Al Jazirah NewsPaper Friday  05/09/2008 G Issue 13126
الجمعة 05 رمضان 1429   العدد  13126
مساهمو شركات التأمين متخوفون من عدم تصحيح أوضاعها
ترقب شديد يفقد المؤشر 394 نقطة.. والسيولة عند أدنى مستوى في عامين

د. حسن الشقطي:

أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 8505 نقاط خاسراً حوالي 394 نقطة عن مستواه في الأسبوع الماضي.. وقد تفاقمت حالة تراجع مستويات السيولة المتداولة منذ الاثنين الماضي بشكل لافت للنظر تزامناً مع أول أيام شهر رمضان، وسجلت السيولة المتداولة حوالي 2.1 مليار ريال، وهو أدنى مستوى لها منذ عامين تقريباً.. ورغم حالة الركود التي أصابت السوق فقد دخل المؤشر في مسار هبوطي جديد، وبدا واضحاً أنه غير قادر على اختراق أي مقاومات جديدة أو قديمة، بل إن أماني المتداولين باتت تتمحور حول حفاظه على مستواه الحالي.. ورغم أن الكثيرين يعولون على الركود الرمضاني إلا أن وضعية السوق لتؤكد أن الركود هو وضع متصل لحالة الاضطراب والتراجع المستمرة منذ عدة أسابيع.. فلماذا هذا التدني المتواصل في السيولة؟ وماذا يترقب أصحاب المحافظ الاستثمارية الكبيرة؟ وممَّ يخافون؟ وما هو الوافد أو القرار الجديد الذي يمكن أن يتسبب في كل هذا الخوف؟

رمضان أم الترقب؟

حالة التراجع والضعف التي عاشها السوق خلال الشهرين الماضين، والتي بررها الجميع بأنها نتيجة الإجازة الصيفية، ثم حالة التراجع هذا الأسبوع الذي يبرره البعض بأنه نتيجة لدخول شهر رمضان غير منطقية.. نعم في شهر رمضان تركد حركة التداول وتضعف السيولة المتداولة.. ومع ذلك فالاعتقاد أن رمضان الحالي ليس مسؤولاً عن تراجع المؤشر.. بل إن السوق يمر بحالة من الترقب الشديد لصدور قرارات جديدة لهيئة السوق هي السبب وراء هذا الضعف الشديد في حركة التداول.. رمضان ليس مخيفاً لأحد، والإجازات ليست على الدوام وبالاً للمؤشر، ولكن الخوف من التغيرات التي أرهقت المتداولين في متابعتها ومتابعة آثار استحداثها في السوق هو السبب الرئيسي وراء ما يحدث.. وأعتقد أن هناك إما توقعاً أو تأكداً لدى عموم كبار المستثمرين بأن هناك نظاماً جديداً (غير نظام الهلل المعلن عنه الأربعاء) على وشك التطبيق وربما يكون نهاية هذا الشهر هو موعده.

دورات صعود لقطاعات خاصة.. كيف تحدث؟

خلال الفترة من نوفمبر حتى يناير الماضي تقريباً انتعش قطاع البتروكيماويات ككل بقيادة كيان وينساب وسابك، واعتقد الجميع حينها أن الاستثمار قد تأصل في السوق، ولكن ما لبث أن انتهت دورة القطاع ولا يزال حتى تاريخه يدور في رحى أمواج السوق بعد فقدانه معظم مكاسبه.. ثم بدأ قطاع البناء والتشييد خلال أبريل - مايو الماضيين في تولي المسيرة بقيادة أمانتيت والخزف وأنابيب، وهو أيضا يعيش الآن حالة من الاضطراب والتراجع.. إذن السوق لا يزال مشبعاً بالمضاربات ولكنها تختلف عن الماضي في أنها أصبحت غير ملحوظة، وما إن يتعرف المتداولون على مناطق الربحية في السوق حتى يتنقل قائدوها إلى مناطق أخرى.

