حدثني من أثق به من رجال قبيلتي عنزة من كبار السن قال: جاءنا حين من الدهر ونحن في صحراء (الحماد) التي تمتد بين المملكة والعراق وسوريا والأردن وقررنا الاكتيال من أقرب مدينة إلينا وكانت (الرطبة) العراقية هي أدنى المراحل فجمعنا رجال القبيلة الذين ينوون الاكتيال من القمح والتمر و(التمن) الأرز العراقي الشهير وكذلك جلب ما نحتاجه من قهوة وشاي وخام للملابس ثم سرنا باتجاه مدينة الرطبة وكان طريق القافلة يمر ب(خبراء جافة كبيرة المساحة، والخبراء لمن لا يعرفها هي أرض منخفضة ليس فيها شجر أو حجر تتجمع فيها مياه الأمطار في الشتاء لتبقى مورداً لعدة أشهر، وهي حينما تجف من الماء تبدو صفحة رملية ملساء كراحة الكف يقول الرجل المسن: إننا حينما مررنا بتلك الأرض البلقع رأى أحد رجالنا بيتاً للنمل فوقف متعجباً كيف يعيش النمل في هذا المكان الذي لا يوجد فيه قشة أو عود، ثم أخذ يهز رأسه آسفاً على حال النمل بقوله (لا حول ولا قوة إلا بالله) ثم مضت القافلة والرجل مشغول البال بأمر النمل وبالطبع حينما وصلنا المدينة وحملنا جمالنا باحتياجاتنا سرنا عائدين لنلحق بأهلنا الذين يظعنون في صحراء الحماد، وكان طريق العودة يمر بذات الخبراء التي مررنا بها في الطريق إلى الرطبة، وما إن اقتربنا من بيت النمل حتى جفل جمل من جمالنا فألقى أحماله على الأرض و(انبجدت) إحدى (عدول) القمح فتناثر (الحب) حول النمل وتوزعت حبيبات الحنطة في الأنحاء، ومن غريب الصدف أن الجمل الجافل كان يخص ذات الرجل الذي تعجب من خلو بيت النمل من أي مصدر قريب للاعتياش وهنا جمعنا قائد القافلة وأمرنا بالصلاة شكراً للرازق الواهب من حيث لا يحتسبون والذي رزق النمل من مال ذات الرجل الذي تساءل عن رزق النمل.
****
أما القصة الثانية فهي تحكي عن استراحة قهوة أقامها رجل سعودي بين الكويت ومدينة حفر الباطن، إذ إن الرجل حينما بناها في ذلك الموقع لم يكن يتوقع أن لا يمرها أحد لا سيما وأن الطريق بين الكويت والباطن ليست طويلة لسائر محطات المملكة، لذلك لم يقف عند تلك المحطة أحد حتى سماها الناس (قهوة خسارة) والتي هجرها صاحبها وأصبحت ملاذاً للحمير والكلاب الضالة، ولكن حينما شاء الله لها الرزق جلب لها زبائن من جميع أنحاء الأرض وذلك حينما تجمعت القوات المشتركة لتحرير الكويت وكان مركز تجمع القوات حول قهوة خسارة فأحياها صاحبها ولم يتوقف عن البيع ثانية واحدة من كثرة الزبائن الجنود وطلباتهم وكان أن ربح في سبعة أشهر ما يعادل أضعافاً مضاعفة لكل ما خسره في سبع سنوات خلت.
****
أما القصة الثالثة فهي عن صديق فلسطيني كان يعيش في الكويت حتى الأزمة فهذا الصديق الطيب القلب الباسم الثغر والساخر من كل شيء إلا أنه سيئ الحظ فإذا توظف لا يستمر بوظيفة لأكثر من 6 أشهر وإذا مارس التجارة خسر وإذا قعد في البيت تأتيه المشاكل من حيث لا يحتسب، وقد قضى عمره في الكويت بلا وظيفة ولا مستقبل ولا ما يحزنون وحينما عاد إلى الأردن قرر الانتحار ولكن صديقاً أخذه للبحر الميت ليروح عنه فرأى الناس تغمر أجسادها بطين البحر وتأتي الله من كل صوب فقال لماذا لا أحمل الطين للناس في الصيدليات فأخذ يتاجر بالطين حتى اتسعت تجارته وامتدت إلى العالم فأصبح من الأثرياء!.