير لتوجهنا إلى سيدني أو إلى فانكوفر التي هربنا منها بسبب طول ساعات الطيران فالفارق ثلاث أو أربع ساعات فقط!؛ ولكنها الهدية التي تقدمها الخطوط السعودية لركابها قبل كل رحلة، التأخير بحد ذاته ليس أمراً طارئاً فالسائح ليس وراءه التزامات ضرورية (حتمية) مع أنه من المفترض على أقل تقدير أن يكون هناك احترام للمسافر مهما كان، ولكنني أحاول أن أكون واقعياً ومنصفاً، ولكن ماذا سيفعل من ربط ورتب مواعيده والتزاماته الخاصة على توقيت هذه الرحلة، كيف سيتصرف من تأخر لست أو سبع ساعات وهو على موعد ضروري لا يحتمل التأخير أو التأجيل وماذا سيكون موقفه؟ وهل ستتحمل الخطوط ولو جزءاً يسيراً من هذا التأخير.. أشك في ذلك.
من المسؤول عن إلغاء حجوزات هؤلاء الذين نسقوا أمورهم وقصوا تذاكرهم على ذلك الموعد، فيا تُرى هل ذنبهم أنهم لم يراجعوا مكتب الخطوط السعودية في لندن ليعرضوا أنفسهم للتفتيش (المذل).. أم أنها المكافأة والخدمة المتميزة التي تقدمها الخطوط لمسافريها قبيل كل رحلة؟!.
في يوم الجمعة الماضي 29 من شهر شعبان لهذا العام أقلعت بنا الطائرة من مطار (هيثرو) بلندن في وقتها لأنها ملزمة بذلك ولن يقبل المطار منها تلك الأعذار الوهمية؟ لتصل صباح يوم السبت وفي تمام الساعة الواحدة صباحاً وعندها بدأت معاناة جديدة وهي استلام (العفش) المحطم نعم المحطم.. ساعات طويلة من الانتظار المتواصل على السير الذي لا يحمل أرقاماً أو أي شيء يشير إلى أن هذه الرحلة قادمة من لندن أو من الصين؟! والركاب في حالة من الجري المتواصل ليقفوا كل خمس دقائق على سير مختلف وكانت الإجابات العائمة والمضللة تتردد على ألسنة موظفي الخطوط السعودية، أين المشرفون والمسؤولون في المطار لا أعلم ولا أحد يعلم.. وبعد ذلك الانتظار الطويل على سير (العفش) وصل ولله الحمد (بعضه) ولكنه لم يصل سالماً فكانت العمالة وبإشراف موظفي الخطوط تلقي بالحقائب يمنةً ويسرة وبأسلوب هستيري جنوني يثير الاستفزاز قبل الضحك يركضون على السير ليهشموا ما يمكن تهشيمه من الأغراض كل ذلك طمعاً في العشرة ريالات التي استلمها بعضهم من المسافرين فهذا يسحب تلك الحقيبة وعندما يجد بأن الرقم غير مطابق يقوم بركنها في أي زاوية في الصالة أو بإلقائها مرة أخرى على السير ليكمل مسيرة التكسير، ومما يثير الحزن عبارات الغمز واللمز من بعض الركاب الأجانب الذين صدموا بهذه الرعونة والاستهتار.
وعندما يستلم المواطن (المسكين) حقائبه وصناديقه (المهشمة) يأتي عمل موظفي الجمارك ليمارسوا بدورهم أسمى درجات الإذلال والسماجة فيهمون بفتح الحقائب وتوزيع عفشها هنا وهناك -علماً بأنهم قد رأوا ما بداخلها في الجهاز- وبعد ذلك يستخرجون الممنوع صندوقاً صغيراً جداً لا يتجاوز حجمه كف اليد وبداخله القليل من العود ومع كل ذلك يسأل الموظف ما هذا..؟! موظف سعودي يسأل عن البخور والعود ما هذا...!؟، فأجبته على مضض، وبعد ذلك خرجنا من المطار حاملين معنا تلك الصورة البشعة المشوهة التي رسمتها الخطوط السعودية ومصلحة الجمارك.. خرجت ولم تغب عن خاطري تعابير ذلك المواطن المسكين الذي أجبر على كسر حقيبته الفاخرة بعد أن نسيت زوجته رقمها السري وبعد أن فتحت ألقيت نظرة عابرة سخيفة على محتوياتها وطلب الموظف (النجيب) منهما أن يغادرا مع حقيبتهما المكسورة..!، الذي أعرفه أن هؤلاء يمتلكون أجهزة متطورة تكشف عن جميع محتويات الحقائب والصناديق دون فتحها ومن المفترض أن تراعى الخصوصية وألا تفتش الحقائب إلا لسبب وجيه ليس للتسلية والاستهتار والإذلال..!؟، الأمر الذي اعتاد فعله موظفو الجمارك (النجباء) بمطار الملك خالد الدولي بالرياض، فأين مدير عام الجمارك الأستاذ صالح الخليوي من هذه السلوكيات المهينة التي يرتكبها موظفو الجمارك بمطار الملك خالد الدولي بالرياض!.
إنها رسالة أخرى أجزم بأن آلاف الرسائل قد سبقتها قبلي إلى معالي المهندس خالد الملحم مدير عام الخطوط السعودية الذي استبشرنا خيراً بتوليه زمام الأمور في هذا الصرح الكبير، وأنا على ثقة بأنه لن يقبل بأي خلل أو قصور في مهام الخطوط، فكل هذه الأخطاء والسلوكيات تُؤثر في الصورة العامة لهذا الوطن المعطاء.
alfaisal411@hotmail.com