الإصلاحات الجديدة وكبوات

السيولة المتداولة بين الماضي والحاضر

في الماضي كان يسهل على المتابعين أن يشهدوا قيم تداول يومية تصل إلى 30 أو 40 مليار ريال يومياً رغم أن عدد الشركات كان لا يتجاوز 80 شركة، ورغم أن التداول كان قاصراً على الأفراد والشركات السعودية فقط.. الآن وبعد إصلاحات كبيرة وبعد زيادة عمق السوق ليصل عدد شركاته إلى 125 شركة، والسماح للعديد من الفئات الجديدة بالتداول في السوق (الخليجيين والمقيمين والأجانب غير المقيمين بالتبادل) وبعد ضبط التلاعبات وتحجيم دور المضاربين وبعد تعزيز الشفافية وصدور قوائم كبار الملاك.. رغم كل ذلك فإن قيم التداول انحدرت إلى مستويات ما بين 2 و10 مليارات ريال، وبات واضحاً أن تجاوز الـ10 مليارات إنما يحتاج إلى أوضاع استثنائية.. فماذا حدث؟ ولماذا هذا التدهور؟ من المؤكد أن هناك خطأ أو أخطاء لم تدركها الهيئة حتى الآن.. إن هيئة السوق فعلاً ترغب في ضبط المضاربات، ولكنها بدون شك لن تسعى إلى كبت أو تحجيم التداول.. إنّ لسان الحال ليقول إنه ينبغي بجد أن تسعى هيئة السوق لمعرفة مصادر الأزمة الحالية، كيف ولماذا تحدث؟ ومَن وراءها؟ إن تراجع حجم السيولة المتداولة في شهر أغسطس بحوالي 35% عن شهر يوليو يعتبر مبرراً كافياً لفتح باب التساؤل عن فحوى أزمة السوق الحالية. بل ألا يعتبر فقدان المؤشر لنحو 23% من قيمته خلال الشهور الثمانية الماضية مبرراً كافياً للبحث عن السبب؟

شركات التأمين وتصحيح الأوضاع

إصلاحات هيئة السوق رغم أهميتها ورغم ما قدمته للسوق من تحسينات إلا إن بعضاً من هذه الإصلاحات قد ينتقد وخاصة في فترة حدوثه.. ويعتبر التعجل في السماح بإدراج شركات التأمين من أبرز الحالات التي يخشى أن تمثل كبوة حقيقية لأداء السوق.. فسوق التأمين ليس مستقراً منذ ثلاث سنوات، وصدر نظام جديد لمراقبته، وقامت مؤسسة النقد بأدوار رقابية, ووضعت اشتراطات صارمة لعدم تكرار مآسي دخول ثم تصفية شركات التأمين التي أدت إلى خسائر كبيرة لشرائح عريضة من الأفراد المؤمن عليهم في السوق..

ومع ذلك، ورغم عدم استقرار أوضاع هذه الشركات الجديدة فوجئ الجميع بسرعة كبيرة في طرح هذه الشركات، بل في إدراجها وتداولها.. أكثر من ذلك، فقد سمحت هيئة السوق بشكل أو بآخر بتضخم هائل في أسعار هذه الشركات منذ اليوم الأول لإدراجها.. وهي تسجل الآن انخفاضات واحدة تلو الأخرى في تصحيحات منفردة.. والآن تفاجئ مؤسسة النقد الجميع بأنها بصدد إعطاء مهلة أخيرة لشركات التأمين لتصحيح أوضاعها بما فيها الشركات المدرجة بسوق الأسهم.. وهنا يثار التساؤل: ماذا إذا فشلت بعض من هذه الشركات فعلاً في تصحيح أوضاعها؟ هل ستصفى؟ وإذا صفيت كم ستبلغ أسعار تصفيتها من أسعارها السوقية الحالية؟

السوق رهن كبار الملاك

أصعب سؤال قد يواجه المرء: هل لا يوجد مستفيد أو رابح في السوق الآن؟ بالطبع الإجابة: بلى يوجد الآن رابحون ومتحكمون بالسوق وبشكل شرعي ومسموح به.. إن السوق الآن لم يعد رهناً بتحركات القطيع إلا في حالات خاصة، وأصبح رهناً بتحركات كبار الملاك.. وحتى كبار الملاك فقد انقسموا قسمين: الأول كبار ملاك الحماية، وهم الصناديق الحكومية التي لولاها لحدثت بالسوق كوارث كبيرة، والقسم الثاني وهم كبار الملاك المنتفعون: وهم أفراد وشركات (سعوديون وخليجيون) ووسطاء، وانضم إليهم مؤخراً بعض الأجانب غير المقيمين.. لقد قامت الدنيا عندما تم الإعلان عن نشر قوائم كبار الملاك، ولكن الآن هل يوجد لها أي فائدة لصغار المستثمرين؟ مجرد معلومات غير مؤثرة، ولكنها مؤثرة جداً ونافعة فيما بين كبار الملاك.. إن أنظمة الحاضر بالسوق قد قننت احتكارات الماضي حقاً، ولكنها لم تمنعها.

* محلل اقتصادي


Hassan14369@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد